يسعى تنظيم الدولة الاسلامية من خلال هجمات نفذها للمرة الاولى في تونس واليمن الى اثبات قدرته على التوسع بهدف صرف الانظار عن خسائر لحقت به اخيرا في سوريا والعراق، وفق خبراء. ويقول ج.ام. برغر، احد مؤلفي كتاب "الدولة الاسلامية في العراق والشام: دولة الرعب" لفرانس برس "التمدد هو في صلب استراتيجية التنظيم" الذي اعلن "الخلافة" الاسلامية على الاراضي الخاضعة لسيطرته.ويضيف "ان التنظيم غامر علنا في مصر والجزائر ونيجيريا وليبيا وها هو اليوم يطل من تونس واليمن في اطار جهوده لتوسيع نفوذه في المنطقة".وبعد سيطرة التنظيم الجهادي المتطرف على مساحات واسعة في سوريا والعراق منذ عام 2014، بادرت خلايا عدة الى مبايعته على غرار جماعة انصار بيت المقدس في مصر او عناصر متطرفة في ليبيا. وتتبع هذه الخلايا سياسة الرعب ذاتها التي يعتمدها التنظيم لناحية قطع الرؤوس وشن هجمات دموية تحصد ارواح العشرات.وتبنى التنظيم للمرة الاولى هجوما نفذه الاربعاء في تونس التي كانت حتى الامس بمنأى عن اضطرابات مرحلة ما بعد "الربيع العربي". كما اعلن التنظيم ايضا للمرة الاولى مسؤوليته عن ثلاثة تفجيرات انتحارية استهدفت الجمعة مساجد في اليمن، البلد الذي يقف على شفير حرب اهلية وحيث يتمتع تنظيم القاعدة، خصم تنظيم الدولة الاسلامية، بنفوذ كبير.ويرى برغر ان هذه الهجمات تسمح للتنظيم بتسويق صورته كمجموعة منتشرة في كل مكان لان "خلق هذا الشعور بالقوة يشكل جزءا من اهداف التنظيم الرئيسية على صعيد تجنيد المقاتلين والبروباغندا".ويقول الخبير في الاسلام والاستاذ في جامعة تولوز في فرنسا ماثيو غيدار لفرانس برس "هذه الهجمات استعراض للقوة ورسالة الى المجتمع الدولي مفادها ان التنظيم بات اليوم لاعبا دوليا".ويضيف ان مضمون الرسالة هو ان التنظيم "قادر على ان يضرب في اي مكان وفي اي لحظة، بما ان لديه مناصرين ينتشرون في كل مكان وهم مستعدون للموت لتحقيق اهدافه".لكن التنظيم لم يتمكن في الاشهر الاخيرة من الاحتفاظ بصورته كقوة لا تقهر والتي بناها من خلال هجماته الخاطفة في سوريا والعراق وبثه مقاطع فيديو وحشية صدمت العالم.ففي العراق، طُرد التنظيم من مناطق عدة في شمال البلاد واطلقت القوات المسلحة العراقية هجوما شاملا لاستعادة تكريت احد ابرز معاقله.وفي سوريا، مني التنظيم ايضا بخسائر في مواجهة المقاتلين الاكراد الذين تمكنوا بمساندة الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة اميركية من طرد مقاتليه من مدينة كوباني (شمال)، بعد اربعة اشهر من المعارك. كما طرد التنظيم من اماكن عدة في شمال شرق البلاد.وخسر تنظيم الدولة الاسلامية في هذه المعارك الاف المقاتلين وكذلك ابار البترول والغاز التي استهدفتها الغارات الجوية بعدما شكلت احد ابرز مصادر تمويله.وعززت تركيا اخيرا وتحت وطأة ضغوط غربية سيطرتها على حدودها مع سوريا لمنع تدفق الجهاديين. واعلنت انقرة توقيفها وترحيلها مئات المقاتلين الذين كانوا على وشك الالتحاق بالتنظيم.ويرى المحللون بالتالي ان الهجمات في تونس واليمن هي بمثابة وسيلة يستخدمها التنظيم لصرف الانظار عن واقعه المستجد.ويقول الباحث المتخصص في الاسلام المعاصر توماس بييريه لفرانس برس "تبرز فعلا نية لتعويض خسائر التنظيم في العراق وسوريا". ويضيف "يمكننا الحديث عن تمدد عمليات التنظيم الارهابية وليس تمدد الخلافة بحد ذاتها".ويشير بييريه، الاستاذ في جامعة ادنبره، الى ان التنظيم اراد من خلال هجماته الدموية والاستعراضية التي حصدت عشرين سائحا وشرطيا في تونس و142 قتيلا في اليمن ان "يعوض" عدم تمتعه بأي نفوذ ميداني حقيقي في هذين البلدين.ويستنتج ببيريه انه "ليس لدى تنظيم الدولة الاسلامية خيار اخر سوى اثارة الضجيج الاعلامي او المزايدة الطائفية" على "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" الذي سبق ان تبنى عمليات عديدة ضد الحوثيين في اليمن.ويعتقد الخبراء انه لا يزال من الصعب تحديد مستوى التنسيق بين منفذي هذه الهجمات والقيادة المركزية لتنظيم الدولة الاسلامية.ويوضح برغر من جهته ان المعلومات المتوفرة حاليا تظهر ان "منفذي هجمات تونس تلقوا تدريبا في ليبيا فيما قد يكون التخطيط لهجمات اخرى محليا".اما المؤكد بحسب المحلل، فهو ان "تنظيم الدولة الاسلامية يرغب بتصدر العناوين الرئيسية اسبوعيا وتقديم اشارات على تمدده" خارج العراق وسوريا.