يقبل الناس على العمل التطوعي بشكل كبير، فيجودون بوقتهم وجهدهم لخدمة الناس ومساعدتهم، وهذه الخدمات تكون في صور متعددة، وفي مجالات مختلفة، وقد اعتبر البعض أن تحديد وقت معين للعمل التطوعي، يعد وقفاً، حيث ظهر في الآونة الأخيرة مصطلح جديد وهو: «وقف الوقت»، ويقصد به هو تخصيص وقت معيّن من العمر، ليكون الإنسان فيه في خدمة مشروع خيري أو تطوّعي أي أن يخصص المسلم جزء من وقته لتقديم خدمات تطوعية اجتماعية، ولمساعدة الناس.

وهنا سؤال يطرح نفسه، هل يعتبر الوقت المخصص للتطوع «موقوفاً». فقد عرف العلماء الوقف بأنه: حبس الأصل وتسبيل المنفعة، أي يجب أن يبقى الأصل «الموقف» بشكل مستمر مستدام ولا يملك لأحد، ويجب الحفاظ على الأصل من الضياع والهلاك، فهذا شرط من شروط الموقوف، ويستفيد الناس من منافع الموقوف مثل ريع استثمار الوقف، أو استخدام الوقف بشكل مباشر دون تمليكه مثل السكن في العقار الموقوف.

وفي حالة وقف الوقت يكون الموقوف هو عمر الإنسان أو الوقت الذي يخصصه للتطوع، وهنا يستحيل تحقيق شرط استدامة الموقوف، فعمر الإنسان محدود وستنتهي قدرة الإنسان على تخصيص وقته للتطوع إما بالوفاة أو بضعف قدرة الإنسان على العمل والعطاء أو العجز أو الانشغال، وبالتالي ينتفى الشرط الأساسي في الموقوف، وهو أن يحبس الموقوف ويحافظ على استدامته، لذا يتعذر حبس الأصل، وأرى أن التطوع بالوقت والجهد يدخل في باب قضاء حوائج الناس وبتعبير عصري يعتبر نشاطاً تطوعياً. ولا يدخل في باب الوقف.

وهذا لا يعني التقليل من قيمة التطوع وتخصيص المتطوع لوقته وجهده لخدمة الناس، فقضاء حوائج الناس له الأجر الكبير عند الله تعالى، بل إنه مقدم على أعمال السنن، وعليه فإن أخذنا برأي من لا يرى بوقف الوقت، فإن هذا لا يخل بالعمل التطوعي، فالعمل التطوعي من أسمى الأنشطة التي يقوم بها الإنسان لأن المتطوع يؤثر مصلحة الناس على مصلحته ومصلحة أهلة، إلا أنني أتفق مع من قال إن وقف الوقت يساعد المتطوع على الالتزام بالتطوع، لذا لابد من إيجاد منظومة تطوعية تجعل المتطوع يلتزم بتقديم ساعات تطوعية محددة إذا ما بدأ المتطوع في المشاركة في مشروع ما، فإن عدم التزام المتطوعين بالمسؤوليات الملقاة عليهم في المشاريع التطوعية يضر بالمشاريع الخيرية والتطوعية، فلابد من إيجاد آلية تساعد المتطوع على الالتزام، ودمتم أبناء قومي سالمين.