الرأي

قعدة البيت ولا قعدة القبر.. والخالة والعمة المربية بحاجة لقرار

هم أفهم مني ومنك.. هم لديهم الصورة كاملة مهما ثقفت نفسك واطلعت على مخاطر فيروس كورونا.. بعضهم لا يستطيع مخالطة أهله وأطفاله لأجلك أنت ويعمل لأكثر من ساعات عمله ويجاهد ويسابق الوقت وفوق رأسه ضغوطات الدنيا كلها لأجل حمايتك فقدر جهودهم وأقل تقدير هو استماعك لإرشاداتهم ونصائحهم بعدم مغادرة المنزل إلا للضرورة.

الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا في مملكة البحرين والطاقم الطبي والتمريض يقوم بجهود جبارة لمنع تفشي كورونا داخل المجتمع البحريني فلا تكون المعول الذي يهدم كل عملهم وجهدهم الطيب ولا تكن ممن تنطبق عليه كلمة «زاد الطين بله» وهم في ذلك لا يريدون أي شكر وتقدير منك فإن جاء فهذا شيء يفرحهم طبعاً لكن الأهم أن تقدرهم باحترام تعليماتهم وتوجيهاتهم وتنفيذها حرفياً حتى لا تزيدهم فوق الضغط الذي هم فيه بتسببك بنشر الفيروس عبر مخالطة الآخرين وعدم الالتزام بالحجر المنزلي ولنفكر بطريقة جلسة في المنزل لمدة أسبوع أو أسبوعين وتجنب مخالطة العالم الخارجي حتى لو كان مللاً وما في أي برنامج غير مشاهدة التلفاز وهاتفك الذكي ولا جلسة المستشفى مع أجهزة إنعاش بعيد الشر وقد تكون نهايتها وخيمة وتصل إلى قعدة القبر لا سمح الله!

انظروا لمأساة دول العالم من حولنا بالأخص تلك التي لم تتعامل بجدية مع هذا الفيروس القاتل ولم يلتزموا بتحذيرات تجنب التجمعات والاختلاط أبرزها إيطاليا على سبيل المثال التي في بداية انتشار فيروس كورونا تهاونوا معه كفيروس واعتبروه مجرد نوع من أنواع الإنفلونزا.. خلال يومين تم تسجيل أكثر من 475 حالة وفاة خلال 24 ساعة وفي اليوم التالي تسجيل 793 حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا وقفز إجمالي الوفيات إلى 4825 بمعدل 33 وفاة كل ساعة وعدد الإصابات أكثر من 5 آلاف وقد تجاوزوا الصين، وإيطاليا دخلت ما يسمى بكارثة طب الحروب وتعتبر أرضها من أكبر مقابر وفيات فيروس كورونا وقد صرح رئيس وزراء إيطاليا جوسيبي كونتي: لقد فقدنا السيطرة والوباء قتلنا نفسياً وبدنياً وعقلياً ولم نعد نعي ماذا سنفعل.. لقد انتهت جميع الحلول على وجه الأرض.. الحل متروك للسماء!

طب الحروب المطبق في إيطاليا اليوم بعد انهيار نظامهم الصحي علماً بأن النظام الصحي الإيطالي من أفضل الأنظمة الصحية عالمياً المقصود به أن يختار الأطباء من يعيش ومن يموت وأمام تكاثر عدد الإصابات والحالات الحرجة يتم وضع التنفس الاصطناعي للأصغر سناً ونزعه من الأكبر سناً وعندما يكون أمامك مريضان وسرير طبي واحد تختار من تعالجه ومن تتركه وقد تم إلغاء الامتحان النهائي في إيطاليا وتخريج طلبة الطب والتمريض قبل 9 شهور من الموعد الأصلي حتى يتمكنوا من مساعدة الجهات المختصة في مقاومة كورونا وقد تم تكليف الجيش بنقل الجثث شمال شرق ميلانو إلى أقاليم مجاورة أقل اكتظاظاً لدفنها أو المساعدة على إحراقها بعد أن تكدست في أفران الحرق حيث تعمل خدمات دفن الموتى بأكثر من طاقتها!

هذا الكلام نستعرضه حتى يفطن البعض إلى الحاجة الملحة لأهمية الالتزام بالبقاء في المنزل فإن لم تكن مكترثاً بنفسك اكترث على الاقل بأفراد عائلتك فانتشار الفيروس قد يتسبب بإرباك المنظومة الطبية والصحية في مملكة البحرين رغم التأكيدات المستمرة أنها تستوعب ولله الحمد ولكن لابد من الحذر من مسألة إيصال الوضع الصحي إلى وضع مشابه بعيد الشر إلى ما جرى في إيطاليا والصين في استنفار الجهات المسؤولة وتحميلها ضغطاً أكبر من طاقتها مما قد يتسبب لنا بالكوارث بالأخص أننا في مملكة البحرين في بلد صغير المساحة والفيروس الذي من الممكن أن يتفشى في بلد آخر خلال أسبوع قد تكون سرعة تفشيه لدينا في ظرف يومين بسبب طبيعتها الجغرافية وتركيبة مجتمعنا المتداخل.

علينا أن نحترم كل القرارات الصادرة ونلتزم بها وهذا الكلام لا يخص المواطنين فحسب بل حتى أصحاب المحلات التجارية والمجالس الشعبية والقاعات الرياضية فقد ارتفعت نسبة الإصابات من المخالطين وكما ذكر عضو الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا د. مناف القحطاني أن 29.5 % من الحالات المصابة في البحرين للمخالطين وهذه نسبة قابلة للازدياد لا سمح الله إن خالف البعض اشتراطات التدابير الوقائية ولم يلتزم بالجلوس في منزله ومعنى الجلوس في منزله لا يعني أن نشاهد ما شاهدناه الأسبوع الفائت من مظاهر تعكس عدم إدراك خطورة الوضع من خلال التجمعات العائلية للاحتفال بيوم الأم وجمع كل كبار وصغار العائلة وتنظيم احتفالات ومهرجانات عائلية داخل المنازل بل هناك أمام إغلاق صالات المناسبات والأعراس من أقام احتفال خطبته أو زواجه في المنزل وقام بدعوة الأصدقاء إلى جانب أفراد عائلته «يا بو زيد كأنك ما غزيت!!».

عدد من المواطنين قدموا شكاواهم لنا أمام المشاهد الحاصلة الأسبوع الماضي فمعظم الحدائق والمنتزهات والسواحل كانت مزدحمة على الآخر ومكتظة بالمواطنين والمقيمين وكأنهم عوضوا إغلاق المطاعم بالاتجاه إلى الأماكن المفتوحة فهناك منهم من يعتقد أن الوضع ليس بخطر إن تواجد هو وعائلته في مكان مفتوح لا مغلق وهذا الأمر يجعلنا ندعم قرار فرض حظر التجول الجزئي فهو الأكثر ضماناً أمام أشخاص لا يودون الالتزام ولا يقدرون خطورة الوضع وأنهم بتصرفاتهم المستهترة يلقون بأفراد المجتمع وأهالي مناطقهم إلى التهلكة.

من الملاحظات المتكررة التي وصلتنا أيضاً أن هناك جهات لم تنفذ حتى يومنا هذا التوجيهات الملكية بإبقاء الأم الموظفة في المنزل وهناك جهات لا تزال متأخرة في تنفيذ قرار إبقاء الموظفات الحوامل والمرضعات بالمنازل كما أن هناك فئات تحتاج لمراعاتها وجعلها ضمن هذا القرار وهم فئة المواطنات اللاتي يقمن بتربية ورعاية أبناء الأخت المتوفاة أو ممن هم في وضع صحي سيء كغيبوبة أو أمراض مزمنة ويرقدن بالعناية والخالة أو العمة أو الجدة الموظفة هي من تتولى تربية ورعاية الأبناء فهناك حاجة أن يشملهن هذا التوجه السامي.