ما سنسمعه في الأيام القادمة من معلومات خاصة بالاعتداءات القطرية المستمرة على البحرين وعلى البحرينيين وهي كم كبير جداً من المعلومات وكم صادم جداً يطرح سؤالاً وهو الأكثر تداولاً لماذا نسمع هذه الحقائق الآن؟ لماذا لم نسمعها من قبل؟ لماذا سكتت البحرين طوال الفترة الماضية؟ ولماذا تحدثت الآن وكشفت وأفصحت عن كم التعديات القطرية الخطيرة؟

وأعتقد أن هذا السؤال سنسمعه عند المواطن البحريني وكذلك الخليجي وهو سؤال مشروع وطبيعي ومتوقع، ولا يمكن القفز عليه وتجاهله، لماذا سكتت البحرين كل هذا الوقت خاصة ولديها كل الأدلة على صحة وسلامة موقفها سواء أدلة تاريخية أو معاصرة وموثقة بكل مصادر التوثيق؟

والإجابة التي سمعتها من أكثر من مسؤول سألته هذا السؤال أن سكوت البحرين طوال تلك الفترة كان بطلب وكان من أجل مصلحة مجلس التعاون، كان درءاً للشر، كان على أمل بحل الخلاف ودياً، كان من أجل أن يبقى هذا المجلس وهو آخر المنظومات الاتحادية العربية وأطولها عمراً فلن تشأ البحرين أن تكون سبباً في إفشاله أو إجهاض تجربته.

من أجل المجلس قبلت أن تجرف جزيرة طبيعية وهي التي تعلم أنها ستعود لأنها جزيرة طبيعية لأن قطر هددت بالسلاح أمن الخليج العربي واعتدت على نقطة تفتيش خاصة بمجلس التعاون عام 1986.

من أجل هذا المجلس ومن أجل الكويت آثرت البحرين على نفسها وحقها وقبلت ما رفضته لأربع سنوات وهو الذهاب للمحكمة عام 1999.

من أجل هذا المجلس وبطلب من أعضائه تحفظت البحرين فقط حين ذاك على الجزء المتعلق بالحدود المائية، ولم تفتعل المشاكل على حكم محكمة العدل الخاص بالحدود البحرية، بل ومدت البحرين يدها لقطر بعد حكم المحكمة على أمل أن يتم ترسيم الحدود باتفاقية ثنائية فيما بعد، وبروح الأخوة المعهودة من البحرين زار جلالة الملك حفظه الله الدوحة وفتحنا صفحة جديدة معها.

لطالما كانت المياه الخليجية مفتوحة لجميع مواطني دول مجلس التعاون دون مشاكل، يدخل إليها من يجوب البحار ممتهناً الصيد أو هاوياً دون أن تكون هناك أي تدخلات أمنية بينناً، إلا مع قطر، لم تتوقف اعتداءاتها منذ ذلك الحين بغرض فرض أمر واقع دون اتفاق.

وانتظرنا طوال هذه الفترة أن تحل هذه القضية وتطوى صفحة الخلاف وهذا ما لم يحدث إلى اليوم.

ومنذ صدور الحكم إلى اليوم اعتقلت السلطات القطرية آلاف البحرينيين بل وقتلت أحدهم وأصابت بعضهم بعاهات وصادرت ممتلكات البعض الآخر بادعاء أن هؤلاء البحرينيين يدخلون المياه الإقليمية القطرية، وتلك المياه تريد قطر أن تستولي عليها عنوة وبقوة السلاح وبالبلطجة البحرية وبالاستعانة بمرتزقة لا تعرف هويتهم ولا هوية زوارقهم ومدججين بالسلاح.

السكوت كان من أجل الآخرين، السكوت كان من أجل المصلحة الجماعية، السكوت كان على أمل إيجاد حل، السكوت كان من أجل إبداء حسن النية، السكوت كان في معظم الأحيان بطلب من الأخوة، والأهم من هذا كله أن السكوت كان من أجل وحدة الشعوب الخليجية وهم أهل وأخوة، وأنه لا ذنب للشعوب أن تدفع ثمن نزق وطمع أحد الأنظمة.

إنما اليوم وصل عدد الاعتداءات بالآلاف ووصل إلى حد الجرائم الجنائية، فما المطلوب من البحرين؟ ووصل إلى حد فرض الأمر الواقع بالقوة وبالسلاح، فهل المطلوب أن تستمر البحرين بالسكوت من أجل الآخرين أيضاً هذه المرة؟

يؤسفنا جداً أن تحل الخلافات بالطلب من الطرف الذي يظنون أنه (الأطيب والأعقل) أن يسكت ويمرر رغم أن الحق لا يجهل والحقائق الدامغة موجودة والبحرين لا تريد أكثر من حقها والموثق منذ عام 1939 وهي ذات الخطوط التي اعتمدتها جميع الدول الخليجية بين بعضها البعض، فلماذا على البحرين وفي كل مرة أن تقتطع المزيد من حدودها من أجل أن لا نفترق أو أن نبقى متصالحين جميعنا؟

الخلاصة نعيد تذكير الجميع بها من مقال سابق: إن الخلاف الحدودي بين مملكة البحرين ودولة قطر لا زال مستمراً، وأكد أهل البحرين على ذلك عندما صوت 98.4% من الشعب على ميثاق العمل الوطني بعدم جواز التنازل عن أراضي الوطن وهذا ما أعاد تأكيده الدستور. وأن مملكة البحرين لم تعترض على حكم محكمة العدل الدولية في العام 2001، إلا أنها تمارس سيادتها على أراضيها وإقليمها البحري وفقاً لما هو وارد في القانون رقم (8) لسنة 1993 بشأن البحرالإقليمي لمملكة البحرين، والمنطقة المتاخمة، والمستند على قرار التحكيم البريطاني في العام 1939 والذي له الحجية القانونية الباتة والنهائية.