نجح مسلسل "عيون القلب" بتغيير الصورة النمطية للفنان ماجد المصري، إذ غالباً ما كان يتم التعامل مع شخصيته الدرامية بالاعتماد على فيزياء الممثل، والتي تظهره نموذجا للشخص القوي أو ضخم البنية، حتى إن زملاءه في المهنة كانوا يتحدثون في لقاءاتهم التلفزيونية مثلا عن حجم يديه الكبيرتين، ما يعكس الصورة التي أظهرته في هذا القالب، وساهمت بإخفاء الملامح المختلفة للشخصية.. إلى أن جاء "عيون القلب" وتم كسر قاعدة فيزياء الممثل، ليقدم ماجد المصري واحداً من أفضل أدواره، عندما تم الابتعاد عن النمطية السابقة التي لم تظهر إمكانياته الداخلية المميزة.تغيير الصورة النمطيةيظهر المصري في "عيون القلب" كرجل مشتّت يحتاج اهتماما من الآخرين، ورعاية من المقربين المخلصين، وهو ما يتولاّه الفنان لطفي لبيب والفنانة رانيا يوسف. وكلّما ظهرت حيرة الشخصية وضعفها وتشتتها وعدم درايتها بمحيطها الخارجي، كخيانة الزوجة مثلا، والذي تؤديه الفنانة دينا فؤاد، برع ماجد المصري بإخراج دواخله الفنية وإمكانياته التعبيرية من خلال إظهار ملامح الضعف وعدم المعرفة والحيرة. واعتمد المصري في ذلك، على كاراكتير مميز، بارتداء النظارة وتسريحة الشعر اللذين يخدمان الإفصاح عن طبيعة الشخصية المحتاجة لعون الآخرين والتي لا تمتلك خبرة أو واقعية كافية لمعالجة تفاصيل العالم الخارجي.والنقلة النوعية في الدور المميز للمصري، أظهرت تخلّيه عن الصورة النمطية المعتمدة على تفاصيل الجسم المفتول أو صورة القوي الضخم، التي غالبا ما حاصرته وحدّدت نوعية الدور الذي يؤديه، إلا أن "عيون القلب" أخرج مكبوت الشخصية عبر التعبير الداخلي لا الخارجي، وعبّر المصري في هذا الدور عن إمكانية تعبيرية مذهلة، خصوصا في صورة الضعيف الحائر الباحث عن أجوبة لأسئلة سهلة وبسيطة في الواقع، إلا أنها صعبة على نوعية الشخصية التي ظهرت في المسلسل."تفتيح" البشرة المفرط لرانيا يوسفبعد نجاحها الباهر في "السبع وصايا" أعاد ظهور الفنانة رانيا يوسف في "عيون القلب" قضية "تبييض البشرة" أو "تفتيح" البشرة إلى الواجهة مرة أخرى، فرانيا يوسف أسرفت في استخدام هذا النوع من المعالجات الخاصة بالبشرة، لتظهر بيضاء عوضاً من لونها الأسمر المميز، والذي يميز فنانين عربا آخرين مثل الفنانة روبي التي عبّرت عن كامل الأنوثة بلونها الطبيعي المحبب. وفي هذا السياق فإن الممثلتين عملتا تحت إدارة المخرج محمد مصطفى، روبي في "الحرامي والعبيط" ورانيا في "عيون القلب"، إلا أن الأولى كانت على طبيعتها في الفيلم، سمراء مصرية بكامل الأنوثة، أما رانيا فقد أفرطت في كريمات التفتيح بدون أي مبرر جمالي أو درامي.وقد لاحظ الكثير من متابعي "عيون القلب" أن يوسف بالغت في "تفتيح" البشرة، إلى الدرجة التي كاد يبدو كما لو أنه قناع "ماسك" بدون أي دواعٍ فنية تتطلبها الشخصية. بل على العكس، كانت المعالجة تتطلب أن تظهر الفنانة على طبيعتها أكثر، كون دورها يتعلق بالإخلاص والتفاني في خدمة وحماية ماجد المصري في دوره. ثم ما هي الفائدة من "تفتيح" لون البشرة إذا كان المشاهد سيلاحظ أن اللون أشبه بقناع وليس لون بشرة طبيعي؟ بل على العكس، قد يحس بشيء من عدم المصداقية.نجاح على طريقة "سيد فيلد"نجح "عيون القلب" في تقديم ماجد المصري ممثلا بارعا وشخصية درامية ملغزة ومشتتة عكست جهدا في التعبير الداخلي عبر إدارة إخراجية متقنة، ونصٍّ محترف بإمضاء فداء الشندويلي. ولعل أكثر ما ميّز العمل هو سرعة الحركة والتصاعد في الأحداث، دون حشو يرافق المسلسلات الطويلة الأخرى، ودون إسهاب يشتت الانتباه ويفقد المقدرة على جعل المشاهد مهتما بمواعيد عرض المسلسل.فإذا كان الناقد الأميركي الشهير، سيد فيلد، يشترط الدقائق الثلاث الأولى، مدة وحيدة للسيطرة على انتباه المشاهد، وإلا خرج من السينما دون أن يكمل الفيلم، أو غيّر القناة التي يعرض عليها الفيلم، فإن دقائقه الثلاث، في السينما، هي حلقات ثلاث، في الدراما التلفزيونية، والتي إن لم تجذب المشاهد في أولها فلن تجذبه في آخرها.