أكد علي عبد الله العرادي النائب الأول لرئيس مجلس النواب أن تجربة مجلس النواب الحالي تعد تجربة أكثر نضجاً، وأن تحقيق التنمية على مختلف الأصعدة في مملكة البحرين يعد أحد أولويات خطة المجلس، مشيرا إلى أن التحدي الحقيقي لمجلس النواب يعني التغيير في القوانين والتشريعات لصالح الوطن والمواطنين، وأن النظرة لعمل النائب لا بد أن تتغير باعتباره نائبا يمثل الأمة.وأوضح في حوار أجرته معه وكالة أنباء البحرين "بنا" أن على النائب أن يغير فكرة الناس عنه من خلال العمل والإنجاز، وأن يحاسب نفسه قبل محاسبة الآخرين له، معتبرا أن هناك أدوارا أكبر للنائب يتعين عليه القيام به تتجاوز تلك الأدوار التقليدية المعروفة، الخدماتية منها والمناطقية، وذلك في إشارة للأدوار الرقابية والتشريعية والسياسية المفترض أن يسهم بها نواب السلطة التشريعية من أجل زيادة كفاءة الأداء ورفع مستوى الفاعلية وتطوير البنية التشريعية لأجهزة الدولة. وفيما يلي نص الحوار:ـ ما هي رؤيتكم لخطة مجلس النواب الحالية، وهل التنمية من أولويات هذه الخطة؟يعمل المجلس الحالي بما يتراوح من 70 إلى 80 % في مجالي التشريع والرقابة، وبين 20 إلى 30 % في مجال السياسة، هذا بخلاف الفترة السابقة، وتجربة مجلس النواب الحالي أصبحت أكثر نضجاً في الفصل التشريعي الرابع. ونتيجة للتحديات التي تواجهها المملكة في الوقت الحاضر، يسعى النواب للتركيز على تحقيق التنمية على مختلف الأصعدة، وقد جاء برنامج عمل الحكومة ترجمة لذلك، حيث توافق النواب مع الحكومة على مشروع عمل لمدة أربع سنوات ركز في مجمله على التنمية ووضع المواطن البحريني نصب عينيه كهدف أسمى.ـ كيف يمكن زيادة وعي الرأي العام بدور النائب الرقابي والتشريعي؟ هذه التجربة لا تنفصل عن الناس، فهناك وثيقة معلنة بين الناخب والمترشح، وهي البرنامج الانتخابي، وفي الفصول التشريعية السابقة كانت تغلب على البرامج الانتخابية بشكل عام طبيعة المشاريع الخدماتية، ولكن في هذا الفصل معظم النواب الذي تم انتخابهم لم تركز برامجهم الانتخابية على الجانب الخدمي، وهي الخطوة الأولى لزيادة الوعي، ثم تأتي الخطوة الثانية وهي عمل النائب نفسه داخل المجلس، ولذلك على النائب أن يركز على دوره التشريعي والرقابي، فالمعركة الحقيقية هي معركة سن القوانين، والتحدي الحقيقي هو تحدي التشريع. وليس مطلوبا من النائب اليوم أن يكون نائبا لمنطقته، ولكن جميع النواب في هذا المجلس يركزون على أن يكونوا نواب للبحرين بأسرها. ووفقا للمادة 19 من الدستور، فإن النائب بمجرد أن يكون عضواً في مجلس النواب يعد ممثلاً للبحرين كلها.وفي رأيي الشخصي، فإن الخطوة الأولى لتغيير القناعات السلبية تبدأ من النائب، والخطوة الثانية تأتي من الناس، وعلينا أن نتساءل كيف نستطيع أن نفسر للرأي العام دور النائب الحقيقي. وبلا شك فإن للمجلس دور في تحقيق ذلك، وقد وضعنا أمامنا رؤية جديدة بحيث يحقق النائب الإنجاز والتنمية المطلوبين من خلال التعاون مع الشركاء.وتعد الأمانة العامة شريكا أساسيا للمجلس، ولها دور كبير في الكثير من المبادرات، حيث قررت هيئة مكتب المجلس أن يكون للأمانة العامة دور أكبر، فهي تشارك النائب في زيارات المؤسسات والجمعيات الاجتماعية والحقوقية، وهناك خطة لزيارة المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، وذلك لتعريف الطلاب بدور النائب. وإذا عرف الطلاب والناس دور النائب الحقيقي سوف يحد ذلك من المطالب الخدماتية، وسوف يركز الناس على الدور الأكبر والأهم الذي يجب أن يلعبه النائب، وبطبيعة الحال سيضمن التشريع تحقيق الخدمات المتوازنة للمواطنين. ـ برأيكم، هل المجلس قادر على تغيير القناعات السائدة بشأن بعض النواب الساعين للاستفادة من التسهيلات المتوفرة لهم؟لا شك أن المجلس قادر على تغيير هذه الفكرة بالعمل وبالإنجاز وبالتواصل مع الناس. نحن ندرك أن التجربة البرلمانية في البحرين عمرها 12 سنة فقط، ولذلك فهي تعد تجربة حديثة نسبيا، وهذه التجربة بدأت مع المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدى، ومنذ ذلك الوقت والتغيرات في مملكة البحرين سريعة على مختلف الأصعدة. والمسؤولية هنا تقع على عاتق النائب أولاً، ثم على عاتق المواطن، وسيسعى المجلس بكل قوته لتغيير مثل هذه الأفكار لتكريس وترسيخ الدور الحقيقي للنائب.ـ كيف يمكن أن يحل المجلس الحالي هذه الإشكالية؟قرر المجلس الحالي أن تكون له منهجية في مناقشة برنامج عمل الحكومة، وذلك عبر الالتقاء بالقطاعات المستهدفة، والتعرف على آرائهم ومتطلباتهم، وهذه المنهجية تكشف للشارع أن النائب لن يتخذ قراراً فيما يخصهم دون مشاوراتهم، وسوف يسهم ذلك في تغيير فكرة الناس عن عمل النائب. لقد وضعنا مجموعة أفكار سوف تسهم جميعها في تغيير القناعات السائدة، وبدأ المجلس بالشراكة المجتمعية، حيث قام بتنظيم منتدى ضم 180 شابا يمثلون القطاعات الشبابية المختلفة والأجهزة الرسمية والجمعيات والمراكز المعنية، وحاولنا التعرف على مشاكلهم وتطلعاتهم والأفكار الجديدة التي يحملونها، وتم مناقشة كيف نضع كل ما أسفر عنه هذا المنتدى في ملفاتنا. ما نقوم به في الواقع الآن، هو إستراتيجية جديدة تتضمن عدة مبادرات، كل مبادرة يندرج في إطارها كل قانون نريد مناقشته أو قطاع نستهدفه، حيث ندعو القطاع المستهدف ونسمع الآراء المختلفة، ويجلس كل عشرة أشخاص معاً في مائدة منفصلة، ومعهم نائب ومقرر من الأمانة العامة، وتكتب توصيات كل الموائد المستديرة، وتوضع كل توصية في الملف الخاص بها، سواء كانت أسئلة أو اقتراحات برغبة.وتندرج هذه المنتديات تحت إستراتيجية الشراكة الاجتماعية التي ينتهجها المجلس، ومن أهدافها تغيير نظرة الناس للمجلس وللنواب. ويأتي التواصل المباشر كوسيلة أخرى لتغيير نظرة الناس للنواب، حيث نتعرف على بعض المشكلات التي يعاني منها المواطنون سواء عن طريق تقدمهم بهذه المشكلات وحضورهم المباشر للمجلس أو من خلال الصحافة التي تلعب دوراً كبيراً في طرح بعض المشكلات. فإذا كانت المشكلة عامة، تذهب اللجنة المختصة لأصحاب المشكلة وتناقشها معهم. كما يستقبل رئيس مجلس النواب المواطنين يوم الخميس من كل أسبوع، وطوال أيام الأسبوع يلتقي النواب بالمواطنين. ومن جهة أخرى نعتمد اعتماد كبيراً على الصحافة. هذا بالإضافة إلى أن كل نائب أيضا يتابع مشاكل منطقته، والهدف في النهاية يكمن في الوقوف فعلياً على متطلبات الناس ونساعدهم في تحقيقها.ـ من برأي سعادتكم يمكن أن يحاسب النائب؟نطمح أن يحاسب النائب نفسه قبل محاسبة الآخرين له. فعندما رشح النائب نفسه أمام ناخبيه، وضع وثيقة تضمنت برنامجه الانتخابي، والذي تضمن بدوره وعوداً للناخبين، وعلى النائب عقب دخوله المجلس أن يجعل من هذه الوثيقة مرجعية له لمحاسبة نفسه، هذا ما يجب أن يحدث. ولكن ما يحدث حقيقة في الوضع الحالي، يكمن في متابعة المجلس لعمل النائب من خلال عدة آليات، الأولى: من خلال الصحف، وهي أكثر آلية فعالة في متابعة النائب. والثانية: تختص بالمواطنين الذين يتحدثون بصراحة عن رأيهم في النواب، وذلك من خلال متابعة شبكات التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الحاضر نسعى لتطوير الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلس، ليكون هناك اتصال مباشر بيننا وبين المواطنين، وتكون هناك فرصة أكبر للمواطنين لطرح مشكلاتهم ومتطلباتهم، فالناس لهم حقوق لدى النواب عليهم توصيلها للجهات المعنية ودعمها، وللنائب حق التشريع والرقابة، وإذا فقدت هذه الصلة بينه وبين الناس فلن يستطيع أن يقدم شيئاً.ـ ألا توجد لجنة تنظر في الشكاوى المقدمة في حق النائب؟بطبيعة الحالة توجد لجنة إذا كانت هناك شكوى حقيقية فعلية لمخالفة رصدت من جانب أي نائب. وهناك مكتب المجلس، واللجنة التشريعية التي تنظر في الشكاوى، ولكن لم يتلق المجلس الحالي أو المجالس السابقة أي شكوى في حق أي نائب، لأن من يشتكي لا يأتي للمجلس، ولكن يذهب للقضاء. ونتمنى أن ترتفع درجة الوعي في المجتمع بحيث يأتي سكان منطقة ما لتقديم شكوى في حق نائب منطقتهم لتقصيره في تحقيق ما وعدهم به، ولكنني أعتقد إننا علينا أن ننتظر بعض الوقت حتى نصل لهذه الدرجة من الوعي.
Bahrain
العرادي: 80% من أعمال النواب في مجالي التشريع والرقابة
23 فبراير 2015