لن يتمكن والدا بيار شوليه الفرنسي، البالغ 19 عاما من العمر، والذي نفذ عملية انتحارية بعد التحاقه بصفوف تنظيم "داعش" في العراق، مطلقاً من فهم كيف تحول هذا الشاب من "ملاك" إلى "وحش".في أكتوبر 2013 عندما بلغ سن الرشد، غادر الشاب، الذي وصفه الجميع بأنه متحفظ ولطيف يعشق الدراجات الهوائية وكرة القدم، المنزل الأسري في بلدته الصغيرة في بور سور سون بشرق فرنسا. وتروي والدته أنه ترك رسالة كتب فيها "أبي، أمي.. ذهبت لمساعدة السوريين والسوريات، لكن لا تقلقوا ستصلكم أخباري في أسرع وقت ممكن. أحبكما".وبيار الكاثوليكي كان يريد أن يصبح أستاذا، واعتنق الإسلام ولم يكن يتطرق إلى هذا الموضوع مع أهله إلا نادرا. وكان يقول لوالده، الذي كان يحذره: "لا تقلق، لديك صورة سيئة عن الإسلام".وقال جيرار شوليه بحزن، لوكالة "فرانس برس": "لا نعلم كيف تم تجنيده. كان في الـ17 واعتقدنا أنه كان يمر بأزمة المراهقة ويريد أن يثبت نفسه وأنها مرحلة وستمر". وأضاف: "في حينها لم يكن هناك حديث عن الجهاد والتغطية الإعلامية لم تكن ما هي عليه اليوم".وقال والده، وهو عامل في الـ52 من العمر: "في البداية، اعتقدنا أنه التحق بمنظمة إنسانية، كانت فترة حراك الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد". وأضاف: "كان يبعث إلينا رسائل إلكترونية، لكنه لم يتحدث أبدا عن معارك. كان يقول لنا إنه يهتم بـأولاد سوريين ويعلمهم لعبة كرة القدم". لكنهما أدركا في نهاية المطاف أن ابنهما انضم على الأرجح إلى مجموعة متطرفة، وتساءلا ما إذا كانا سيشاهدانه يوما "على الإنترنت وهو يحمل السلاح".. إلا أن الأمر تبين أنه أسوأ من ذلك.والأسبوع الماضي، أعلن تنظيم "داعش" أن "أبو طلحة الفرنسي"، الذي انتقل إلى العراق، قُتل في هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة على ثكنة لميليشيات شيعية قرب قاعدة سبيشر العسكرية في محافظة صلاح الدين، على بعد 160 كلم من بغداد.وفي صورة نشرت على حساب "تويتر" لتنظيم "داعش"، يظهر الشاب مبتسما أمام الراية السوداء للتنظيم المتطرف. وقالت الوالدة ماري انييس (54 عاما): "على الفور تعرفت على ابني وأصبت بصدمة. حولوا ابني الذي كان ملاكا إلى وحش".وقال والده بيار شوليه إن ابنه بدأ يتغير في المدرسة قبل عام من إنهاء دراسته الثانوية. وبدأت علامات بيار تتراجع، هو الذي كان دائما طالبا متفوقا. وأطلق لحيته وطرأ تغيير على ملابسه.وأضاف والده: "بالتأكيد التقى بأشخاص أشرار في وقت غير مناسب.. هؤلاء الأشخاص لهم خبرة عالية في غسل الأدمغة"، موضحاً أنه يشعر بـ"العجز" أمام العمل "البشع" الذي ارتكبه بيار. وتابع: "إنه عمل لا يمكن فهمه عندما يرتكبه مجهول، فكيف عندما يكون المنفذ ابنك".وشوليه ليس أول فرنسي يُقتل في سوريا أو العراق. وفقاً لوزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، فقد قُتل ما لا يقل عن 73 فرنسيا "في ساحة العمليات الإرهابية" في سوريا أو العراق.ووفقاً للتقديرات الرسمية الفرنسية، فإن فرنسا من الدول الغربية الرئيسية لجهة عدد المتطرفين الذين يتوجهون إلى سوريا مع 1400 فرنسي متورطين في شبكات متطرفة و400 فرنسي على الأرض، بينهم 88 امرأة على الأقل وحوالي 10 قاصرين.