رؤى الحايكي
أثرت «الجائحة» بما حملته في جعبتها على السلوك الإنساني وعلى العلاقات والمجتمعات؛ فقد توحدت مخاوف البشرية جمعاء للمرة الأولى، وتوحدت صفوفها في مواجهة احتمالية فكرة «فناء البشرية». لقد كان ولا يزال الشغل الشاغل للجميع هو «الوقاية الصحية» من هذا الوباء، الذي جاء على غير موعد. لقد غيّر العالم وغيّر مداركنا ومشاعرنا وعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية، ومزّق الوصال، وزرع القلق والحذر والترقب في النفوس.
ففي الأشهر الماضية أدت المواجهة الشرسة مع «الجائحة» إلى تقليص العلاقات الاجتماعية، بل انعدامها عند البعض في سبيل احتواء «الجائحة». لقد انعزلت كل أسرة بمفردها وانعدمت التفاعلات الاجتماعية المباشرة، وصار التباعد الاجتماعي «مصطلحاً» جديداً لأسلوب حياة مستجد تمخض عنه «سلوك إنساني مستجد». وبنظرة خاطفة على هذا السلوك نلاحظ بحسب ما جاء في مقال الباحثة المغربية بشرى البداوي أن الجائحة «أسهمت في إعادة تشكيل نفسية الإنسان تجاه نفسه وتجاه الآخر، وطفت على السطح مجموعة من السلوكات الإنسانية في خضم الصراع مع الوباء، كالسلوك المتشبع بالدين والسلوك المتشبع بالفردانية، والسلوك المتوحش، والسلوك الاعتباطي والسلوك التمردي، وغيرها من أنماط السلوك التي تعلن في عمومها عن معدن الإنسان وطبيعته».
ولأن الإنسان مخلوق اجتماعي بالفطرة، فإن إستراتيجية مكافحة «الجائحة» تتعارض مع طبيعة الإنسان المبنية على التواصل، لذلك واجهت التركيبة النفسية للناس صعوبة كبيرة في محاولة منها لمقاومة هذه المشاعر الفطرية التي تميل إلى التواصل الاجتماعي المباشر. كما أن «مجتمع التباعد الاجتماعي» امتحن التركيبة النفسية للعلاقات الاجتماعية وضغط عليها، وأوجد مساحة شخصية كبيرة لم تكن موجودة سابقاً فرضت نفسها فرضاً على العلاقات الاجتماعية بتنوعها، ولا يزال علماء الاجتماع والنفس في محاولات لدراسة كل ما يجري حولنا لرسم صورة ذهنية لشكل الحياة في المستقبل القريب.
ومع بدء تخفيف الإجراءات الوقائية ومحاولة الجميع التعايش مع الحياة بنمطها الجديد نلاحظ بعض ملامح إعادة تشكل نفسية الفرد، فلا تزال أولويات الوقاية والحذر والتوجس والتباعد عند الناس ما يتصدر المشهد. وعلى الرغم من إيمان الناس باقتراب لحظة سيطرتنا الكاملة على الوباء وقطع دابره، فإن الجميع يدرك أن الحياة الاجتماعية لن تعود كسابق عهدها؛ فقد تركت «الجائحة» بصماتها علينا، وسلبتنا إحساس الأمان، وغيرت معادلات التواصل والتفاعل في علاقاتنا الأسرية والاجتماعية وتسببت في شروخ وجروح فيها، ربما ستندمل وربما لا، وعلى غرار «وقع» بيت الشاعر أبوالعتاهية الذي قال فيه: «ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب»، أقول: «فيا ليت الوصال بين الناس يعود يوماً لأخبره بما فعلته أنياب الجائحة».
أثرت «الجائحة» بما حملته في جعبتها على السلوك الإنساني وعلى العلاقات والمجتمعات؛ فقد توحدت مخاوف البشرية جمعاء للمرة الأولى، وتوحدت صفوفها في مواجهة احتمالية فكرة «فناء البشرية». لقد كان ولا يزال الشغل الشاغل للجميع هو «الوقاية الصحية» من هذا الوباء، الذي جاء على غير موعد. لقد غيّر العالم وغيّر مداركنا ومشاعرنا وعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية، ومزّق الوصال، وزرع القلق والحذر والترقب في النفوس.
ففي الأشهر الماضية أدت المواجهة الشرسة مع «الجائحة» إلى تقليص العلاقات الاجتماعية، بل انعدامها عند البعض في سبيل احتواء «الجائحة». لقد انعزلت كل أسرة بمفردها وانعدمت التفاعلات الاجتماعية المباشرة، وصار التباعد الاجتماعي «مصطلحاً» جديداً لأسلوب حياة مستجد تمخض عنه «سلوك إنساني مستجد». وبنظرة خاطفة على هذا السلوك نلاحظ بحسب ما جاء في مقال الباحثة المغربية بشرى البداوي أن الجائحة «أسهمت في إعادة تشكيل نفسية الإنسان تجاه نفسه وتجاه الآخر، وطفت على السطح مجموعة من السلوكات الإنسانية في خضم الصراع مع الوباء، كالسلوك المتشبع بالدين والسلوك المتشبع بالفردانية، والسلوك المتوحش، والسلوك الاعتباطي والسلوك التمردي، وغيرها من أنماط السلوك التي تعلن في عمومها عن معدن الإنسان وطبيعته».
ولأن الإنسان مخلوق اجتماعي بالفطرة، فإن إستراتيجية مكافحة «الجائحة» تتعارض مع طبيعة الإنسان المبنية على التواصل، لذلك واجهت التركيبة النفسية للناس صعوبة كبيرة في محاولة منها لمقاومة هذه المشاعر الفطرية التي تميل إلى التواصل الاجتماعي المباشر. كما أن «مجتمع التباعد الاجتماعي» امتحن التركيبة النفسية للعلاقات الاجتماعية وضغط عليها، وأوجد مساحة شخصية كبيرة لم تكن موجودة سابقاً فرضت نفسها فرضاً على العلاقات الاجتماعية بتنوعها، ولا يزال علماء الاجتماع والنفس في محاولات لدراسة كل ما يجري حولنا لرسم صورة ذهنية لشكل الحياة في المستقبل القريب.
ومع بدء تخفيف الإجراءات الوقائية ومحاولة الجميع التعايش مع الحياة بنمطها الجديد نلاحظ بعض ملامح إعادة تشكل نفسية الفرد، فلا تزال أولويات الوقاية والحذر والتوجس والتباعد عند الناس ما يتصدر المشهد. وعلى الرغم من إيمان الناس باقتراب لحظة سيطرتنا الكاملة على الوباء وقطع دابره، فإن الجميع يدرك أن الحياة الاجتماعية لن تعود كسابق عهدها؛ فقد تركت «الجائحة» بصماتها علينا، وسلبتنا إحساس الأمان، وغيرت معادلات التواصل والتفاعل في علاقاتنا الأسرية والاجتماعية وتسببت في شروخ وجروح فيها، ربما ستندمل وربما لا، وعلى غرار «وقع» بيت الشاعر أبوالعتاهية الذي قال فيه: «ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب»، أقول: «فيا ليت الوصال بين الناس يعود يوماً لأخبره بما فعلته أنياب الجائحة».