حتى ولو أننا في «منطقة آمنة» في البحرين ولله الحمد، وذلك بفضل تعاطي الحكومة الموقرة والشعب مع التعليمات الخاصة بالقضاء المبكر على مرض «كورونا»، إلا أن العزل المنزلي يجب أن يكون ساري المفعول حتى القضاء عليه نهائياً.

في أحد اللقاءات المهمة لأحد الأطباء الشباب في البحرين، حاول من خلاله تسليط الضوء على «فلسفة العزل» -إن صح التعبير-، ليبين لنا ما ينبغي أن نحذر منه وما ينبغي الاحتراز منه، وما هي فكرة العزل؟

يقول الدكتور، بأن اتِّباع التعليمات الخاصة بالعزل في غاية الأهمية، فهي لابد أن تسير بشكل متوازٍ مع خطة الدولة عبر مؤسساتها الصحية للعلاج المخصص للمصابين بالمرض، والتي مقارها مشافي البحرين ومراكزها الصحية وأماكن الحجر الصحي. هذا هو الواضح، وهذا هو المشاع والمعروف عند غالبية الناس.

لكن، ما هي فلسفة العزل نفسه؟ ولماذا التشديد عليه؟ ولماذا تطلب الدولة منَّا أن نعزل أنفسنا اجتماعياً، وذلك بعدم الاختلاط بشكل نهائي مع المجاميع البشرية؟ يؤكد الدكتور الشاب، أن عدم التزام الناس بالعزل المنزلي يعني، إصابة أكبر قدر من الناس بالمرض بسبب سرعة العدوى به، مما يعني ربما فقدان السيطرة على الأعداد الكبيرة التي ستتعرض للمرض. وبذلك، ستتعرض منشآتنا الطبية لضغط هائل غير محتمل. وهنا تكمن الخطورة.

ولنعطي هنا مثالاً لتوضيح الفكرة. إذا كانت مستشفياتنا وكوادرنا الطبية في البحرين، لها طاقة استيعابية لاحتواء مصابين بمرض فيروس كورونا يقدر عددهم بنحو 500 مصاب كحدٍّ أقصى، وأن عدم فرض العزل المنزلي في نظر أصحاب القرار، سيضاعف العدد-على سبيل المثال- لأكثر من 4000 مصاب، فنحن بذلك خلقنا ضغطاً غير محتمل على منشآتنا الصحية والطبية وحتى على إمكانياتنا من حيث أعداد الأجهزة والأسرَّة وغيرها، مما يعني فقدان السيطرة تماماً على هذه الأعداد، وخروجها من بين أيدينا، وهذا ما حصل لإيطاليا تماماً. حيث إن عدد المصابين هناك، فاق القدرة الاستيعابية للمرضى بشكل رهيب للغاية، مما شكل انفلاتاً حقيقياً للأمن الصحي، فارتفعت الوفيات بشكل خرافي جداً بسبب استهتار الكثير بفكرة العزل، وليس بسبب المرض نفسه.

البحرين، لا تريد الوصول إلى هذه المناطق غير الآمنة- كما ذكرنا في بداية حديثنا هذا- في محاربتها لفيروس كورونا، ومن هنا فرضت العزل للحد الأقصى من أجل عدم تفشي الإصابات وتزايد أعدادها بشكل كبير للغاية، ليس لأن المرض هو أخطر ما يمكن تصوره من بين الأمراض الأخرى، كلا، وإنما الفكرة تحوم حول السيطرة عليه من خلال العزل، للقضاء عليه في زمن قياسي، وليس من خلال تهويله وتخويف الناس بسببه.

حين نفهم «فلسفة العزل الصحي» بهذه الطريقة، فإننا بذلك سنضرب عصفورين بحجر واحد. ستتقلص عدد الإصابات بالمرض للحد الأدنى، والأمر الآخر، هو عدم الضغط على كوادرنا الطبية بشكل لا يطاق، مما يعني تفرغهم التام والمريح لمعالجة المصابين والعناية بهم. هذا الفهم هو ما نتمنى أن يصل لكل أبناء البحرين الأعزاء. وشكراً لكل منعزل يساهم بعزله الصحي في محاربة الدولة للمرض.