أعربت شخصيات عراقية عديدة عن خشيتها من استخدام تركيا لورقة المياه كوسيلة ضغط على بغداد وسط مخاوف من تداعيات سد ”إليسو" التركي، الذي يهدد العراق بأزمات اقتصادية وإنسانية جديدة.

و"إليسو" هو سد اصطناعي تركي ضخم، افتتح في شباط / فبراير 2018، وبدأَ في ملء خزانه المائي في 1 يونيو 2018، وأقيم السد على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو وعلى طول الحدود من محافظة ماردين وشرناق في تركيا، وأعلنت بغداد في وقتها رفضها وتحفظها على بناء السد، لما يشكله من خطورة حقيقية على حصة العراق المائية.

وقال هشام داود، مستشار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في تصريح خاص لـ ”إرم نيوز"، إن ”هناك تحركا حقيقيا لحل قضية حصة العراق المائية، وهناك مفاوضات ستجري قريباً بين بغداد وانقرة بهذا الصدد".

وأضاف أنه ”لا يمكن التفريط بأي شيء يكون من حق وحصة العراق والعراقيين، ولهذا الحكومة تعمل باستمرار على ضمان حصة العراق المائية، ومنع أي تجاوز يضرها من أي دولة كانت".

من جهته، قال عضو لجنة المياه والزراعة في البرلمان العراقي، حسن سالم، في حديث مع ”إرم نيوز"، إن ”تركيا لها أهداف سياسية واقتصادية من خلال تجاوزها على حصة العراق المائية، فهي تهدف الى تدمير الزراعة العراقية، والتحكم في الصادرات الزراعية للعراقيين، وهو ما ينعش اقتصادها".

وأوضح سالم، أن ”تركيا تحاول استغلال الملف المائي، للضغط على العراق سياسياً، فيما يخص أعمالها العسكرية شمال البلاد، وكذلك عمليات القصف، التي تعتبر خرقاً لسيادة العراق، ومدانة دولياً، ولهذا هي تريد هذا الملف تستخدمه كورقة ضغط، لإجبار بغداد على السكوت على عملياتها داخل الأراضي العراقية".

وشدد النائب العراقي على ”ضرورة، عدم رضوخ العراق، للابتزاز التركي في الملف المائي، والتوجه نحو المجتمع الدولي، إذا لم ينفع الحوار المباشر في ضمان حصة العراق المائية، فعدم توفر الحصة بشكل كامل، خلال الصيف الحالي، مع الظرف الاقتصادي الذي يمر به العراق، سيسبب بأزمات جديدة، وستكون لها تبعات سلبية على حياة المواطن، وهذا الأمر لا يمكن السماح به أو السكوت عليه".

بدورها، قالت عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي ندى شاكر جودت، لـ ”إرم نيوز"، إن ”العراق يمكن له استخدام ورقة الاقتصاد كورقة ضغط ضد أنقرة، خلال التفاوض بشأن الملف المائي، وضمان حصة العراق المائية، بشكل كامل وعادل".

وأضافت ان ”تركيا تمادت كثيراً في التجاوز على العراق وسيادته، وهذا كله بسبب ضعف الأداء الحكومي والمفاوض العراقي، وعدم توحيد الكلمة السياسية، ولهذا على الحكومة العراقية، برئاسة مصطفى الكاظمي، العمل هذه الفترة، على منع أي تجاوزات تركية على العراق، خصوصاً أن بغداد لديها أوراق وأدوات ضغط كبيرة وكثيرة، يمكن أن تستخدمها مع أنقرة، وعلى رأسها الملف الاقتصادي".

بالمقابل قال المحلل السياسي العراقي محمد التميمي، لـ ”إرم نيوز"، إن ”الملف المائي بين بغداد وأنقرة، ملف سياسي أكثر مما هو ملف آخر، فتركيا تحاول ابتزاز العراق بهذا الملف، من أجل تحقيق الأهداف التي تريدها، خصوصا العسكرية في شمال العراق، من خلال محاربتها حزب العمال الكردستاني".

وبين التميمي أن ”تركيا تحاول منذ فترة طويلة السيطرة على الاقتصاد العراقي، وتكون هي أكثر الدول المصدرة للعراقيين، المواد الزراعية الغذائية والصناعية وغيرها، فهي تريد أن يبقى العراق يعاني من أزمة المياه، مع الصيف، وهذا يمنع الفلاح من زراعة محاصيله، وهنا تجبر بغداد على فتح الاستيراد، وتكون أنقرة هي المستفاد الكبيرة، وهذا الأمر لا يدمر الاقتصاد والزراعة العراقية، لفترة موسمية فقط، بل تكون لها تبعات طويلة الأمد، وهذا ما تهدف له أنقرة".

وأضاف أن ”الحوار مع تركيا، لم يأت بأي نتيجة، فكل الحكومات العراقية، فعلت ذلك، لكن لم تفلح، ولهذا يجب التحرك نحو المجتمع الدولي، لإيقاف التجاوزات التركية على حصة العراق المائية، وكذلك إيقاف خرق سيادة البلاد، الذي سيتكرر يومياً من خلال العمليات العسكرية".