السؤال الذي يطرحه البعض اليوم بقوة هو لماذا سعت وتسعى بعض الدول العربية إلى إقامة علاقات مع إسرائيل؟ وهو سؤال مهم ومنطقي يقابله سؤال بالصفات نفسها يطرحه مؤيد و معارض وهو لماذا لا يتم السعي لذلك؟

السؤالان صعبان وقد لا تتوفر لهما إجابة مقنعة في هذه الفترة، فالدول التي اختارت إقامة علاقات أو هي في طريقها للمضي في هذا الخيار ارتكزت في بياناتها على القول بأن القرار سيادي أي أن في ذلك مصلحتها كدولة وأن حسابات الواقع والمستقبل تجعلها تختار هذا الطريق فلا مكان للعواطف لدى الدول ومصالحها. والجمهور الذي يرفض الأمر يعتقد بأن في هذه الخطوة تأثيراً سالباً على مستقبل القضية الفلسطينية وانتصاراً لإسرائيل على الفلسطينيين وعليه.

مؤيدو إقامة العلاقات يرون بأن إسرائيل اليوم دولة قوية تعلي من شأن العلم والعلماء ومتقدمة على كثير من الدول المتقدمة في مجالات الإبداع والابتكار وأن الطبيعي هو ركن العواطف جانباً حيث الفائدة ستعود أيضاً على القضية الفلسطينية التي ستكون ردة فعل المعنيين بها هي إغلاق ملف الخلافات فيما بينهم ما يسهل الوصول إلى حل مناسب للقضية فيعيش الجميع في أمن وسلام. أما رافضو إقامة العلاقات فيعتبرون هذا الأمر ذنباً غير قابل للغفران وإساءة لفلسطين والقضية.

ولأن ما يستند عليه كلا الفريقين منطقي وصحيح لذا فإن الطبيعي هو أن يستمر الخلاف ولا يتم التوصل قريباً إلى قناعة مشتركة، لكن الطبيعي أيضاً هو أن الدول التي اختارت نهج السلام لا يمكنها التراجع عن هكذا قرار أياً كانت تبعاته وتكلفته، حيث تراجع الدول عن القرارات الكبيرة كهذا القرار يضعفها ويقلل من قيمتها فتفقد احترامها ومكانتها بين الأمم، بمعنى أن إصرار البعض على تراجعها أمر غير واقعي وغير قابل للتحقق ومضيعة للوقت، كما أن الاتهامات بالخيانة لن تغير من واقع الحال.

تحمل الطرفين لبعضهما في هذه المرحلة عقل والزمن كفيل بإحداث ما قد لا نتصور حدوثه اليوم.