رؤى الحايكي
نشعر أحياناً ونحن نتعامل مع بعضنا البعض بأننا نتسابق لإثبات وجهات النظر أو ربما نتصارع من أجل إثبات الوجود والانتصار لأنفسنا. وعلى الرغم من نجاحات البعض وإنجازات البعض الآخر وتفاوت المشكلات الاجتماعية ومسبباتها، فإن الملاحظ أن الجميع يخوضون في حوارات وتفاعلات تحمل في طياتها مشاعر متذبذبة ومستويات مختلفة من السلبية. كلمات الناس وتفاعلاتهم تعكس بوضوح ما في داخلهم من حروب وتخبرهم وتخبر من حولهم عما إذا كان للسلام مكان داخلهم. ولكي نكون صريحين مع أنفسنا، نتفق أن هناك حروباً كثيرة تدور في النفس وصراعات مستمرة بين ما نؤمن به وما نقوم به وما يجب أن نقف عنده.
صراعات بين توقعاتنا لأنفسنا وعتابنا لها بسبب ما لا يمكن أن نحققه في ظل تحديات العصر الحالي. لم نعد ننعم بلحظة الهدوء والسكينة حتى عندما نكون مع أنفسنا بعيداً عن ضوضاء الحياة، فنحن ببساطة مرهقون من تزاحم أفكارنا واختلاط مشاعرنا.
لقد حذر الباحث الألماني في علم الاجتماع هارتموت روزا من إصابة المجتمع الحديث «باحتراق نفسي جماعي» وقال عنه في تصريح له قبل ثلاث سنوات: «هو عبارة عن مجموعة أعراض من الإجهاد الذهني والاستنفاد الانفعالي والتبلد الشخصي، والإحساس بعدم الرضا عن الإنجاز الشخصي والأداء المهني، وهو مرحلة يصل إليها الفرد نتيجة زيادة الضغوط إلى الحد الذي يصيبه بالانهيار والإرهاق». وما يهمنا هنا هو معرفة تلك العوارض وتحديد المشكلة ومحاولة علاجها أو تخفيف وطأتها. إن صحتنا النفسية تلعب دوراً مهماً في حياتنا وفي الكيفية التي ندير بها علاقاتنا الاجتماعية، وما يثير القلق والدهشة معاً هو تزعزع العلاقات الاجتماعية على اختلافها لأسباب بعضها واضح والبعض الآخر مستجد، ويلعب وجود الاحتراق النفسي بدرجاته المختلفة دوراً مهماً في إخلال توازن علاقاتنا الاجتماعية وتأثر الكيفية التي نديرها بها.
وخاصة أن إدارة العلاقات تتطلب صبراً وتنازلاً ومحبة وعطاء، وهذه الصفات لا يمكنها أن تكون متوافرة ضمن تفاعل الشخص مع غيره إذا كان يعاني من الاحتراق النفسي سواء بدرجة بسيطة أم أنه تحول لفحم حجري مع الوقت.
لقد استوقفني ما ذكره الكاتب التونسي عبدالستار الخديمي في مقال له بعنوان «العلاقات الاجتماعية على مشارف الجنون» الذي قال فيه: «إن تغير الحياة وتطور نسقها بوتيرة شديدة جعلا الإنسان يكتسب سلوكيات وتصرفات اجتماعية تغلب عليها صفات مثل الأنانية والانتهازية والصراع، سواء داخل أسرته أو في فضاءات نشاطاته المختلفة». إن اكتساب هذه السلوكيات والصفات الدخيلة لا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها، فتجاهل المسببات والعوارض لكل ما يمر به الإنسان من ضغوط وإرهاق يؤدي مع الوقت إلى تغير جذري في طباعه وطريقة تعامله مع الآخر. فيبدأ دخان الاحتراق بالتصاعد مسبباً غمامة رمادية تضيق بعدها عملية التنفس وسط تلك العلاقات التي لا محالة ستدفع الثمن غالياً.
نشعر أحياناً ونحن نتعامل مع بعضنا البعض بأننا نتسابق لإثبات وجهات النظر أو ربما نتصارع من أجل إثبات الوجود والانتصار لأنفسنا. وعلى الرغم من نجاحات البعض وإنجازات البعض الآخر وتفاوت المشكلات الاجتماعية ومسبباتها، فإن الملاحظ أن الجميع يخوضون في حوارات وتفاعلات تحمل في طياتها مشاعر متذبذبة ومستويات مختلفة من السلبية. كلمات الناس وتفاعلاتهم تعكس بوضوح ما في داخلهم من حروب وتخبرهم وتخبر من حولهم عما إذا كان للسلام مكان داخلهم. ولكي نكون صريحين مع أنفسنا، نتفق أن هناك حروباً كثيرة تدور في النفس وصراعات مستمرة بين ما نؤمن به وما نقوم به وما يجب أن نقف عنده.
صراعات بين توقعاتنا لأنفسنا وعتابنا لها بسبب ما لا يمكن أن نحققه في ظل تحديات العصر الحالي. لم نعد ننعم بلحظة الهدوء والسكينة حتى عندما نكون مع أنفسنا بعيداً عن ضوضاء الحياة، فنحن ببساطة مرهقون من تزاحم أفكارنا واختلاط مشاعرنا.
لقد حذر الباحث الألماني في علم الاجتماع هارتموت روزا من إصابة المجتمع الحديث «باحتراق نفسي جماعي» وقال عنه في تصريح له قبل ثلاث سنوات: «هو عبارة عن مجموعة أعراض من الإجهاد الذهني والاستنفاد الانفعالي والتبلد الشخصي، والإحساس بعدم الرضا عن الإنجاز الشخصي والأداء المهني، وهو مرحلة يصل إليها الفرد نتيجة زيادة الضغوط إلى الحد الذي يصيبه بالانهيار والإرهاق». وما يهمنا هنا هو معرفة تلك العوارض وتحديد المشكلة ومحاولة علاجها أو تخفيف وطأتها. إن صحتنا النفسية تلعب دوراً مهماً في حياتنا وفي الكيفية التي ندير بها علاقاتنا الاجتماعية، وما يثير القلق والدهشة معاً هو تزعزع العلاقات الاجتماعية على اختلافها لأسباب بعضها واضح والبعض الآخر مستجد، ويلعب وجود الاحتراق النفسي بدرجاته المختلفة دوراً مهماً في إخلال توازن علاقاتنا الاجتماعية وتأثر الكيفية التي نديرها بها.
وخاصة أن إدارة العلاقات تتطلب صبراً وتنازلاً ومحبة وعطاء، وهذه الصفات لا يمكنها أن تكون متوافرة ضمن تفاعل الشخص مع غيره إذا كان يعاني من الاحتراق النفسي سواء بدرجة بسيطة أم أنه تحول لفحم حجري مع الوقت.
لقد استوقفني ما ذكره الكاتب التونسي عبدالستار الخديمي في مقال له بعنوان «العلاقات الاجتماعية على مشارف الجنون» الذي قال فيه: «إن تغير الحياة وتطور نسقها بوتيرة شديدة جعلا الإنسان يكتسب سلوكيات وتصرفات اجتماعية تغلب عليها صفات مثل الأنانية والانتهازية والصراع، سواء داخل أسرته أو في فضاءات نشاطاته المختلفة». إن اكتساب هذه السلوكيات والصفات الدخيلة لا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها، فتجاهل المسببات والعوارض لكل ما يمر به الإنسان من ضغوط وإرهاق يؤدي مع الوقت إلى تغير جذري في طباعه وطريقة تعامله مع الآخر. فيبدأ دخان الاحتراق بالتصاعد مسبباً غمامة رمادية تضيق بعدها عملية التنفس وسط تلك العلاقات التي لا محالة ستدفع الثمن غالياً.