هدى عبدالحميد
إن تسارع التكنولوجيا، وانتشار النت جعلا انتقال الألعاب عبر كافة بقاع الأرض سريعاً جداً، ومكنا الأطفال والنشء من التعرف على ثقافات العالم المختلفة، فكأنهم يسافرون إلى بقاع العالم أجمع ويختلطون مع أقرانهم في كافة بقاع الأرض بضغطة بسيطة على أحد مفاتيح الحاسوب، أو من خلال الألعاب الإلكترونية، لكن اختلاطهم مع أقرانهم في المدرسة والنادي جعل هناك توازناً بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي.

جاءت جائحة كورونا وفرضت حجراً منزلياً فانقطع الأطفال فجأة عن مدارسهم وأصحابهم وأغلب مظاهر الحياة خارج البيت ربما شكل هذا الوضع الجديد ضغطاً نفسياً كبيراً على أغلب الأطفال الذين لم يستوعب كثير منهم ما يحدث. ووجد الآباء والأمهات أنفسهم أمام تحديات جديدة أهمها مساعدة الأطفال على التأقلم مع نمط الحياة الجديد واضطروا إلى السماح بما كان ممنوعاً أو مقنناً بقضاء أطفالهم ساعات طويلة للعب بالألعاب الإلكترونية

وعلى الرغم من أن الألعاب الإلكترونية هي تطور طبيعي لظهور التكنولوجيا فإن أغلب الآباء كانوا حريصين على منع الأطفال من هذه الألعاب أو تقنينها بساعات محدودة لما لها من آثار سلبية أكدها العديد من الأبحاث والدراسات ولكن بعد انتشار جائحة كورونا، لم يكن هناك متنفس للأطفال سوى هذه الألعاب فحرص الآباء على توفيرها بمختلف أشكالها، للتخفيف من الملل لدى الأطفال خلال التباعد الاجتماعي، ومنها ألعاب أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الألعاب الإلكترونية الأخرى مثل البلاستيشن والإكس بوكس وغيرها، فلقد حققت منصات الألعاب تفاعلاً غير مسبوق خلال هذا العام، وهذا سيجعل الأمر أكثر صعوبة على الآباء من أجل استرجاع نمط الحياة الطبيعي ثانية بعد انتهاء فترة التباعد الاجتماعي والعودة إلى الحياة الطبيعية قريباً كما نأمل.

لقد جعلت الجائحة الأطفال بعيدين عن الاختلاط بأقرانهم، محرومين من التجمعات العائلية كما حرموا من ممارسة هواياتهم الرياضية، ما تسبب في زيادة الوزن بعد الجلوس فترات طويلة دون ممارسة نشاط بدني كامل.

السؤال الذي يطرح نفسه هل سنستطيع استرجاع حياة أطفالنا الطبيعية ثانية؟ أم أننا سنعاني، المؤكد أن بعضهم أحبوا هذا النمط واعتادوه ولن يكون التخلي عنه بالسهولة التي يتخيلها بعض الآباء، ما سيؤدي إلى صدام يحتاج معه الأبوان للتعامل بالذكاء الذي يؤدي إلى النتيجة المنشودة، دون الإثقال على مشاعر أطفالهم بأنهم مجبرون على ترك ما يحبونه، وخصوصاً أن هذه الألعاب كانت الملاذ الذي لم يعترض عليه الآباء، بل كانوا يشجعونهم عليه، بدليل نفاد بعض الألعاب من السوق المحلي.

قد لا يستوعب بعض الصغار لماذا نحاول إبعادهم عما كنا نسمح به طيلة الأشهر الماضية، لذا يجب أن يكون الابتعاد تدريجياً، والبحث عن بدائل سيكون صعباً لأن عوامل الجذب والتشويق في هذه الألعاب كبيرة ومغرية، لذا لن يكون الأمر سهلاً، ويجب التعامل مع أطفالنا بحكمة؛ فقد مر عام صعب كانوا يتلقون خلاله التعليمات والنصائح التي تخص الوباء فزاد لديهم الوعي بمعنى الخطورة والتعرض للأضرار، فيمكن استثمار هذا الشعور لننقل إليهم الإحساس بالمسؤولية تجاه التقليل من نشاط الألعاب الإلكترونية مع رجوع الحياة إلى طبيعتها، ونقل المسؤولية إليهم، والبحث عن حلول بمشاركتهم، وحبذا لو كانت نابعة منهم، فلم يعودوا هم نفس أطفال الأمس، لذا يجب أن يكون لهم رأي ومشاركة في طرح الحلول والبدائل التي ننشدها بالحوار معهم ليكون الحل مقنعاً لهم.