^ دائماً كنت أرى أن قوة الإنسان الحقيقية تكمن في ابتسامته المشرقة، الصادرة من القلب، المضيئة لبؤبؤ العين، حتى في الظروف الصعبة التي يمر بها. فهي جواز المرور الكوني في أقسى المواقف، وتذكرة العبور لكل الأماني التي يتمناها أي واحد منا، للوصول إلى ما يريد وتحقيق الغرض الحياتي الذي من أجله جاء إلى هذه الأرض.. ليعمرها و يجعلها أرضاً تليق بسيد المخلوقات. قبل فترة أرسل لي الصديق الفنان يعقوب يوسف فيلماً قصيراً جميلاً ورائعاً تحت عنوان “بائعة المناديل”، ولأني لا أقوى على مثل هذه الأعمال الإنسانية، التي يقف أمامها المرء مندهشاً من قدرة الإنسان على تغيير آخرين بابتسامة فقط، لا أكثر ولا أقل من ذلك، فأنا شخصياً أرى أن الابتسامة الصادرة من القلب تستطيع إذابة الجبال وتحويل الجليد إلى أنهار وأصحاب القلوب الحجرية إلى أطفال. من هنا عملت على نقل الكلام المصاحب لحركة الفيلم والذي يقول كانت هناك فتاة صغيرة تبيع المناديل الورقية، وجدت امرأة حزينة، وبكل براءة تقدمت الطفلة وأعطت المرأة منديلاً لتمسح دموعها، وبعد أن مسحت المرأة دموعها، أخرجت من جيبها مالاً لكي تعطيه للطفلة، ولكن هذه الطفلة رحلت بصمت وابتسامة على وجهها، ولم تطلب ثمن المنديل. نظرت إليها وهي تبتعد وابتسمت لأن الطفلة أدخلت السعادة على قلبها. أثّر فعل الطفلة على المرأة تأثيراً إيجابياً، وبكل لهفة بعثت برسالة اعتذار لزوجها الذي كان بحالة حزن وكآبة يشرب في إحدى الحانات. قرأ الزوج اعتذار زوجته وفرح كثيراً، وفوراً طلب من “الجرسون” الحساب، لكي يعود لزوجته بأسرع وقت، وفي غمرة سعادته ابتسم وقرر أن يكرم “الجرسون” بسخاء كبير. تعجب “الجرسون” من تصرف الزبون ولكنه ابتسم واشترى أغراضاً كثيرة لبيته بسبب كرم الزوج. ولما كان في الطريق إلى بيته أعجبه منظر الحمام فقرر شراء حبوب لكي يطعمه، ثم ذهب إلى امرأة عجوز مبتسمة تبيع الحبوب وطلب منها بعض الحبوب، وأعطاها مبلغاً من المال يفوق أضعاف قيمة طعام الحمام، لم تصدق العجوز المبلغ ولكنها ابتسمت بكل قناعة، وقررت شراء لحم لم تذقه منذ فترة طويلة. ذهبت إلى بيتها سعيدة بما رزقها الله وأعدت اللحم لها ولمن يشاركها الطعام، ودخلت البيت حفيدتها بائعة المناديل. في الواقع خرت دمعتي وأنا أرى حفيدة العجوز، الطفلة بائعة المناديل الورقية، تدخل من الباب وتعانق جدتها، شعرت أن الكون بدا يعمل من أجل إدخال الفرح إلى قلب الطفلة، مصدر الفرح للمرأة الحزينة، ولزوجها الضائع في كرسي الحانة، ولـ«الجرسون” الذي فرح بمبلغ من المال لم يتوقع الحصول عليه، وبعجوز تحصل على مبلغ أكثر مما قدمت من حبوب. لهذا أقول لكل الأصدقاء ابتسموا تصحوا، ابتسموا، بكل طاقة وقوة، عبر تحريكها وإرسالها في الهواء، عبر قدرتها على تخطي العوائق، تستطيعون إذابة كل الحواجز بينكم وبين أنفسكم وبينكم وبين الآخرين وبينكم وبين الحواجز الكونية. الابتسامة هي اللغة الوحيدة التي لا تكلف مالاً ولا جهداً. الابتسامة هي الامتداد لموسيقى الكون التي تزيد من رقعة التسابيح. الابتسامة تعيد النشاط والحيوية للخلايا المزحومة بأسوار الغضب والحقد والكراهية والحسد والرغبة في الانتقام من كل شيء. الابتسامة تمنح جسدك المناعة الدائمة للوقوف ضد الجراثيم التي تفرح حين ترى أجساداً تدعوها إلى استيطانها. ابتسموا لتكونوا أقوى وأجمل وأكثر محبة لأنفسكم وللعالم. ابتسموا واعرفوا جيداً أنه ما خاب من ابتسم.
فعل ابتسامة بائعة المناديل
15 أبريل 2012