مريم بوجيري

اختيار الأطفال لأصدقائهم ينشأ وفقاً لمرورهم بالمراحل العمرية المختلفة بدءاً من المنزل وصولاً لمرحلة المراهقة والنضج، وأحياناً يواجه الأهل مشكلة التعامل مع صداقات أبنائهم خصوصاً في مرحلة المراهقة مع رغبة الطفل بإثبات شخصيته وقدرته على الاختيار الصحيح.

وتقول مدربة التنمية البشرية منى حبيل، إن مرحلة الصداقه تختلف حسب المرحلة العمرية، حيث تكون من بداية عمر الطفل من خلال تكوين الصداقة ضمن نطاق المنزل فيختار الطفل الأم والأب الأخوة أو الأقارب الصغار ليكونوا أصدقاءه، وبمجرد انتقاله من هذه المرحلة إلى مرحلة الحضانة يعتبر الطفل كل شخص في الصف صديقاً له، وحين يصل الطفل لعمر الـ 6-8 سنوات تكون الصداقة ظرفية أي معتمدة على الظروف ولا يتعرف الطفل في هذا العمر على مفهوم الصداقة بحيث يحدث بينه وبين أي شخص نوع من الألفة يعتبره صديقاً له ومفهوم الصداقة لا يكون ثابتاً في هذا العمر، وبالتالي تتكون الصداقة الحقيقية من عمر 10-12 سنة حيث تكون في هذة الفترة صداقة مؤقتة بناءً على ظرف معين وتبدأ المفاهيم تتضح بالنسبه للطفل وينشأ نوع من الشللية خصوصاً داخل المحيط المدرسي.

وفيما يتعلق بوجود رقابة الأم أو اختيارها لأصدقاء أطفالها خصوصاً في المراحل الأولى من حياتهم، أكدت أنه من الأفضل أن تترك حرية الاختيار لهم، خصوصاً أن الامهات يقعن في الخطأ أما بسبب الحب الزائد أو الحماية الزائدة، وبالتالي فإن اختيار الأم لأصدقاء الطفل خاطئ في المراحل الأولى من حياته، حيث لابد من إتاحة الفرصة للطفل في عملية انتقاء الأصدقاء مع وجود الرقابة والعين المحاسبة خصوصاً أن الحماية الزائدة من قبل الأم تجعل الطفل لا يتخذ أي قرار في أي مشكلة قد تواجهه، وبالتالي يفضل أن يتعرف الطفل على الأصدقاء دون إغفال من الأم لكن تسمح له بعملية الاختيار، أما في حالة اختيارها له يصبح الطفل كالدمية المتحركة بناءً على اختياراتها وليس اختياراته مما يضعف من شخصية الطفل مستقبلاً ويجعله غير قادر على التمييز بين الأشخاص.

وأشارت إلى أن هناك نوعين من شخصيات الأطفال، بعضهم اجتماعيين وهم يعدون وفقاً للدراسات الحديثة قريبين من أهلهم في السنوات الأولى، ويعتبر هذا النوع من الأطفال كـ «الإسفنجة»، بحيث يمتص الخبرات الحياتية وبالتالي يصبح عشرياً ويكون صداقات بسرعة، أما النوع الآخر وهو الطفل الانطوائي الذي لديه التصاق تام بوالديه بحيث تكون لديه حماية زائدة من الأم، ويكون معها أينما تذهب ولديه قلق انفصالي في حالة اختفاء الأم أو انشغالها أو انفصال تام، بمعنى أنه لا يرى والديه دائماً وبالتالي يسبب له قلق رؤية أشخاص جديدة، وهذا النوع من الأطفال صعب اندماجه مع والديه.

وأوضحت أنه يتوجب على الوالدين والأم تحديداً مراعاة هذه الجوانب في شخصية الطفل والتعرف عليها، فإذا كان الطفل اجتماعياً يجب تعليمه على المهارات الأساسية للاندماج، في حين يجب التركيز على حل مشكلة الخجل أو التهور لدى النوع الآخر من الأطفال بحيث يتم تعزيز القيم والروابط في نفس الطفل لضمان عدم اندماجه مع مجموعات قد تكون سيئة أو غير متناسبة مع قيمه ومبادئه أو تربيته المنزلية.

أما بشأن تأثير الأصدقاء على شخصية الطفل، فقد أشارت حبيل إلى أنه في السنوات الأولى يكون تأثير الاصدقاء على الطفل بسيطاً من ناحية بعض التصرفات أو الكلمات، أما في بداية دخول الطفل لمرحلة المراهقه يكون التأثير كبيراً وخطيراً حيث يبدأ بتكوين المجموعات مع أصدقائه «الشللية»، فالفتيات تأخذ منحنى مختلف تماماً من ناحية السلوكيات وتعتبر نفسها كبيرة وناضجة.

وبشأن الطرق التي يمكن لأم اتخاذها في تلك المرحلة، أكدت أن اختراق «شلة» المراهقة تحتاج لمهارات من ولي الأمر لأن المراهق يضع عائلته في كفة وأصدقائه في كفة أخرى، ويجب على الوالدين معرفة أصدقاء اطفالهم بحيث يدمجون أنفسهم مع أصدقاء أبنائهم ويدخلونهم المنزل، ويجب على الوالدين الدخول لجوهم والتعرف على ما يفضلونه بحيث يستطيعون السيطرة والحمايه لطفلهم وتقويم سلوكه.

ويتوجب على الأهل مصادقة أبنائهم والاستماع لهم ومحاولة تفهمهم والمناقشه معهم، واختيار الوقت الأنسب للنصيحة والتي تطلب بالنسبه للمراهق ولا تقدم، وعند تقديمها في وقت غير مناسب تتسبب بالضيق له، فلابد من الإنصات والاستماع والاهتمام بما يقوله المراهق.

وأوضحت أنه في الغالب تنشأ ثغرات بين الأولاد وأولياء الأمور، وبالتالي فإن الاهتمام يجب أن يبدأ من السنوات الأولى بحيث تستطيع الأم الاندماج مع كل التغيرات التي تواجه طفلها حتى سنوات المراهقة، وإذا أراد الوالدان تدارك تلك الثغرة يمكنه من خلال الاستماع والإنصات والخروج للتنزه مع الطفل ومحاولة التقرب منه.