أصدرت إدارة الأوقاف السنية، بياناً حول تشغيل القرآن والأدعية من خلال مكبرات الصوت في المساجد، أكدت فيه أن هذا الأمر لا أصل له في الشريعة الإسلامية، وتشغيلها من غير إنصات ولا متابعة ولا تدبر ليس من تعظيم كتاب الله تعالى، وليس هذا من دلائل الأخذ بالأسباب المشروعة، بل فيه إزعاج للمؤمنين، وتشويش على العباد، وإيذاءٌ للمرضى والشيوخ والنساء في البيوت.

وفيما يلي نص البيان:

"المشروع للمسلم والمسلمة في أوقات البلاء والوباء الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى والإنابة والتضرع إليه، والالتجاء إليه، ومراجعةُ العلاقة به، وعلى المسلم والمسلمة أن يلازموا التوبة إلى الله من ذنوبهم والبعد عن أسباب سخطه، والإكثار من ذكر الله، وتحصين النفس بالأوراد الشرعية، مبتغين بذلك وجه الله، مقتدين بنبيه ﷺ، وكم في السنة من كنوز في هذا المقام، منها حديث: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» و﴿قُلْ هُواللَّهُ أَحَدٌ﴾ والمعوذتان حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء، و«من تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر». و«الحبة السوداء شفاء من كل داء» و«إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. يقال له: هديت وكفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان».

ومن مأثور دعائه ﷺ: «اللهم إني أعوذ بك من البرص، والجنون، والجذام، وسيئ الأسقام»، إلى غير ذلك مما ورد في السنة مما يحصل به تحصن الإنسان بربه واعتصامه به، وحمايتُهُ من كل سوء بإذن الله تعالى، ومن ذلك قنوت النوازل في الصلوات المفروضة ليرفع الله الكرب ويكشف البلاء عن المسلمين.

ومما يذكر في هذا المقام أهمية مراجعة المسلم نفسه مع فرائض الله تعالى وحدود ومحارمه، ومع حقوق الناس من المظالم والأمانات، ومع أرحامه وجيرانه، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة .

وليستكثر المسلم والمسلمة من أبواب الخير هذه الأيام من الصدقة وصلة الأرحام والإحسان إلى الجار وإعانة المحتاجين والفقراء والأيتام والأرامل، فصنائع الخير تقي مصارع السوء .

وليحرص المسلم والمسلمة أن تكون أعمالهم وقرباتهم صحيحة مقبولة ، وقبول الأعمال والقربات شرطه الإخلاص لله تعالى والاتباع لنبيه ﷺ ، وأبواب الخير والطاعات والذكر والرقى الشرعية كثيرة في ديننا مما يغني عن إحداث جديد وحث الناس عليه .

وفيما تقدم من الوجوه المشروعة غُنيةٌ عن تشغيل القرآن والأذكار الجماعية في المكبرات الخارجية للمساجد والجوامع، وهذا لا أصل له في الشريعة الإسلامية، إضافة إلى أن تأثير القرآن والأذكار والرقى الشرعية على الإنسان يحصل بالتواطئ بين القلب واللسان والتعلق بالله تعالى، والتدبر لما يقرأ .

أمَّا تشغيلها من غير إنصات ولا متابعة ولا تدبر فليس هذا من تعظيم كتاب الله تعالى، وليس هذا من دلائل الأخذ بالأسباب المشروعة .

بل فيه إزعاج للمؤمنين، وتشويش على العباد، وإيذاءٌ للمرضى والشيوخ والنساء في البيوت، وفي الصحيحين أن أصحاب النبي ﷺ رفعوا أصواتهم بالتكبير، فقال رسول الله ﷺ: «ارْبَعُوا على أنفسكم -أي: ارفقوا بأنفسكم- فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم».

ومما ينبغي التذكير به في هذه النازلة قوله تعالى: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾، فبالشكر تدوم النعم، وتكثر الخيرات، ونعم الله تعالى علينا كثيرة وعظيمة في هذا البلد المبارك، فمن نعمه علينا نعمة الإيمان، والأمن، والرخاء، والوعي، والموارد، والحكومة الرشيدة، والآراء السديدة، والتدابير العديدة، والطواقم الطبية الماهرة، والرعاية الصحية الباهرة، وتراتيب الوقاية والحجر الصحي ومحاصرة الوباء.

لذا ينبغي علينا ألا ننسى جهود المملكة في محاربة هذا الوباء، وأن نعظم ما يبذله الكادر الطبي، وأن نشكرهم على ما يقدمونه، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فجزاهم الله عنا وعن أهل هذا البلد كل خير، ودفع عنهم كل شر.

وينبغي أن يكون الشكر والعرفان بالطريقة الشرعية، وبالأسلوب الواعي الذي لا يعرض صحة الناس إلى الخطر، وينبغي كذلك الابتعاد عن كل المظاهر والسلوكيات الدخيلة التي لم تنبع من ديننا الإسلامي الحنيف، وأعرافنا العربية والوطنية الأصيلة.

فلنحرص في هذه النازلة الكبيرة على الأخذ بالأسباب الشرعية، وتحري الصحيح والوارد منها، ولا ننسى التذكير بالأخذ الأسباب الحسية، ومن أهمها الالتزام بالتوجيهات الصادرة من الجهات المختصة.

رفع الله البلاء عن المسلمين ورزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

إدارة الأوقاف السنية