في إحدى الجلسات الأكاديمية اتجه الحديث نحو الهوية العربية. قال أحد الأساتذة الأجلاء الغيورين: إن الهوية العربية تمر بتحديات جمة، وتواجه أخطاراً ممنهجة. وإن علينا وضع مشاريع ثقافية وتربوية للحفاظ على الهوية العربية، خصوصاً، عند النشء الجديد. خيم الحزن علي وأنا أسمع هذا الحديث الذي سيعتبره البعض «موضة قديمة». وفي ثوان معدودة مر في ذهني الصراع والنضال الطويل من أجل تعميد وتعميق الهوية العربية. حروب الاستقلال، الأغاني والخطب والعظيمة. حركات التعريب ومحاربة التغريب. الجدل بين التيارات القومية والإسلامية عن أسبقية التعريف الحضاري لهذه الأمة: هل هو العربي أو الإسلامي. ثم فجأة استذكرت أن عدم بلورتنا للهوية العربية مفاهيم وإجراءات، هو سبب قلق الهوية الدائم في ضمائرنا.
تحديات الهوية العربية كثيرة، أهمها البنية التاريخية. أولاً من نحن؟ ربما تكون الإجابة المحايدة الأسهل في «التمرير» هي أننا شعوب ناطقة بالعربية ولكننا أمة متعددة الأعراق. لنا تاريخ غير مشترك أحيط بأسوار سياسية مشتركة. نتعبد سرديات خاطئة عن أركان نشأتنا ولا نقبل مراجعة تلك السرديات. مثلاً: العرب أمة لا تكتب ولا تقرأ. وماذا عن الكتابة المسمارية في اليمن، والهيروغليفية في مصر، ومخطوطات بابل والسريان التي يتجاوز عمرها الستة آلاف عام؟ نحن أمة بدوية لم تعرف هيكلة الدولة والتنظيم السياسي إلا حين خط النبي محمد وثيقة المدينة المنورة. وماذا عن ممالك اليمن وإمبراطوريات الشام والعراق وفراعنة مصر؟ لم يكن للمرأة شأن عند العرب في الجاهلية، كانت توأد وتسبى وسخرت لخدمة الرجل. وماذا عن بلقيس والزباء وزنوبيا وكيلوباترا وملكات المغرب الأقصى؟ إنها صور متناقضة عن بنية الهوية التاريخية يتعذر على أساسها بلورة المفهوم المعاصر.
التحدي الراهن هو النزوع الحداثي نحو الفردانية والإنسانية. فهناك المواطنة العالمية، والمواطنة الرقمية والمواطنة المزدوجة لمتعددي الأعراق والجنسيات. لذلك حين نثير قضية أزمة الهوية العربية، فإن السؤال الذي يجب أن نبدأ به هو: ما هي أزمة الهوية العربية؟ وحين نناقش آليات الدفاع عن الهوية العربية وحمايتها. علينا أن نعرف ما هي المكونات التي يجب أن نحافظ عليها؟ هل هي اللغة العربية والدين؟ أم العادات والتقاليد؟ وسندرك بعد تأمل عميق أن هذه العناصر لا تواجه تحديات وأزمات في كونها أركاناً للهوية التي تتعرض «للقرصنة». بل إنها تواجه أزماتها الخاصة منفردة في تأقلمها مع متطلبات العصر. لم أشأ المشاركة في جدل الهوية المهددة. اكتفيت بالتعبير عن القلق فلا أظنني أملك سواه.
تحديات الهوية العربية كثيرة، أهمها البنية التاريخية. أولاً من نحن؟ ربما تكون الإجابة المحايدة الأسهل في «التمرير» هي أننا شعوب ناطقة بالعربية ولكننا أمة متعددة الأعراق. لنا تاريخ غير مشترك أحيط بأسوار سياسية مشتركة. نتعبد سرديات خاطئة عن أركان نشأتنا ولا نقبل مراجعة تلك السرديات. مثلاً: العرب أمة لا تكتب ولا تقرأ. وماذا عن الكتابة المسمارية في اليمن، والهيروغليفية في مصر، ومخطوطات بابل والسريان التي يتجاوز عمرها الستة آلاف عام؟ نحن أمة بدوية لم تعرف هيكلة الدولة والتنظيم السياسي إلا حين خط النبي محمد وثيقة المدينة المنورة. وماذا عن ممالك اليمن وإمبراطوريات الشام والعراق وفراعنة مصر؟ لم يكن للمرأة شأن عند العرب في الجاهلية، كانت توأد وتسبى وسخرت لخدمة الرجل. وماذا عن بلقيس والزباء وزنوبيا وكيلوباترا وملكات المغرب الأقصى؟ إنها صور متناقضة عن بنية الهوية التاريخية يتعذر على أساسها بلورة المفهوم المعاصر.
التحدي الراهن هو النزوع الحداثي نحو الفردانية والإنسانية. فهناك المواطنة العالمية، والمواطنة الرقمية والمواطنة المزدوجة لمتعددي الأعراق والجنسيات. لذلك حين نثير قضية أزمة الهوية العربية، فإن السؤال الذي يجب أن نبدأ به هو: ما هي أزمة الهوية العربية؟ وحين نناقش آليات الدفاع عن الهوية العربية وحمايتها. علينا أن نعرف ما هي المكونات التي يجب أن نحافظ عليها؟ هل هي اللغة العربية والدين؟ أم العادات والتقاليد؟ وسندرك بعد تأمل عميق أن هذه العناصر لا تواجه تحديات وأزمات في كونها أركاناً للهوية التي تتعرض «للقرصنة». بل إنها تواجه أزماتها الخاصة منفردة في تأقلمها مع متطلبات العصر. لم أشأ المشاركة في جدل الهوية المهددة. اكتفيت بالتعبير عن القلق فلا أظنني أملك سواه.