الدكتورة حنان العيد
الروح المحترفة في تفعيل البلوك العقلي عندما يمل من أحاديث ونقاشات ممزوجة بخليط التفاهة والسطحية، ويجد من يقوم بتأليف القصص الطفولية ونسج السيناريوهات المعبّرة عن نواقصه النفسية والشخصية، وينسحب منهم فوراً ويتجاهلهم. يترجمه البعض في مخيلتهم وأوهامهم الشخصية بأنه هروب ووسيلة إنقاذ، لا يا سادة أنا شخصياً أعتبر البلوك العقلي من أكثر طرق الدفاع النفسي نضوجاً، فمن يتمكن من إتقانه سيتمكن من إدارة كل شيء في عالمه، كثيراً ما تختلط علينا الأمور في الحياة؛ ربما لضغوط الحياة المستمرة، أو بسبب ما نتعرض له من صراع مرهق بين العقل وحكمته والقلب وعاطفته؛ فقد يتحول سكون الليل إلى عبث بالألباب فيفسدها وتلاعب بالمشاعر فتنهشها؛ كثير من الناس قد يشتكي من أسلوب البعض بالتعامل والفظاظة في الحديث؛ فهل أصبح هذا الأسلوب شعاراً وأيقونة للجدال يتبعها البعض لكي يفرض هيمنته على الآخر؟؟؟ وهل شخصية البعض تستفزك وتستنفد من طاقتك الإيجابية بشكل يومي؟؟؟ وهل المهاترات مع الأرواح منهكة للنفس مع الأرواح التي لا تشبهنا؟؟؟

إن مفهوم البلوك العقلي ببساطة هو تدريب العقل على حظر الأغبياء والمستفزين والمحبطين والارتقاء عنهم بتحويل سلبيتهم لتحدٍّ يؤهلك لمزيد من الإبداع والابتكار والإنجاز في حياتك المستقبلية، سواء على الصعيد العلمي أم العملي؛ فاسرح بعيداً بخيالك عنهم وركز في إبداعاتك وتميزك، واحظرهم من حياتك، وكن أنت كما تريد!!! سواء كان البلوك على مواقع التواصل الاجتماعي، أم على الهاتف أو الرسائل النصية، وحتى الذي وضع بلوك لك في حياته الشخصية فهذا الشخص بالذات لا يستحق اهتمامك، وطبعًا لا يستحق منك فرصة ثانية.

الغريب في كل هذه التساؤلات التي نطرحها على أنفسنا هل الطرف الآخر سيتفهم كوني أملك خصوصيات لا أحب أن يطلع عليها؟ وأني لا أحب مثلاً أن أرد على الهاتف، ولا أحب المحادثات الالكترونية؟ فأنا من النوع الذي لا تناسبني ولا تستهويني الحوارات العابرة والقصيرة، ولا تناسبني الحوارات الافتراضية، التي يصطنعها البعض من وراء الأجهزة؛ لكي يشغلوا أوقاتهم بالتسلية ومضيعة الوقت؛ وأن البوح والحوار والإحساس الصادق يساعد على الشفاء مع أناس يمتلكون وجهاً واحداً، لا يتلاعبون بالوجوه كما تريد؛ وأن خلف بعض الوجوه قناعاً، ولكل ابتسامة ألف معنى، وخلف كل سكوت غدر.

لا تخلو الحياة اليومية من وجود المنغصات والمشكلات، وبعض الأمور التي تعكر صفو الإنسان، وتؤثر على مزاجه؛ ولتفادي بعض الأشخاص والمواقف هناك حلول عديدة للحد من تلك المهاترات المستمرة؛ فعندما تتغافل وتتجنب الدخول في الحديث مع الأشخاص الذين لا يشبهونك في الروح وعدم منحهم مساحة لأنهم لا يستحقونها، ولأنهم لم يخلقوا ليعبثوا معك؛ وعندما لا تتفاعل معهم في السلبية والنكد ولا ترضيهم لأنهم يستهلكون من طاقتك اليومية؛ فلا تغير طبعاً عقيماً مزمناً لأنه لن يتغير ولا تقضِ على ما هو جميل فيك فراحتك هي الأهم؛ ولا تحمل روحك جهداً أكبر من اللازم لإرضائهم فمن اختفي من حياتك فجأة بمزاجه فأقفل الباب وراءه، وافتح صفحة جديدة من دونه؛ لأنه ببساطة لا يستحق أن يكون فيها من البداية. تعجبني مصاحبة الناس البسطاء، الذين لا يفتخرون بشيء في هذه الحياة سوى أخلاقهم، ولا يهمّهم من هذه الدنيا سوى الابتسامة والتواضع؛ لذلك توقف فوراً، وأعد تقويم أمرك وراجع شريط يومك وعملك، وعد لذكائك ولا تسمح للأغبياء والمتسلقين بالتأثير السلبي فيك وإفساد حياتك عليك؛ لأن العاصفة تستطيع أن تدمر مَدينة، لكنها لا تستطيع أن تحل عقدة خيط، وهكذا الغضب يُدمّر، لكنه لا يقدم الحل فاحذر أن يدمر حياتك؛ لا تحاول تغيير أحد؛ ابحث عن الروح التي تشبهك منذ البداية؛ وإياك أن تؤذي نفسك بالصبر على علاقات كثيرة الشد والاستفزاز والوجع وسوء الظن؛ لأنك ستعيش عمرك تلهث للتبرير وإثبات براءتك لأن العلاقات لم توجد إلا من أجل أن يسعد بعضنا بعضاً، وإلا فعدمها أفضل؛ فالتبلد الذكي مع كل الأرواح المزعجة حل قد يريح نفسك والشعور بالرضا والجمال النفسي؛ فنصيحة انشغلوا بالأمور التي تسعدكم وترفعوا عن كل تلك الصغائر. وتقربوا من الله وتفاءلوا وتجنبوا الجدل والشكوى والتمارض والتغابي وسلحوا أنفسكم بالمعرفة؛ وفكروا في المقابل بإسعاد أنفسكم؛ لأنها هي الأهم في نهاية المطاف.