نظرا لما تواجهه المحاكم البحرينية من قضايا يُستغل فيها الشباب والنشء في أعمال إجرامية تقع تحت طائلة قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، فإن السلطة القضائية عادة ما تلجأ لمواد من قانون العقوبات تستخدم فيها "العذر المخفف" عند معاقبة هؤلاء الأحداث المتورطين، خاصة أن أعمارهم تقل عن 18 عاما. وتنظر المحاكم الكثير من القضايا من هذا النوع، حيث يقع الطفل ضحية بين ضياع مستقبله وممارسات تستوجب العقاب رغم أنه دفع إليها دفعا.في هذا الإطار، كشف الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية العميد محمد راشد بوحمود عن تقدم الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، باقتراح خاص بإيقاع تدبير احترازي على الشباب المتورط في جرائم إرهابية ممن تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 18 سنة، بدلا من الحبس، وأن هذا الاقتراح سيتم إحالته للسلطة التشريعية في المرحلة القادمة من أجل مناقشته.وقال بوحمود في لقاء خاص أجرته وكالة أنباء البحرين "بنا"، إن عبئا كبيرا يقع على الأهل ومنظمات المجتمع لحماية الشباب من الوقوع في جرائم تمس الأمن العام، وأن دورا كبيرا يقع على عاتقها لحماية الحدث من التورط في الأعمال الإجرامية، وتقويم الاعوجاج الحاصل لدى قطاع من الشباب المنخرط في مثل هذه الاعتداءات، معتبرا أن الأهل يأتي دورهم في المقام الأول من خلال الرعاية والنصح.وفيما يلي نص اللقاء :ـ كيف ترون دور مؤسسات النظام الاجتماعي في حماية النشء من الانخراط في الجرائم عموما؟الشباب هم عماد المستقبل، وبهم تبنى الأمم، وإن صلحت بذور الحاضر تحسن نبات وثمار المستقبل، إننا لا نريد لأي شاب أن يتعرض للانحراف في مستهل حياته، ويحبذ أن يكون التقويم من خلال النظام الاجتماعي ومؤسسات التنشئة الرئيسية، كالبيت والأسرة والمدرسة والنادي وغيرها. وهؤلاء الأحداث المتورطين في جرائم يكونون في الأساس ضحايا لفئات منحرفة، وعدم متابعة من قبل الأهل والمنظمات المعنية، وكذلك ضحايا للاستغلال من قبل الغير، وبالتالي يُعامل الحدث بصفته الحلقة الأضعف في المجتمع، ومن ثم يجب تقويمه ومساعدته على تقوية شخصيته، والابتعاد عما من شأنه تعريضه للانحراف.ـ هل هناك إحصائية عن زيادة أو انخفاض في عدد الأحداث المتورطين في جرائم متنوعة؟هناك كثيرون يحاولون استغلال صغار السن في أعمال شغب وإثارة قلاقل بشكل يومي، وهو ما يسبب خطورة عليهم وإزعاجا للآخرين، ولا توجد إحصائية تحدد أرقام الأحداث المتورطين في جرائم، لكن أستطيع التأكيد على أن المعدل في انخفاض بسبب زيادة برامج التوعية وتجديدها أولا بأول سواء للصغار أو الكبار.ـ هناك إشكالية في القضايا المعروضة أمام القضاء الجنائي بشأن الأحداث دون الـ18 عاما ممن ينخرطون في أعمال إجرامية وأحداث شغب وحرق جنائي، والتي تتراوح عقوبتها ما بين 5 إلى 15 سنة، حيث يتم استخدام المادتين 71 و72 من قانون العقوبات لتخفيف العقوبة لتصبح 3 سنوات فقط، هل هناك أفكار جديدة بشأن ردع هؤلاء الأحداث المغرر بهم، ومحاولة إيجاد سبل أخرى لإصلاحهم وتقويمهم غير عقوبة الحبس؟الطفل أو الحدث محور جميع الجهات المختصة في مملكة البحرين، وحداثة السن في الجرائم تستوجب العذر المخفف، ويكون وجوبيا على القاضي أن ينزل بالعقوبة باستخدام مواد قانون العقوبات الخاصة بهذا الشأن. لكن في النهاية "العذر المخفف" لا يكفي للحد من تورط الشباب في جرائم جنائية متنوعة، لأنه في النهاية سينفذ عقوبة الحبس. ولذلك منذ سنة تقدم معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، باقتراح خاص بإيقاع تدبير احترازي على الحدث الذي يتراوح سنه بين 15 إلى 18 سنة، بدلا من الحبس، وقد تم الانتهاء من مراحل الإعداد والصياغة القانونية لهذا المقترح مع هيئة الإفتاء والتشريع، وكذلك مع اللجنة الوزارية القانونية المختصة، وسيتم إحالته للسلطة التشريعية في المرحلة القادمة من أجل مناقشته وإجراء التعديلات عليه.ـ هل يمكن إعطائنا فكرة عن التدابير الاحترازية المقترحة؟بعض التدابير الاحترازية الموجودة في قانون الأحداث أو الطفل يمكن تطبيقها حاليا على حالات معينة لمن هم فوق السن القانونية، لكن الحدث يبقى في قانون العقوبات مسؤول عن تصرفاته. وهناك برامج اجتماعية وتعليمية تضعها الجهات المختصة كقسم إدارة الأحداث بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والوزارات ذات العلاقة مثل التنمية الاجتماعية لرعاية الحدث وتقويم انحرافه وممارساته الخارجة على القانون، وتهدف في النهاية لإعادة إدماج الحدث في مجتمعه وإعادته إلى الطريق القويم كمواطن صالح.ـ هل ستتضمن الأفكار استخدام الإفراج المشروط مع وضع سوار ممغنط للمدانين في جرائم وتقل أعمارهم عن 18 عاما؟هذا يندرج تحت الرقابة، لكن ما نعمل عليه هو نزع الجنوح للفعل الإجرامي من هؤلاء الأحداث، ونتمنى أن نصل لبرنامج متكامل يضم الأهل ومنظمات المجتمع المدني والوزارات المعنية والجهات الأهلية المهتمة بهذا المجال ليصب في مصلحة الطفل بألا يجنح للفعل الإجرامي، لأنه في الأساس طفل، ويجب أن يستمتع بطفولته، وألا تُستغل براءته، وأن يعمل على بناء مستقبله.ـ هل هناك ربط مع وزارة التربية والتعليم بصفتها أكثر وزارة معنية بهذا الأمر؟العمل القانوني والاجتماعي والأسري والتربوي لابد أن يكون بينهم رابط وثيق وعمل منسق بمراحل متفق عليها وموحدة، وإلا ستتنافر الاتجاهات، وأستطيع القول أن الوزارات المعنية بالطفل تعمل معا بشكل ديناميكي، فوزارة الداخلية والتنمية الاجتماعية والتربية والتعليم ووزارة العدل كلهم يعملون في منظومة موحدة المنظور، ومتضافرة في الجهود للوصول إلى أفضل نتيجة لمصلحة الطفل التي ستنعكس بالتأكيد على أمن الوطن واستقراره.
Bahrain
الداخلية: تدابير احترازية بديلة للأحداث المتورطين بجرائم إرهابية
23 فبراير 2015