غليان العالم مع حرب التصريحات بين الدول والتصعيد الأخير حول ما إذا كان فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، خرج من معامل المختبرات الصينية في مقاطعة أوهان خوبي البؤرة الحقيقية لبداية انتشار الوباء، يقودنا إلى التفكير خلال المرحلة الحالية إلى سؤال مفاده "ما الذي ينتظرنا بعد أزمة كورونا؟".

لربما لم يعد الموضوع مهما أبداً، إذا ماكان خرج من الصين أو من أمريكا، طالما الآن نحن نعيش هذه الكارثة بدون تكهنات حقيقية متى ينتهي هذا الوباء، حيث بدأ يأخذ منعطفاً مختلفاً وبات لكل دولة طريقة تعاطي مختلفة مع مكافحة الوباء بأقصى حد، مثلما فعلت البحرين بمحاولة تسطيح عدد الحالات، وكما قررت دولة الكويت الشقيقة تفعيل خطة الحظر الشامل لمدة 20 يوماً، ناهيك عن ما قامت به المملكة العربية السعودية بحذر شديد مع رفع أجزاء من الحظر الجزئي بين المحافظات تدريجياً.

كل هذه الاجتهادات الخليجية والعالمية، لم تنأ عن حرب التصريحات بغياب شيئ واحد فقط، وهو كيفية الرجوع إلى نمط الحياة التدريجي وما هي التحديات التي تواجه دولنا لتصحيح الأوضاع الاقتصاديةة والدولية حيث يرى البعض أنه شأن محلي فقط أو اقتصادي فقط !!!

الحقيقة أنه ليس كذلك مطلقاً، فبالنسبة للبحرين فإنها تواصل الإجراءات الاحترازية حتى انتهاء الأزمة الصحية وإنعاش الاقتصاد المحلي بشتى الطرق، مع تعليق الآمال بأن لا تطول هذه الأزمة حتى لا يتم اللجوء إلى الاقتراض مستقبلاً.

نحن مقبلون على مرحلة كساد اقتصادي يمكن أن يتعافى تدريجياً خلال السنوات الخمس المقبلة، خصوصاً وأن تعويض خسائر المرحلة التي مضت تختلف من قطاع إلى آخر حسب حجمه أو اختلاف نوعية النشاط، حيث شهدنا قطاعات نشطت كثيراً بعد أن كانت مهملة، في المقابل تأثرت قطاعات أخرى وخصوصاً الخدمية بالإغلاق النهائي لكي لا تنشر العدوى.

إن تكلفة الخروج من الأسواق سهلة وتكاد تكون صفراً ولربما يكلف الرجوع إلى الأسواق بعد فترة صغيرة المستثمر عناء التأسيس وإعادة الاستثمار في التأسيس من الصفر بأضعاف ماقد يوفره خلال فترة الإغلاق، خاصة إذا كانت فترة الإغلاق لن تستمر طويلاً ولفترة لا تتعدى الأشهر، مع حجم الدعم الحقيقي من قبل الدولة لحماية المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر وهي اللبنه الحقيقية لاقتصاد البحرين ولتطوير الأعمال.

إذاً، هل كورونا مخطط صيني لغزو العالم أم مخطط أمريكي لوقف نجاحات النموذج الصيني والذي لا يبشر بالهيمنة الأمريكية بأي نتائج بعد سنين من النجاحات في التحكم بالاقتصاد العالمي عن طريق البنك الأمريكي الفيدرالي والذي كان الأساس لجميع التحويلات المالية الدولية على مدى عقود.

فيما قد يواجه البيت الأبيض هذا العام تصعيداً ولربما فشل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليس فقط على مستوى ترامب لشخصه ولربما حتى من بين منافسيه بسبب عدم اهتمام الحلفاء السياسيين أو حتى الأعداء لشخصيات السياسية بتمويل الحملات الانتخابية الرئاسية.

في المقابل، هناك ترويج لنجاحات الصين سواءً كانت هي الدولة المتسببة في الفيروس فعلاً أم الضحية، فلو فرضنا صحة الترويج لفرضية المؤامرة فإن الصين الاشتراكية العظمى حتى قبل أزمة كورونا، بدأت بمشروعها العالمي العظيم منذ الأزمة الاقتصادية التي بدأت أساسها من "وال ستريت" بالتحديد وسببت الركود العظيم بالإضافة إلى إفلاس شركات عالمية، فقد الصين أعلنت منذ العام 2013 مشروعها الضخم بالترويج لما يعرف "بطريق الحرير" المشروع الذي يربطها بستين دولة بإنشاء جسور ومطارات وقطارات وموانئ ومدن حديثة وبنى تحتية لدول معينة تساعدها على الاستثمار وربطها مع الاقتصاد الصيني بصورة ممتازة، حيث أعتقد بدأت الصين بالفعل بالدخول إلى دول الخليج العربي عن طريق المشاريع الضخمة.

وفي جميع الأحوال وحتى إن كانت بالفعل الصين هي دولة المتآمرة، علينا جميعا تغيير شكل الاقتصاد العالمي، فسؤالي هو اليوم هل باستطاعه أحد وقف زحف النموذج الصيني أو معاقبة الصين دولياً على ذلك!!!

بتول شبر - سيدة أعمال ومحللة اقتصادية

batyshubbar@gmail.com