^ يقولون إن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة، ومضاد له في الاتجاه، ذلك قانون نيوتن الذي ينطبق بشكل كبير على العلاقات الإنسانية، وبالتالي يبرر البعض ما قام به بعض المتجمهرين في دوار (ألبا) من اعتداء على بعض الممتلكات، رداً على عملية تفجير قنبلة على رجال الأمن المدانة بكل عبارات الإدانة في العكر، ويعتقد نفر من الذين تجمهروا بدوار (ألبا) أن القانون إذ لم يردع هؤلاء الخارجين عليه، فإنهم سيقومون بردعهم بالطريقة التي يرونها. ولست بصدد مناقشة الدوافع والمنطلقات التي حركت المتجمهرين في الرفاع، كما إن القارئ العزيز ليس بحاجة إلى إثبات أن عمليات استهداف رجال الأمن الممنهجة عمليات خارجة على القانون، وأنها لا تمثل إلا من يقومون بها، ولا تمثل الطائفة الشيعية الكريمة بأكملها. وإنما وددت أن أركز في هذا المقال على خطورة العنف بشكل عام أياً كان مصدره، فلا يلجأ إلى العنف للتعبير عن رأيه ومواقفه إلا الضعفاء والعجزة، الذين لا يستطيعون التعبير بشكل متحضر واع عن المبادئ والأفكار التي يعتنقونها، فالعنف والتخريب هما لغة العاجزين، ولغة المهزومين، وما كسب فريق أو طرف بإذكاء العنف، إذا أراد كل طرف أن يجني الأرباح والمكاسب في المواقف السياسية، فلا عليه إلا أن يتحلى بشجاعة نبذ العنف، وإدانته بأغلظ أدوات الإدانة، ففي بعض المواقف ليس كافياً أن تصمت، وهي الخطيئة التي وقعت بعض قوى المعارضة التي صمتت عن أحداث العكر. لكن المنطق أيضاً يقول بأن العنف لا يمكن مواجهته بالعنف، واختراق القانون لا يمكن أن يعالج باختراق مماثل، بل الحل يكمن في هكذا مواقف في احترام القانون، وأن تشمل مظلته الجميع، فلا يعلو على سلطانه سلطان، فهو ضمانة أمن وأمان المجتمع، واحترامه واجب على كل فرد، وتطبيقه واجب على الدولة والنظام السياسي الذي يألو جهده لتحقيق العدالة الناجزة بالقانون. ومن هنا فإن مهمة الحكماء في المجتمع، وعقلائه، أن يبرزوا للناس، وأن يظهروا أصواتهم العاقلة الحكيمة، حتى لا تستأثر الأصوات النشاز بالحديث، لابد أن يقطع عقلاء الأمة على من يكيدون لهذا المجتمع كل سبيل، وما أكثر هؤلاء الذين يؤمنون بحتمية التعايش المشترك في أمان، ما أكثر الذين يرفضون حملات السب والشتم التي تعج بها شبكات التواصل الاجتماعي، ما أكثر الذين تمتلئ قلوبهم بحب هذا الوطن، والرغبة في استقراره، فلن تعدم طائفة من هداة يحملون لأتباعها مشاعل الخير، ويقودونهم لتجاوز الأزمات، بالإصغاء لصوت العقل والحكمة، (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)، لذا فإن هؤلاء الحكماء والوجهاء مذنبون إذا ما صمتوا، فإذا قاموا بدورهم على الوجه المراد، فسرعان ما تنحسر أدوار مضمري السوء بالمجتمع، ومثيري الفتنة والفرقة، الذين يستقوون بالشيطان إن أمكن لتحقيق مآربهم الهدامة، ومخططاتهم المارقة. من حق كل مواطن في هذا البلد أن يتنفس هواء نقياً، بعيداً عن الطائفية البغيضة، وأن يحلم بغد أفضل لأبنائه، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف كل قوى المجتمع، وإصرارهم على تطبيق العدل، وإعلاء هيبة القانون.
العنــــف والعنـــــف المضـــــاد
15 أبريل 2012