من فوائد فيروس كورونا أنها كشفت العديد من الأمور التي حاولت جهات عديدة التستر عليها لسنوات ومنها وضع العمالة الأجنبية أو الوافدة في البلد.

الأمر بحاجة لتعاون وتكاتف الجميع الآن حالياً لحصرهم ثم لعزلهم ثم لتسكينهم على أن -وهنا نضع سطرين- نستفيد من هذه الفرصة التي لن تتكرر لإعادة الأمور لنصابها الطبيعي ونعيد جميع تلك الأعداد -والتي نحن في غنى عنها أصلاً- مكرمين معززين إلى أوطانهم بالتنسيق مع سفاراتهم وفتح مطاراتهم لإجلائهم.

المهم الآن أن يساهم كفلاؤهم الذين أدخلوهم البلد في تكاليف عملية عزلهم وتكاليف حجرهم وعلاجهم وتكاليف تسفيرهم، ورب ضارة نافعة مثلما يقولون.

بالأمس علمنا أن تكلفة الفحص بلغت أكثر من 15 مليون دينار وعلينا أن ننشر كلفة العزل وكلفة الحجر أيضاً ليعلم الكل كم ألقي على كاهل الدولة الآن من أعباء.

الأمر ليس لعبة، فهؤلاء ستمنعهم من الخروج للبحث عن الرزق فلابد من أن تتكفل بإطعامهم وبسكنهم وبعلاجهم إن مرضوا الأمر مكلف ومن أتى بهم لهذا البلد عليه أن يتحمل مسؤوليتهم ليعرف أن لكل فعل تبعاته.

أغلب المصابين الآن من العمالة الوافدة وأرقامهم اليومية بالمائة والمائتين، وقد حذرنا من قبل انتشار الوباء بينهم أن وضعهم قنبلة موقوتة وأن أماكن نومهم هي بحد ذاتها تجمعات، وقد حدث ما توقعناه.

لا يخفى عليكم بأن تلك القضية كانت منذ الأزل تحت الأضواء، تناولتها الصحافة منذ أكثر من عشرين عاماً، وتعرض لها مجلس النواب في أكثر من فصل تشريعي مستغلاً أدواته الرقابية في لجان التحقيقات، وجميع ما اقترح من حلول وما قدمته السلطة التنفيذية كانت لتعالج قمة جبل الجليد فقط ومن بعدها يستمر الوضع، وتتفاقم التراكمات.

نحن لا نوجه اللوم على تلك العمالة أبداً بل نتعاطف معهم كبشر، وننظر لهم نظرة إنسانية خالية من أي استهانة أو دونية، فهؤلاء لم يدخلوا البلد بالتهريب، دخولها عن طريق المنافذ الرسمية وبطريقة شرعية، وهنا (القمنده) القصة تأتي ما بعد دخولهم.

كانت لدينا (بلاوي) عشرات الآلاف المئات يتشاركون بيوتاً قديمة وشققاً متهالكة مكدسين فوق بعضهم البعض، السرير الواحد يتناوبون على النوم عليه، بعض الأحياء لا تستطيع أن تعبرها، وكأنك لست في البحرين، كل تلك المشاهد عايشها البحريني وبح صوته وهو يشتكي منها في جميع الوسائل، وكل مرة تعالج المشكلة بالحد الأدنى وتترك.

إلى أن جاء فيروس كورونا، فكشف المستور ورأينا كيف استفاد بضعة أشخاص على حساب الوطن ككل، حين أجبرت الدولة على التعامل مع ما كان مستتراًعن أصحاب القرار.

اليوم أجبرت الدولة على التعاطي مع العمالة الوافدة لأول مرة تكون هي المسؤولة عنهم، لا كفلاؤهم ولاهيئة تنظيم سوق العمل التي مسؤولة عن عملهم، من لديه كفيل ومن هم بلا كفيل، جميع هؤلاء أصبحوا اليوم في ذمة الدولة التي أجبرت على حصرهم ومعرفة عددهم وأماكن تواجدهم والنظر لطريقة وأسلوب معيشتهم من أجل عزلهم، وإسكانهم وإطعامهم وعلاجهم، فظهر الجبل على حقيقته، ربما لأول مرة يرى المسؤولون ما عايشه المواطن مع هذه الشريحة بهذا الشكل.

الآن تكشف حجم الجريمة التي ارتكبت بحق الوطن، نتيجة عدم التخطيط المسبق والحزم في تطبيق الاشتراطات والمعايير لاستقدام العمالة، وترك الأمور للتفاقم دون حل جذري.

اليوم انكشفت أعداد الذين كانوا يدخلون ويسرحون في البلد والبلد ليست بحاجة لهم، فلا تعليم ولا مهارات ولا خبرات، هؤلاء كانوا ومازالوا عالة علينا واليوم علينا أن نتحمل جميعنا كلفة تواجدهم العالية، ومن أجل من؟ من أجل التمسك ببضعة أشخاص.

لهذا لابد من حصر أسماء من أدخلهم بهذه الأعداد وإجباره على دفع تكاليف حجرهم وتكاليف تسفيرهم، وبعد أن يمضي فيروس كورونا وننتهي لابد من محاسبة من تسبب لنا بهذه الأعباء، أما الآن فعلى جميع من هم مسجلون باسمه أن يتحمل الأعباء مع الدولة.