أثارت صحيفة الوطن البحرينية الموقرة في الأيام الأخيرة موضوعاً في غاية الأهمية. هذا الموضوع كان يهدف إلى تصحيح مسار التعليم العالي في البحرين، متمثلاً في معالجة الطريقة الخاطئة التي تتعامل معها جامعة البحرين فيما يخص موقعها في ترتيب السلم الأكاديمي على الصعيد العالمي.

في الحقيقة، يبدو أن صحيفة الوطن -كما جاء في رد الجامعة- لا تهدف إلى تشويه سمعة جامعتنا الوطنية أو النيل منها والتشكيك في سمعتها، وما إلى ذلك، وإنما كل ما في الأمر أن «الوطن» تبنت وجهة نظر علمية أخرى حول مقاييس الجودة والأداء، والتي ربما غفلت عنها جامعة البحرين.

بعيداً عن الاتهامات الطائشة، فإننا كلنا -ومعنا صحيفة الوطن- نهدف إلى أن نرتقي بجامعة البحرين باعتبارها جامعتنا الوطنية العريقة، كي تأخذ أفضل معايير الجودة، وتحسين نمط الأداء في الأعوام القادمة، أمَّا الاستماتة من أجل الدفاع المضاد عن النقد والمؤاخذات المطروحة ضد الجامعة، وتشكيل شبكة كبيرة من الجيوش الإلكترونية للتنمر على الصحيفة وعلى كل من يكتب في المسار المعاكس، فهذا الأمر لا يليق ولا يمكن أن يوصل الجامعة إلى بر الأمان.

إضافة إلى كل ما ذُكر، فإن هناك كثيراً من اللغط يدور حول أداء جامعة البحرين من حيث إقصائها للكوادر البحرينية بشكل سافر، وعدم تشجيع الكفاءات الوطنية لاستلام المناصب الإدارية والأكاديمية في الجامعة.

ولو أردنا الذهاب إلى أبعد من ذلك، فإن هناك بعض الأكاديميين الأجانب ذهبوا صوب «تبييض البحوث»، فقط من أجل أن تكون «جامعة البحرين» متقدمة بين الجامعات الأخرى على الصعيد البحثي لتضع اسمها متقدمة في مواقع قياس مستوى الأداء.

فعلى سبيل المثال، هناك أحد الأكاديميين الشباب ممن يعملون في جامعة البحرين، ويحملون الجنسية الإيطالية، قدم في غضون أقل من عامين 110 أبحاث، وهذا لا يمكن أن يتحقق لأي أكاديمي عبقري ولو تفرغ للبحث من دون أن ينام أو يأكل أو يشرب أو يُدَرِس. بل إن لدينا أسماء أكاديمية أخرى لديها كمية بحوث مشكوك في نسبتها لهم!

نحن لا نطالب الجامعة أن ترد على صحيفة الوطن بمعلقة طويلة رتيبة، كتبت بانفعالية وتلميع واضحين، إنما نأمل أن يستفيق أكبر رأس فيها ليخلص الجامعة الوطنية من هذه الورطات والمنزلقات الخطرة، ليصحح أوضاع الجامعة السلبية العميقة، التي أزكمت أنوف الجميع.