أكثر ما نفخر به في البحرين، أننا نمتلك حساً وطنياً عالياً لدى الشريحة الغالبة من المواطنين، بالأخص ممن يوضعون في اختبارات مهنية لمواجهة ظروف صعبة وطارئة.

واليوم سنجد أن الطواقم الطبية من أطباء وطبيبات، وممرضين وممرضات، وكل من له واجب مختص في الجانب الطبي، كلهم يبذلون جهوداً جبارة ومضاعفة، بل مضنية، لأجل التعامل مع تفشي فيروس كورونا الذي صنفته منظمة الصحة العالمية كـ«وباء».

لا بد من تذكر نقطة هامة جداً، أجزم بأن كثيرين يمرون عليها مرور الكرام، في ظل الأخبار التي تنتشر بسرعة وتتوالد بشأن الفيروس، ألا وهي دور كل فرد ينتمي للجسد الطبي في البحرين، إذ لا تشافي دون معالجة، ولا تأكد من السلامة دون فحوص، وهذا ما يقوم به هؤلاء الأبطال.

اليوم إن كانت البحرين نجحت في التعامل مع هذا الوباء، وحجمت من عملية انتشاره، وتكللت الجهود بشفاء أعداد كبيرة، فإن هذا يعود لفضل الله ثم توفيقه لجهود كوادرنا الطبية جميعهم دون استثناء، وهو أمر يجعلنا كبحرينيين نفخر بأن لدينا هذه الكتيبة المخلصة مهنياً ووطنياً، وتداعيها وتضحياتها ومخاطرتها بأنفسها وسلامتها.

لكن مثلما قلنا دائماً بأن الدولة عبر أجهزتها الرسمية لن تتصدى لظاهرة تفشي فيروس كورونا لوحدها، لأن طرف المعادلة المهم أيضاً يتمثل بالمواطن، هذا المواطن الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته ويقوم بواجبه.

المشكلة أننا نرى حالات تبين التساهل في عملية فهم «مسؤولية المواطن»، وكأن بعض الناس تأخذ الأمور بالمسلمات، وترى أن دورها لا يعني قيامها بأي شيء، وهذا فهم غير صحيح، لأن المواطن إن لم يستوعب أن عليه مسؤولية وأنه شريك في كل شيء، فإننا نواجه مشكلة بالفعل.

اليوم الأرقام التي تعلن، والحالات التي ترصد، خاصة الحالات التي لا تلتزم بعملية الحجر والعزل المنزلي، تبين أن هناك نوعاً من «الاستهتار» غير المقبول في ظل «الاستنفار» الشامل الذي تقوم به الدولة، والذي يتفاعل معه الغالبية.

هناك حالات فردية لم تلتزم بالإرشادات والتعليمات، فأدى ذلك لتفشي الفيروس، وإصابة أناس أبرياء لا علاقة لهم سوى عملية «المخالطة»، وهذا ما أدى لبذل جهود أكبر، كان يمكن تجنبها لو تمثل الجميع بمسؤوليته، ولو التزم الكل بالإجراءات والتعليمات.

كل ما يحصل قد يسبب لي الإحباط لو كنت أحد عناصر الطاقم الطبي الذي يعمل ويجتهد ويضحي ويخاطر بسلامته، فقط لأجل سلامة الآخرين. إذ أتخيل أن هؤلاء الأبطال من العاملين في السلك الطبي وهم بعد كل التعب والجهد يرون بأن الحالات تكثر فقط لأن الناس لم يلتزموا بمسؤوليتهم.

لذلك رسالتنا ومناشدتنا هنا لجميع المواطنين والمقيمين، بألا تضيعوا جهد هؤلاء الساهرين على راحتكم، فهؤلاء الأطباء والممرضون والمسعفون وغيرهم هم اليوم على «جبهة» حالهم حال الجندي والشرطي الذي يقف على «جبهة» لحماية الوطن وأهله. هم يعملون لأجل حمايتكم وتجنيبكم الخطر ومعالجتكم إن لا سمح الله أصبتم بهذا المرض.

نرجوكم لا تضيعوا جهودهم، لا تحبطوهم، لا تصعبوا الأمور أكثر عليهم، فهؤلاء بسبب قسمهم لمهنة الطب الإنسانية، وبسبب وطنيتهم وإخلاصهم للبحرين، يخاطرون بسلامتهم لأجلكم، فتمثلوا بدوركم ولا تذهبوا تعبهم عبر الاستهتار والتساهل.