نظريات تطوير الذات عديدة، وستجدها تدخل في شؤون الحياة كافة، وبالأخص المهنية والاجتماعية، وكلها تدفع باتجاه تعديل سلوكيات أو تغييرها نحو الأفضل، وبعضها -أي النظريات- تقدم نفسها كأنها «النموذج الأمثل» للاتباع إن كنت تريد التحسن في هذه الجوانب أو تلك، وتقدم لك أيضا محاذير وسلوكيات خاطئة أو سلبية يفترض أن تتجنبها.

بداية يجب إدراك حقيقة مهمة تتمثل في أن كل شيء «نسبي»، إذ لا معايير ثابتة ولا قوالب جاهزة لكافة الأمور، لكنها -وهنا أتحدث عن نظريات التطوير الشخصي- تتضمن ممارسات فيها إجماع، أو طرائق أثبتت جدواها ونجاعتها، وأمور جربها عدد كبير من البشر وأثبتت فائدتها.

وعليه، النصيحة بشأن هذه النظريات هي التدقيق فيها وأخذ المفيد منها، وخاصة الأمور التي تطورك بشكل إيجابي كإنسان، وهنا إن أردنا الحديث عن الإيجابية فإننا سنتحدث عن سلوكيات وأنماط بإمكانها تسهيل حياة الإنسان في عمله ومجتمعه، وستقوده لتصحيح كثير من المفاهيم والممارسات لديه.

خذوها قاعدة مهمة، الإيجابية في التعامل مع كل شيء تعد «وصفة سحرية» لحياة أكثر هدوءا وأكثر إنتاجية، ولسلوكيات تخلو من التصرفات السيئة والمشاعر المؤذية، وهي ما أراها كجهاز «تنقية» للنفوس والقلوب والعقول من أمور تقصر العمر وتشوه جمالية الحياة.

أحد أصدقائي الأعزاء أرسل لي بالأمس مقارنة جميلة بين الإنسان الناجح وغير الناجح، وهي مقارنة يمكن أيضا عنونتها بالمقارنة بين الإنسان الإيجابي والإنسان السلبي، فيها من الصفات التي لو توقفنا عندها في جانبيها الإيجابي والسلبي، قد نجد أننا نمارسها سواء بوعي أو بلا وعي، وقد تؤثر كثيرا على حياتنا.

هي كنظرية قد تحمل الصواب أو الخطأ، لكنها قريبة جداً من الصواب لو توقفنا وفكرنا فيها، فمثلا الإنسان غير الناجح أو السلبي من صفاته ما يأتي: ينتقد باستمرار، ويطال نقده أي أمر، وكأن لا شيء يعجبه، يحمل الضغائن في قلبه على الناس ولا مجال للتسامح، يعتقد أنه يفهم في الأمور كافة، يلوم الآخرين على الأخطاء التي يرتكبها، لا تجد عنده أهدافا محددة في عمله ولا حياته، يؤمن بأنه يستحق كل شيء والآخرون لا. كسول وتجده متسمراً بشكل يومي أمام جهاز التلفاز أو أي وسيلة إلهاء.

أما الإنسان الناجح أو الإيجابي، فبحسب النظرية يتميز بصفات منها الآتي: يقرأ بشكل يومي ويتثقف، إيجابي في تعاملاته مع الآخرين ويمتدح نجاحاتهم، يسامح ولا يحمل الضغائن، يتقبل التغيير ويتأقلم مع التطورات في محيطه، لديه الرغبة في التعلم الدائم. يتحمل المسؤولية نتيجة أخطائه ويستفيد منها، لديه القناعة وتقدير ما يملك وما يحيط به من نعم، لديه أهداف محددة في مجمل جوانب حياته.

وهنا لا بد من التأكيد أن «الإيجابية» أو «السلبية» ليستا صفتين متأصلتين في البشر، بل هما «اختيارات» هم من يقررونها بحسب سلوكياتهم وتصرفاتهم.

السؤال: كم في محيطنا من أشخاص يمكن أن نعدهم ناجحين وإيجابيين، وفي مقابلهم أشخاص سلبيون وفاشلون؟! والنصيحة الأهم هنا بعد الإجابة: كن إيجابيا ناجحا واختلط مع من هم على شاكلتك، وابتعد عن السلبيين حتى لا تكون منهم، وحتى لا تجعل تأثيرهم «يسمم» حياتك.