بدأت السلطات المصرية حملات مكثفة للبحث عن سمكة قرش التهمت سائحا ألمانيا كان يسبح خلال رحلة بحرية في مدينة القصير السياحية المطلة على ساحل البحر الأحمر جنوب شرق مصر، في ثاني هجوم منذ 6 سنوات بعد الهجوم الأول الذي وقع في مدينة شرم الشيخ وأسفر عن مقتل سائحة ألمانية أيضا، وإصابة 4 سياح روس في ثلاث هجمات لأسماك القرش.وقرر اللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، إغلاق الموقع الذي شهد الحادث وتكليف الجهات التنفيذية بالمحافظة بالتعاون مع جمعيات ومراكز الغطس البحث عن هذه السمكة ومعرفة مدى تواجدها بكثرة في سواحل المحافظة التي بدأت انتعاشة سياحية بعد فترة ركود طويلة.وقال الدكتور محمود حنفي، أستاذ علوم البحار بجامعة قناة السويس والخبير البيئي بالمحافظة لـ"العربية.نت" إن السمكة هاجمت السائح الألماني وقطعت إحدى قدميه من أعلى الركبة، وبمعاينة الجثة والجروح الخارجية الظاهرة وروايات الصيادين والغطاسين نرجح أن القرش الذي هاجمه من نوع "ماكو"، وهو معروف بأنه خجول جدا ولا يضع لحم الإنسان ضمن قائمة غذائه، مضيفا أن المنطقة شهدت خلال 6 سنوات ما لا يقل عن 40 مليون غطسة، بمعدل 7 ملايين غطسة سنويا، ولم تشهد أي حادثة من هذا النوع، وهو ما دفع الأجهزة للبحث عن ماهية هذه السمكة ونوعها وبيان لماذا التهمت ساق السائح، وهل يتواجد منها الكثير في المنطقة أم لا؟وقال إن الخيط الأول الذي اتجه إليه فريق البحث هو معرفة الإجابة عن سؤال، وهو هل التهم القرش ساق السائح أم ابتلعها ولفظها بعيدا في المياه العميقة؟ لأنه لو التهمها فهذا يؤشر لمشكلة، وهي أن القرش أصبح يشكل خطورة، ويعني أنه قد يعود مرة أخرى لمهاجمة السائحين والغواصين والتهامهم، ولذلك قامت جمعية هيبكا ومراكز الغوص المتعاونة بالغطس والرصد عدة مرات في ذات المنطقة للبحث عن ساق السائح أو بقايا منها، فلم تعثر على شيء، وهذا ما يفهم منه أن القرش التهم الساق أو ابتلعها ثم لفظها بعيدا في المياه العميقة.وقال إنه في حالة التهام القرش لساق السائح فمن المؤكد أنه سيعاود الكرة مرة أخرى بعد يومين من تاريخ الحادث، لأنه يعني أنه استساغ لحم الإنسان وقرر العودة لنفس المنطقة، وهي منطقة نفوذ له لعله يجد فريسة جديدة، وهنا يجب التنبه لخطورة المشكلة والبحث عن وجود قروش أخرى في المنطقة، والتعامل معها كمنطقة خطرة يجب إغلاقها أمام السائحين والغطاسين والصيادين، ولكي يتم التأكد من وجود القرش وبكثرة في تلك المنطقة يجب أن تستمر عمليات الرصد والمسح نحو 10 أيام كاملة، وتثبيت كاميرا "راب فيو" لمعرفة كافة التفاصيل عنه، وتسجيل لحظات ظهوره وطبيعة تصرفاته وسلوكياته.ويضيف د حنفي أما في حالة التأكد من عدم التهام القرش لساق السائح فهذا يعني انعدام الخطورة، وأن الحادث يعد استثنائيا وعارضا ولا يعدو كونه سوى أن القرش هاجم السائح لمعرفة ما إذا كان الصيد الذي أمامه فريسة مستساغة الطعم أم لا، وعندما تأكد أنها غير ذلك ابتلعها وألقى بها بعيدا.وأوضح حنفي أن الرصد والمسح سيساعد في اتخاذ القرار السليم للتعامل مع المشكلة، مطالبا بعمل نشرة توعية لتوخي الحذر وعدم السباحة في المياه العميقة، فالقرش قد ينظر إلى الشيء الموجود على السطح على أنه طعام يقترب منه كنوع من الفضول، كاشفا أن الرصد العلمي الدقيق للحادث سيحدد هل حدث تغير في السلوك الغذائي للقرش الذي قد يكون سلوكا خاطئا ارتكبه بعض الأفراد من خلال إلقاء بقايا الأطعمة التي تحتوي على اللحوم والدواجن أو من خلال الصيد الجائر الذي يتسبب في انخفاض الغذاء البحري للقروش، وهو ما أدى إلى تغير سلوكهم الغذائي.وأوضح أن سجل حوادث القروش بالبحر الأحمر خال من الكوارث، فلم تقع سوى 4 حالات فقط خلال 50 عاما، وهو رقم لا يقارن بما يحدث في أستراليا وجنوب إفريقيا وأميركا، مشيرا إلى أن التعامل مع الحادث يتم حاليا بشكل علمي حتى لا يضر بالسياحة.يشار إلى أن القرش الماكو هو نوع من سمك القرش الكبير إلى حد ما، متوسط الكبار حوالي 3,2 متر في الطول وتزن 60 حتى 135 كلغ، والإناث أكبر من الذكور، وكان حجم أكبر سمكة قرش ماكو يبلغ 600 كلغ تم رصدها قبالة ساحل كاليفورنيا يوم 3 يونيو عام 2013، وهي ليست وفيرة ولا نادرة، وتقوم بالسفر مسافات طويلة للبحث عن فريسة.ويعد القرش ماكو أسرع أنواع سمك القرش، وقد سجلت سرعته إلى 40 كلم/ساعة مع سرعات تصل إلى 74 كلم/ ساعة، وهذه الأسماك عالية القفز، حيث يمكن أن تقفز حوالي 9 أمتار عالية أو أعلى في الهواء.