الدكتورة حنان عبدالحميد
ما بين الأمس واليوم حكاية زمن لم نحسب حسابها يوماً في حياتنا؛ ربما بسبب ضغوط الحياة المستمرة أو بسبب الصراعات والحروب والظروف النفسية والمادية التي تعصف بنا وربما بسبب العادات والتقاليد البالية؛ ولكننا نعيش على مبدأ يجعلنا دائماً سعداء؛ ألا وهو أن الله حي لا يموت وأنه كريم لا يرد أحداً؛ ورحيم لا يقتل أملاً مازال ينبض فينا وعش على مبدأ الكرم والعطاء والتسامح؛ وبابتسامة دافئة حنون وطبطبة على كتفه قد تعطيه أملاً؛ فعندما تحل مصيبة وبلاء يقرنها الله برحمة الصبر من عنده، فحتى هذه السلوى كلها عبارات محفوظة ومحفورة في عقولنا وقلوبنا ترددها أرواحنا إيماناً ويقيناً فطرة من عند الله؛ فكن نبيلاً في المواقف التي لا يراها أحد ولا يعلم عنها الناس شيئاً؛ وأرض بما قسمه الله لك ولا تحزن إذا ما كنت غير مرتبط ففي الكيمياء يسمى العنصر غير المرتبط عنصراً؛ وكن صادقاً حتى وهم يمارسون معك الكذب؛ وكن متسامحاً حتى لو تألمت من أخطائهم؛ ومبتسماً حتى لو تكالبت عليك الظروف لأننا ما نحتاجه حقاً عند كل ألم وحزن وفقد ووجع هو الإحسان وفقط الإحسان؛ فأن تعلمني كيف أتخطاه وكيف أجد سبيلاً للخروج منه خير وأعظم عند الله من أن تتلو علي كل أحاديث المواساة وعبارات التشجيع التي تستفز ذاك الثبات؛ ولا تسمعني عبارات الشفقة والأسطوانة المعتادة «الحياة صعبة»، حال الدنيا؛ «هونها بتهون»؛ قوّني وعلمني وخذ بيدي لكي أواجه أي مصيبة وكيف أسترد عافيتي وأحافظ عليها وكيف أكون إنساناً فاعلاً وناجحاً وكيف أعود إن ضللت الطريق؛ فلا تعلمني كيف أمتطي الخيل كفارس، بل علمني كيف لا أقع عنه كنبيل فليس مهماً أن تكون نبيلاً بعطائك بل كن راقياً بإحساس، وكن نموذجاً رائعاً تتباهى به الأمم في العطاء والإنسانية؛ فما أجمل أن تكون من الشخصيات النادرة الجميلة طيبة الشمائل والتي وإن مر ذكر اسمها تذكر بالخير فلا تنسى؛ تعطي حتى الرمق الأخير من حياتها، وكن قوياً فالحياة تميت الضعيف قهراً؛ وكن في حياة الآخرين كحبات السكر وإن اختفيت تركت طعماً حلواً؛ لأن أرقى المشاعر الإنسانية الحب وأجملها العطاء بلا حدود وأعظمها جبر الخواطر؛ عِش دائماً راقياً معطاءً جابراً للخواطر؛ ما أجمل إحساسك أنتَ وقد ساهمت ولو بالقليل في نجاح إنسان! في فرحة كونيّة، في ابتسامة من دواخل الروح، في ضحكة تعالت من أعماق القلب لهو شعور رائع لا تضاهيه ثروات وكنوز العالم، لذلك كن راقياً بفكرك بتعاملك بأخلاقك بخطابك بسلوكك بقلمك بكل ما تخط وتكتب؛ ولأنك بذلك ستجذب قلوب الناس وإن كانوا لا يعرفون عنك شيئاً، فإذا راقت العقول بأفكارها طابت الألسن بأحاديثها.