المرسوم الملكي بالعفو عن أكثر من 1400 من المحكوم عليهم لدواع إنسانية لخص وزير الخارجية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني جانباً من خلفياته بقوله إنه «يمثل لفتة أبوية حانية تعكس النهج الإنساني الراسخ في الرؤية الإصلاحية الشاملة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى»، ومثله قال كل الذين عبروا عن فرحتهم به.

الجانب الآخر من خلفيات المرسوم رآه الذين شاهدوا أحد الفيديوهات التي انتشرت وتضمنت تعبير بعض من شملتهم المكرمة وأهاليهم عن فرحتهم والتي منها على سبيل المثال ذلك الأب الذي كان قد فرغ للتو من حضن ابنه المفرج عنه وتحدث إلى الكاميرا بعينيه اللتين قال بهما ما لم يتمكن لسانه من الإفصاح به وملخصه الشكر الجزيل لصاحب الجلالة وعضيديه سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد وأنه لن يسمح لابنه أن يكرر الخطأ الذي ارتكبه أبداً، وملخصه كذلك أنه لن يسمح لمن «زهزه» له أن يضحك عليه من جديد، وملخص كل ذلك هو أن العطاء إن لم يكن للوطن ولأهل الوطن وقيادته لا قيمة له ولا يصنف في باب العطاء.

بهذه المكرمة السامية «يعزز صاحب الجلالة الملك المفدى مبادئ التسامح والعفو، ويغلب النهج الخير الداعي إلى الإصلاح ومراعاة الحالات الإنسانية» كما قال الوزير الزياني، وكما يقول كل ناظر بموضوعية إلى هذه المكرمة - فرداً كان أو منظمة حقوقية - فجلالته فتح بذلك «أبواب الأمل والمستقبل أمام من خالف القانون منهم وساعدهم في العودة إلى الحياة الاجتماعية الطبيعية».

ليس من منصف وموضوعي وعاقل إلا ويقول إن «هذه الخطوة المباركة من جلالة الملك المفدى تعبر عن الحكمة والرؤية الثاقبة والقيم المتأصلة في وجدان جلالته وفكره، ودليل ناصع على حرص جلالته الدائم بأن تكون البحرين نموذجاً فريداً ورائداً في أدائها ومسيرتها السياسية ونهجها الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان في إطار النهج الإصلاحي الشامل لجلالته»، كما جاء في تصريح وزير الخارجية.

المثير أنه مقابل التصريحات الإيجابية الكثيرة وطرق التعبير عن الفرحة بالمرسوم الملكي لم يصدر من الذين كانوا قد تسببوا على الكثيرين ممن شملتهم المكرمة أي تعليق موجب بل إنهم أوهموا أنفسهم بأمور وتفرغوا للتحليل السالب فكشفوا من دون أن ينتبهوا جانباً من السوء والتفكير العاطل الذي أخفوه عن الناس طوال الفترة الماضية. المثير أكثر هو أنهم يعتبرون مثل هذه الخطوة ضربة لهم وإساءة، وليس من تفسير لهذا سوى أنهم يدركون بأن الخطوة تخسرهم كل من استفاد منها ممن تمكنوا من عقله فترة من الزمن وتخسرهم تعاطف أهاليهم، ذلك أنه ليس من العقل أن يلدغوا من الجحر ذاته مرتين.

في كل الأحوال ليس من الإنصاف لوم هؤلاء وعتابهم لأنه لا قيمة لتثمينهم لهذه الخطوة، اللوم والعتب يقع على المنظمات الحقوقية الدولية وكل مجموعة تعتبر نفسها من المدافعين عن حقوق الإنسان لو لم يصدر عنهم ما هو إيجابي ويثمن ما تفضل به صاحب الجلالة الملك المفدى، فسكوتهم أو ترددهم عن إصدار بيان موجب يعني أنهم بعيدون عن الموضوعية وأنهم دون فهم معنى حقوق الإنسان ومعنى الحرية.

مسؤولية «محاكمة» هذه المنظمات والمجموعات تقع في الدرجة الأولى على عاتق المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي عليها أن تستفيد من هذا الحدث لإحراجها وكشف الجانب الخفي منها ومن تفكيرها، فعندما تنادي هذه المؤسسات بحقوق الإنسان وتقول إنها تسعى لينال من تدافع عنه وتتحدث باسمه الحرية ثم تتردد عن تثمين خطوة كهذه لا يجرؤ على خطوها كثيرون فإنها تؤكد بأنها أقحمت نفسها في مجال ليس من اختصاصها.

حفظ الله صاحب الجلالة الملك المفدى وجزاه خيراً.