بعد مضي 6 أشهر على العام 2020، لكن لم يكن في الحسبان أن يتسبب فيروس خلال هذا العام في إغلاق حدود الدول وتقييد الحركة وتعطيل التجارة العالمية ونشاط الأعمال والتعليم.
وتسببت هذه الأزمة الصحية بالعديد من الخسائر الاقتصادية والبشرية الهائلة خلال الأشهر الماضية، لكنها كانت مليئة بالدروس حول مقدرة البشرية على التأقلم والصمود في الظروف الصعبة.
وعلى قدر سرعة انتشار هذا الفيروس المفاجئة، أتت استجابة الحكومات والشركات. وخير مثال على ذلك هو إطلاق حكومة البحرين تطبيق مجتمع واعي لتنبيه وحماية المواطنين والمقيمين عند اقترابهم من المرضى أو المشتبه بإصابتهم بكوفيد 19.
كما كانت البحرين أول دولة بالعالم ترسل نتائج فحوصات كوفيد-19 عبر الواتساب وماسنجر الفيسبوك. بينما بادرت وزارة الصحة إلى إطلاق نظام آلي "تشات بوت" للاستجابة لرسائل المستخدمين، وهو يضم أحدث البيانات عن انتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى روابط للوصول المباشر إلى الأفلام التوعوية على قنوات اليوتيوب وتطبيق "مجتمع واعي". وهذا هو الحال مع عدد من المدن حول العالم التي استطاعت تجاوز عاملي الحجم والسرعة لبناء مستشفيات تضم ألاف الأسرة في غضون أيام.
ودفعت هذه الأحداث المتسارعة بالكثير من الشركات لاختصار مرحلة التحول الرقمي وإنجازها خلال أيام. ومع التغييرات السريعة في بيئة الأعمال تبرز أهمية التعاطف مع المتعاملين والموظفين وتوقع احتياجاتهم الحالية والمستقبلية.
وأصبحت حاجة الشركات إلى سرعة الاستجابة للتطورات وتبينها لتوفير قيمة حقيقية للمتعاملين ) الداخليين والخارجين) وترتيب أولوياتها واستثماراتها ومواردها وتقديم الحوافز بناء على ذلك أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
لكن تبني نموذج أعمال يركز على منظور خارجي يتمحور على المتعامل بدلاً من النموذج التقليدي الذي يعتمد على الكفاءة الداخلية للمؤسسات قد تكون مهمة غير سهلة. ويتضح هذا النموذج في مجال تقديم الخدمات بالتركيز على السلامة والاستدامة والشفافية كأولوية رئيسية، هذا إلى جانب التركيز أيضا على المجالات الأخرى مثل الكفاءة والراحة.
مثلاً خلال الأزمة، سرعان ما تحوّل دبي مول، أحد أكبر مراكز التسوق في العالم، للتحول إلى توفير تجربة تسوق افتراضية لمتعامليه من المنزل. إن الاستماع إلى المتعاملين في كل خطوة من خطوات المعاملات الرقمية، وتطوير بوصلة عاطفية للتعرف على أمزجة المتعاملين وتفضيلاتهم والاستفادة من البيانات لتوقع احتياجاتهم المستقبلية هي من التوجهات التي ستمكن المؤسسات من الاحتفاظ بالمتعاملين وكسب ولائهم بعد أن ينكشف غبار الأزمة وتعود الحياة الى طبيعتها.
وبعد أن كان مجرد محرك للتغيير، بات العالم الرقمي المنفذ الوحيد لكثير من الأعمال. ونستطيع القول بأن النموذج الرقمي قد أثبت فعاليته على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وأثبت أيضاً تفوقه على النموذج الملموس وغير الرقمي المعمول به حالياً. لقد تحوّل المتعاملون إلى تبني النموذج الرقمي دون عودة.
إن أساس النجاح اليوم في بيئة الأعمال المتقلبة يعتمد على مدى المرونة الرقمية والاستفادة من امكانياتها.
وبناء على خبراتنا في العمل مع شركات عالمية وإقليمية رائدة في القطاعين العام والخاص، نود أن نسلط الضوء على بعض التوصيات وأفضل الممارسات لدعم المؤسسات التي تحتاج لتوجيه جهودها للتحوّل الرقمي في واقعنا الجديد:
ركز على الأمور الهامة- فكر على المدى البعيد ونفذ الآن: كن على استعداد خلال وبعد أزمة كوفيد 19 لتحويل تركيزك للتصرف بسرعة من أجل مواكبة التغيرات اليومية التي يشهدها عالم الأعمال. استبدل الأهداف الثابتة بأهداف ديناميكية مرنة ترتكز على الاستجابة السريعة والاستدامة والشفافية والسلامة الجسدية والنفسية وتوفير قيمة مميزة للمتعاملين.
اعتمد نموذج عمل يتسم بالاستجابة السريعة ويتمحور على الخبرات: نعيش الآن في عصر العمل عن بعد الذي بات يأخذ طابعاً رسمياً. فاحرص على غرس ثقافة رقمية متنوعة، ثقافة تدرك أهمية المتعامل وتفضل خوض التجارب وتشجع الموظفين على المشاركة وتخلق بيئة عمل تدعم الموظفين والإبداع وتحتضن المواهب الضرورية. احرص على تطوير و/ أو اكتساب مهارات الاستجابة السريعة والمهارات الرقيمة لبناء القدرات الديناميكية اللازمة للازدهار اليوم وغداً.
استفد من المعرفة والرؤى: لتعزيز مستوى التعاطف مع المتعاملين. فالشركات اليوم بحاجة أكثر إلى التعاطف الشخصي مع متعامليها. وهذا يتطلب تحويل التحليلات من المكاتب الرئيسية إلى الخطوط الأمامية قبل وأثناء وبعد التواصل مع المتعاملين، والقدرة على توقع وتحديد الأنماط وتحليل السيناريوهات المحتملة على نحو سريع.
استجب بسرعة وعزز القدرات الرقمية باستمرار: يساهم الاستثمار في قطاع التكنولوجيا 4.0 مثل البلوك تشين والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي Blockchain, AI, and VR/AR من خلال توظيف منهجية تعتمد على حالات استخدام ذات أولوية في اتاحة المجال أمام مختلف القطاعات لانشاء نماذج أعمال مبتكرة وجديدة. وتساهم التكنولوجيا في توفير فرصة إنشاء نسخة رقمية من المؤسسات ونماذج أولية سريعة وتطوير المنتجات والخدمات بشكل متزايد (iterative) حتى يتم التأكد من إعدادها بالشكل الصحيح وبالسرعة المناسبة.
احم نفسك. استعد واستبق الأحداث: مع اعتماد نظام العمل عن بعد، أصبحت الشركات أكثر عرضة للهجوم الإلكتروني من أي وقت مضى. والحل يكمن في تقييم المحيط الإلكتروني باستمرار وتشديد الرقابة وتعزيز قدرة الشركة على الاستجابة وتقييم التهديدات الإلكترونية ونقاط الضعف واتخاذ الإجراءات المناسبة ووضعها حيز التنفيذ فوراً حتى قبل أن تصبح ضرورة.
لا تنتظر حتى تبتكر، خاصة في زمن الأزمات: لا توجد مؤشرات مؤكدة حتى الان على نهاية الأزمة التي نعيشها اليوم، لكن من الواضح أن القادرين على الاستفادة من الدروس خلال هذه الأوقات الصعبة واتقان فن التحوّل الرقمي والاستجابة السريعة والابتكار هم من سيتخطون الأزمة ويزدهرون.
وعلى الرغم من أزمة كوفيد 19 مازالت تتكشف تبعاتها، إلا أنها غيرت المشهد الاجتماعي والتجاري العالمي من غير رجعة. ومع تلبية العالم الرقمي للتحديات التي فرضتها الأزمة، بات العمل عن بعد والتعلم الإلكتروني والتباعد الاجتماعي جزءاً من الوضع الجديد. وحدها المؤسسات التي سارعت إلى التحوّل إلى العالم الرقمي واعتماد أساليب مبتكرة ستكون قادرة على العبور إلى مرحلة ما بعد الأزمة وبقيمة أقوى مع الاستمرار في توسيع قاعدة المتعاملين وكسب ولائهم والاحتفاظ بقوى عاملة فعالة ومبتكرة ومتحمسة للعمل.
حامد التميمي - نائب رئيس بوز ألن هاملتون
وتسببت هذه الأزمة الصحية بالعديد من الخسائر الاقتصادية والبشرية الهائلة خلال الأشهر الماضية، لكنها كانت مليئة بالدروس حول مقدرة البشرية على التأقلم والصمود في الظروف الصعبة.
وعلى قدر سرعة انتشار هذا الفيروس المفاجئة، أتت استجابة الحكومات والشركات. وخير مثال على ذلك هو إطلاق حكومة البحرين تطبيق مجتمع واعي لتنبيه وحماية المواطنين والمقيمين عند اقترابهم من المرضى أو المشتبه بإصابتهم بكوفيد 19.
كما كانت البحرين أول دولة بالعالم ترسل نتائج فحوصات كوفيد-19 عبر الواتساب وماسنجر الفيسبوك. بينما بادرت وزارة الصحة إلى إطلاق نظام آلي "تشات بوت" للاستجابة لرسائل المستخدمين، وهو يضم أحدث البيانات عن انتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى روابط للوصول المباشر إلى الأفلام التوعوية على قنوات اليوتيوب وتطبيق "مجتمع واعي". وهذا هو الحال مع عدد من المدن حول العالم التي استطاعت تجاوز عاملي الحجم والسرعة لبناء مستشفيات تضم ألاف الأسرة في غضون أيام.
ودفعت هذه الأحداث المتسارعة بالكثير من الشركات لاختصار مرحلة التحول الرقمي وإنجازها خلال أيام. ومع التغييرات السريعة في بيئة الأعمال تبرز أهمية التعاطف مع المتعاملين والموظفين وتوقع احتياجاتهم الحالية والمستقبلية.
وأصبحت حاجة الشركات إلى سرعة الاستجابة للتطورات وتبينها لتوفير قيمة حقيقية للمتعاملين ) الداخليين والخارجين) وترتيب أولوياتها واستثماراتها ومواردها وتقديم الحوافز بناء على ذلك أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
لكن تبني نموذج أعمال يركز على منظور خارجي يتمحور على المتعامل بدلاً من النموذج التقليدي الذي يعتمد على الكفاءة الداخلية للمؤسسات قد تكون مهمة غير سهلة. ويتضح هذا النموذج في مجال تقديم الخدمات بالتركيز على السلامة والاستدامة والشفافية كأولوية رئيسية، هذا إلى جانب التركيز أيضا على المجالات الأخرى مثل الكفاءة والراحة.
مثلاً خلال الأزمة، سرعان ما تحوّل دبي مول، أحد أكبر مراكز التسوق في العالم، للتحول إلى توفير تجربة تسوق افتراضية لمتعامليه من المنزل. إن الاستماع إلى المتعاملين في كل خطوة من خطوات المعاملات الرقمية، وتطوير بوصلة عاطفية للتعرف على أمزجة المتعاملين وتفضيلاتهم والاستفادة من البيانات لتوقع احتياجاتهم المستقبلية هي من التوجهات التي ستمكن المؤسسات من الاحتفاظ بالمتعاملين وكسب ولائهم بعد أن ينكشف غبار الأزمة وتعود الحياة الى طبيعتها.
وبعد أن كان مجرد محرك للتغيير، بات العالم الرقمي المنفذ الوحيد لكثير من الأعمال. ونستطيع القول بأن النموذج الرقمي قد أثبت فعاليته على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وأثبت أيضاً تفوقه على النموذج الملموس وغير الرقمي المعمول به حالياً. لقد تحوّل المتعاملون إلى تبني النموذج الرقمي دون عودة.
إن أساس النجاح اليوم في بيئة الأعمال المتقلبة يعتمد على مدى المرونة الرقمية والاستفادة من امكانياتها.
وبناء على خبراتنا في العمل مع شركات عالمية وإقليمية رائدة في القطاعين العام والخاص، نود أن نسلط الضوء على بعض التوصيات وأفضل الممارسات لدعم المؤسسات التي تحتاج لتوجيه جهودها للتحوّل الرقمي في واقعنا الجديد:
ركز على الأمور الهامة- فكر على المدى البعيد ونفذ الآن: كن على استعداد خلال وبعد أزمة كوفيد 19 لتحويل تركيزك للتصرف بسرعة من أجل مواكبة التغيرات اليومية التي يشهدها عالم الأعمال. استبدل الأهداف الثابتة بأهداف ديناميكية مرنة ترتكز على الاستجابة السريعة والاستدامة والشفافية والسلامة الجسدية والنفسية وتوفير قيمة مميزة للمتعاملين.
اعتمد نموذج عمل يتسم بالاستجابة السريعة ويتمحور على الخبرات: نعيش الآن في عصر العمل عن بعد الذي بات يأخذ طابعاً رسمياً. فاحرص على غرس ثقافة رقمية متنوعة، ثقافة تدرك أهمية المتعامل وتفضل خوض التجارب وتشجع الموظفين على المشاركة وتخلق بيئة عمل تدعم الموظفين والإبداع وتحتضن المواهب الضرورية. احرص على تطوير و/ أو اكتساب مهارات الاستجابة السريعة والمهارات الرقيمة لبناء القدرات الديناميكية اللازمة للازدهار اليوم وغداً.
استفد من المعرفة والرؤى: لتعزيز مستوى التعاطف مع المتعاملين. فالشركات اليوم بحاجة أكثر إلى التعاطف الشخصي مع متعامليها. وهذا يتطلب تحويل التحليلات من المكاتب الرئيسية إلى الخطوط الأمامية قبل وأثناء وبعد التواصل مع المتعاملين، والقدرة على توقع وتحديد الأنماط وتحليل السيناريوهات المحتملة على نحو سريع.
استجب بسرعة وعزز القدرات الرقمية باستمرار: يساهم الاستثمار في قطاع التكنولوجيا 4.0 مثل البلوك تشين والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي Blockchain, AI, and VR/AR من خلال توظيف منهجية تعتمد على حالات استخدام ذات أولوية في اتاحة المجال أمام مختلف القطاعات لانشاء نماذج أعمال مبتكرة وجديدة. وتساهم التكنولوجيا في توفير فرصة إنشاء نسخة رقمية من المؤسسات ونماذج أولية سريعة وتطوير المنتجات والخدمات بشكل متزايد (iterative) حتى يتم التأكد من إعدادها بالشكل الصحيح وبالسرعة المناسبة.
احم نفسك. استعد واستبق الأحداث: مع اعتماد نظام العمل عن بعد، أصبحت الشركات أكثر عرضة للهجوم الإلكتروني من أي وقت مضى. والحل يكمن في تقييم المحيط الإلكتروني باستمرار وتشديد الرقابة وتعزيز قدرة الشركة على الاستجابة وتقييم التهديدات الإلكترونية ونقاط الضعف واتخاذ الإجراءات المناسبة ووضعها حيز التنفيذ فوراً حتى قبل أن تصبح ضرورة.
لا تنتظر حتى تبتكر، خاصة في زمن الأزمات: لا توجد مؤشرات مؤكدة حتى الان على نهاية الأزمة التي نعيشها اليوم، لكن من الواضح أن القادرين على الاستفادة من الدروس خلال هذه الأوقات الصعبة واتقان فن التحوّل الرقمي والاستجابة السريعة والابتكار هم من سيتخطون الأزمة ويزدهرون.
وعلى الرغم من أزمة كوفيد 19 مازالت تتكشف تبعاتها، إلا أنها غيرت المشهد الاجتماعي والتجاري العالمي من غير رجعة. ومع تلبية العالم الرقمي للتحديات التي فرضتها الأزمة، بات العمل عن بعد والتعلم الإلكتروني والتباعد الاجتماعي جزءاً من الوضع الجديد. وحدها المؤسسات التي سارعت إلى التحوّل إلى العالم الرقمي واعتماد أساليب مبتكرة ستكون قادرة على العبور إلى مرحلة ما بعد الأزمة وبقيمة أقوى مع الاستمرار في توسيع قاعدة المتعاملين وكسب ولائهم والاحتفاظ بقوى عاملة فعالة ومبتكرة ومتحمسة للعمل.
حامد التميمي - نائب رئيس بوز ألن هاملتون