في مقدمة إحدى رواياته، يعبر الكاتب إحسان عبدالقدوس عن اعتذاره لكثير من معجباته اللاتي كن يراسلنه ويبحن له بأسرارهن ومعاناتهن، ثم حولها إلى روايات وقصص قصيرة. وفي مقابلة مع الطبيب الروائي يوسف إدريس شرح كيف اقتبس معظم قصصه من سيره في حواري مصر ومن تعامله كطبيب مع شرائح مختلفة من الناس. وتحدث نجيب محفوظ، غير مرة، عن أثر جلوسه على ناصية القهوة وتأمله للمارين الذين ألهموه العديد من أبطال رواياته. والشيء بالشيء يذكر، قال الفنان نور الشريف إنه حين كان يحتار في رسم ملامح إحدى الشخصيات التي سيمثلها، كان يلجأ للطرقات والحواري للبحث عما يريد. أولئك الذين أبدعوا كانوا يعبرون عن الأشياء والبشر والقصص كما رأوها، وكما هي.
في مقالاتي كتبت عن بعض الذين حولي. العابرون منهم، والذين لن ألتقيهم مرة أخرى كتبت عنهم بحرية. وكلما اقترب مني الآخرون اضطررت، حين أريد أن أكتب عنهم، أن أموه شخصياتهم وأمزج الأحداث كي لا أكشف هوياتهم. ذات مرة كانت تحدثني إحداهن بمرارة عن ظروفها. ثم فجأة توقفت وقالت: أظنك تفكرين كيف تحولين ما أقول إلى مادة مكتوبة!! انتبهي لا أريد ذلك «أنا مو ناقصة». ومرة كنت أحلل لإحداهن شخصية أحدهم، وكيف تغير وكيف لعبت سيكولوجية «الجشع» دوراً مفصلياً في حياته. فإذ بها تفزع وتقاطعني: إياك أن تكتبي هذا الكلام وتحيلينه إلى مجهول كعادتك. سوف يفهم أنه المقصود، ولن تنجين من غضبه. أجبتها: لست حمقاء، هو يدرك إني أعرف كل تلك التفاصيل.
الذين كتبوا النفائس الكبرى عبر التاريخ، هم الذين واجهوا الأسرار مباشرة. وتعاملوا معها بصفتها ملكاً عاماً للفكر والبشري. وأن دورهم هو إفشاؤها وتفكيكها، وإعادتها إلى هيئتها الأولى يوم خلقت. أولئك فكروا في كيفية تجاوز البشر لأزماتهم وتطهرهم من تكرار الأخطاء. والذين اعتنوا بكتم الأسرار وحفظ الخصوصيات كانوا يفكرون في القيود المكبلة لأقلامهم. وفي المحاكمات الاجتماعية التي ستنصب لهم.
وشتان بين أن تفكر في تقدم مسارات الآخرين، وبين أن تحافظ على موقع قدميك آمناً.
في مقالاتي كتبت عن بعض الذين حولي. العابرون منهم، والذين لن ألتقيهم مرة أخرى كتبت عنهم بحرية. وكلما اقترب مني الآخرون اضطررت، حين أريد أن أكتب عنهم، أن أموه شخصياتهم وأمزج الأحداث كي لا أكشف هوياتهم. ذات مرة كانت تحدثني إحداهن بمرارة عن ظروفها. ثم فجأة توقفت وقالت: أظنك تفكرين كيف تحولين ما أقول إلى مادة مكتوبة!! انتبهي لا أريد ذلك «أنا مو ناقصة». ومرة كنت أحلل لإحداهن شخصية أحدهم، وكيف تغير وكيف لعبت سيكولوجية «الجشع» دوراً مفصلياً في حياته. فإذ بها تفزع وتقاطعني: إياك أن تكتبي هذا الكلام وتحيلينه إلى مجهول كعادتك. سوف يفهم أنه المقصود، ولن تنجين من غضبه. أجبتها: لست حمقاء، هو يدرك إني أعرف كل تلك التفاصيل.
الذين كتبوا النفائس الكبرى عبر التاريخ، هم الذين واجهوا الأسرار مباشرة. وتعاملوا معها بصفتها ملكاً عاماً للفكر والبشري. وأن دورهم هو إفشاؤها وتفكيكها، وإعادتها إلى هيئتها الأولى يوم خلقت. أولئك فكروا في كيفية تجاوز البشر لأزماتهم وتطهرهم من تكرار الأخطاء. والذين اعتنوا بكتم الأسرار وحفظ الخصوصيات كانوا يفكرون في القيود المكبلة لأقلامهم. وفي المحاكمات الاجتماعية التي ستنصب لهم.
وشتان بين أن تفكر في تقدم مسارات الآخرين، وبين أن تحافظ على موقع قدميك آمناً.