بالرغم من أن وباء كورونا أصبح جائحة عالمية، وأن العالم كله أخذ احترازه واحتياطه، وبدا يتعاون في التنسيق وتبادل المعلومات وضبط حركة تنقل الأفراد بين الدول، مواطنين أو غير مواطنين، إلا إيران ترفض التعاون وتصر على خرق الأنظمة بالكتمان، وبنقل الأفراد بطرق غير مشروعة.

إذ تنشط إيران لنقل الكارثة التي تعيشها لدول المنطقة تخفيفاً للضغط على نظامها، في حين ينشط وكلاء إيران في مساعدتها في الأزمة الاقتصادية والأمنية والصحية على حساب أوطانهم ومواطنيهم. ونرى تنسيقاً وتعاوناً بين عدة أطراف تعمل للصالح الإيراني مع بعضها البعض في لبنان والعراق والبحرين والكويت وقطر باختراق الأنظمة وبمخالفة الاتفاقيات.

فالنظام القطري يعمل على توزيع المصابين من دول الجوار وإخراجهم من إيران بتحويل ناقلتهم الوطنية إلى تاكسي لكورونا تنقل المصابين من إيران للخارج، للبحرين على سبيل المثال ولبنان أيضاً، إذ أكدت تقارير أن بعد يوم واحد من إغلاق مطار بيروت رسمياً، هبطت فيه طائرة قطرية كانت في طريقها من طهران. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو المعابر الحدودية اللبنانية مع سوريا البالغ عددها 115 معبراً، والتي لا يزال يتم من خلالها تهريب أعداد لا حصر لها من الأشخاص والعتاد من قبل العديد من الجهات الفاعلة (معهد واشنطن) عدد 31 مارس.

كما قام الطيران القطري بنقل 90 بحرينياً 60% منهم مصاب بفايروس الكورونا دون التنسيق مع الحكومة البحرينية وإجبار البحرين على استقبالهم دون استعداد، وذلك خلافاً للاتفاق الذي أجمع عليه وزراء الصحة في دول مجلس التعاون بعدم نقل أي من مواطني دول المجلس دون التنسيق مع دولهم.

أما حزب الله في لبنان الوكيل الإيراني الثاني بعد الناقلة القطرية فيقوم بتمرير التدفقات الإيرانية منها وإليها، مع عدم الخضوع للإجراءات الاحترازية ووفقاً لتقرير لمعهد واشنطن بتاريخ 31 مارس «و لطالما كانت الحكومة تواجه مشاكل للسيطرة على هذه المعابر. فالقيام بذلك قد يتطلب تعبئة كثيفة لـ«القوات المسلحة اللبنانية» («الجيش اللبناني») وتغييراً جذرياً في ذهنية القبول الواسع النطاق للتهريب. ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على أن التغيير قادم، ولا يبدو أن «حزب الله» قادراً على وقف تدفق الأشخاص حتى لو أراد ذلك.

ومع استمرار الأشخاص في دخول البلاد عبر قنوات غير رسمية، قد يكون أي منهم حاملاً للفيروس، ومن المحتمل أن يسعى القليل منهم للاختبار أو العلاج من خلال القنوات الرسمية. فبعضهم - سواء إيرانيين أو عناصر من الميليشيات المدعومة من طهران - سينتهي بهم المطاف حتماً في المراكز الطبية التابعة لـ«حزب الله»، حيث سيشغلون الأَسِرّة ويستعملون المعدات التي يحتاجها المواطنون المحليون بشدة. إن لبنان بلد صغير جداً من أن يتمكن بعد الآن إخفاء هذا التدفق من الإيرانيين وغيرهم من الأجانب، لذلك يحاول «حزب الله» تجاوز العواقب السياسية المحتملة من خلال إظهاره المبادرة»

«لكن مقالة نشرتها صحيفة «الغارديان» مؤخراً ذكرت أن «بعض مناطق لبنان والعراق بشكل خاص تضم على الأرجح آلاف المصابين الإضافيين... ويشكل [عدم] الكشف عنها خطراً صحياً إقليمياً خطيراً خلال الأشهر الثلاثة القادمة». ويستشهد التقرير بعدد من المسؤولين اللبنانيين الذين ذكروا أن «حزب الله» قد عزل أحياءً في العديد من البلدات الجنوبية ووضع حراسه خارج هذه المناطق. وبالفعل، كان الحزب يحاول إخفاء الواقع منذ أسابيع، لكن لم يعد من الممكن قمع الحقيقة حيث يموت المزيد من الناس وينتقل آخرون إلى أماكن غير معلنة.

أما في العراق، فقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز قصصاً عن الحالة المأساوية على الحدود مع إيران –فالعراق هو الحليف الوثيق لايران وشريكه التجاري – كانت الحدود سهلة الاختراق إلى حد كبير، إذ كانت الأسر التي تعيش على كلا الجانبين وزوار الأماكن الدينية يتجولون ذهابا وإيابا بين البلدين. لكن جائحة الفيروس التاجي غيرت ذلك بين عشية وضحاها. حيث يجاهد الأطباء العراقيون لمنع الإيرانيين من التسرب للعراق، ونشر الوباء فيه رغم الضغوط الدبلوماسية مثل الدكتور الكندي الذي تمسك بموقفه وفقا للصحيفة، وأعاد الدبلوماسيين الإيرانيين وأقاربهم إلى إيران في تلك الليلة، كما قال الدكتور الكندي، وهو يبدو محرجاً بعض الشيء لدرجة أنه كان عليه أن يكون قاسياً جداً مع ضيف أجنبي. وأضاف «لكن كما تعلمون لا أستطيع أن أدعهم يؤذون شعبي».

كما نرى أن وكلاء إيران (النظام القطري وحزب الله وأفراد من الحكومة العراقية ومجموعات في دول الخليج) لا يهمهم ما يحدث في دولهم، أو في المنطقة ودول الجوار، وغير معنين بالاتفاقيات الدولية، ما يهمهم هو مساعدة النظام الإيراني مهما كلفهم، لا يهمهم الطاقة الاستيعابية للنظام الصحي في دولهم وقدرته على التعامل مع الأعداد المتزايدة، يهمهم رضى وليهم عليهم فقط.