انقضت سنة 2020 كباقي السنين بحلوها ومرّها بأفراحها وأتراحها وبكلّ الأحداث العامّة والخاصّة التي حصلت فيها، إلّا أنّ هذه السنة كانت مختلفة عن باقي السنوات الماضية بحيث ستتحوّل إلى تاريخ بل أصبحت كذلك.
وقد ودّع كلّ العالم سنة 2020 بفرح شديد نتيجة اعتقادهم بأنّ الذي حصل فيها مرتبط بنحس في نفس هذا العام، لذلك كانت احتفالات هذه السنة مختلفة عن كلّ عام نتيجة ترقّب خروج هذه السنة التي كانت في نظر كثير من الناس من أتعس السنوات، أمّا نحن فإنّنا سنفق عند هذه السنة 2020 وسنقوم وسنستلهم أهمّ الدروس التي استفدناها من الظروف التي مررنا بها جميعا لكي تكون لنا بمثابة النبراس الذي ينير لنا طريق المستقبل:
الدرس الأوّل: أهمّ درس استفدناه من سنة 2020 هو أنّ "الإنسان ليس سيد هذا العالم"، فلو رجعنا إلى قبيل هذه السنة لرأينا كيف يتحدّث البشر بصورة توحي بأنّهم ملكوا هذا الكون وكشفوا عن أسراره، وأنّ بإمكانهم فعل أيّ شيء كما يشاؤون، بل يذكر بعضهم أنّ كلّ شيء في هذا العالم تحت المراقبة حتى الميكروب الصغير في قعر المحيط!
ولمّا جاءت كورونا بدّدت هذه الأوهام وأرجعت الإنسان إلى حجمه الطبيعي، ففيروس صغير الحجم استطاع أن يغيّر كلّ العالم واستطاع أن يضرب في الصميم أكبر اقتصاداته ويصيب العالم بشلل في جلّ مجالاته ممّا جعل الإنسان يشعر بالعجز أمامه، وهذا الشعور مهمّ جدّا للإنسان بل ضروري له لأنّ له علاقة طرديّة مع الطغيان، وقد أشار الله عزّ وجل في محكم كتابه إلى هذا المعنى إذ قال: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)، فكلّما أحسّ الإنسان بقدرته المطلقة زادت رغبته في الطغيان والتجبّر.
وهذا الأمر لا بدّ أن ننتبه له لأنّه حتى في حياتنا الاجتماعيّة نجد أنّ هنالك من يطغى على غيره ويستضعف غيره ظنّا منه أنّه بمأمن من العقاب ولكن يغفل عن اليد الإلهيّة التي يمكن أن تمتدّ إليه وتعاقبه في أيّ حين، وكما ورد: إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكّر قدرة الله عليك.
الدرس الثاني: الأمر الآخر المهمّ حول هذه السنة التي انقضت وولّت وهي أنّ "دوام الحال من المحال" فكلّنا رأينا كيف تغيّر العالم بصورة لم يتوقّعها أحد بل لم تكن في الحسبان فمن كان في أعلى سلّم النجاح وجدناه قد انهار فجأة، فنحن نتحدّث عن آلاف الشركات في العالم قد تراجعت بقوّة في فترة كورونا بحيث أعلن الكثير منها إفلاسها وتسريح موظّفيها، وعلى رأسها شركات الطيران والسياحة التي كانت مداخيلها أرقاماً فلكيّة!
وفي المقابل هناك شركات لم تكن شيئا قبل كورونا وأصبحت ذات قيمة عالميّة، وأقرب مثال على ذلك شركة تطبيق زوم الذي لم يكن شيئا يذكر قبل الجائحة وتحوّل فجأة إلى عنصر حاضر بقوّة في شتّى المجالات بحيث أصبحت مداخيله ملياريّة!
هذه هي الحياة يوم في صعود ويوم في نزول ودوام الحال من المحال، فلابدّ لمن هو في أسفل السلّم أن لا يتوهّم أنّه خلق ليكون في هذا المكان فيحسّ باليأس والقنوط وكذلك من وجد نفسه في أعلى السلّم عليه أن لا يأمن السقوط فإنّ الإنسان كلّما ارتفع أكثر كان سقوطه أسرع وأكثر إيلاما.
الدرس الثالث: قبل سنة 2020 كنّا نعيش حياة بتفاصيل رتيبة نسمّيها بالروتين اليومي وكانت لا تعني لنا شيئا، ولكن بعد جائحة كورونا اكتشفنا أنّها أمور مهمّة جدّا بحيث أصبحنا نتحسّر على الحرمان منها، وهذا هو حال النعم في حياتنا فإنّنا لا نعرف قيمتها إلّا بعد فقدانها وزوالها من حياتنا، وهذا ما يجعلنا أمام سؤال مهمّ: كم من النعم نرفل فيها في حياتنا ولا نحسّ بوجودها فضلاً على قيامنا بواجباتنا تجاهها؟
لقد أشار القرآن إلى نوعين من النعم (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) وأعطى الإنسان الوصفة السحريّة للمحافظة عليها بل لمضاعفتها وهو (الشكر)، فقال عزّ من قائل: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) و في ختام ما مضى و بداية ما أتى الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جم عن الأحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها واستحمد إلى الخلائق بإجزالها.
فنحن أمام اختبار حقيقي وهو:
كيف نحمد الله على هذه النعم؟
وكيف نشكره عليها؟
وكيف نؤدّي حقّها؟
نسأل الله عزّ وجل أن يجعلنا من عباده الشاكرين حقّا، والذي يؤدّون حقوق الله عليهم...
وللحديث بقية...
وقد ودّع كلّ العالم سنة 2020 بفرح شديد نتيجة اعتقادهم بأنّ الذي حصل فيها مرتبط بنحس في نفس هذا العام، لذلك كانت احتفالات هذه السنة مختلفة عن كلّ عام نتيجة ترقّب خروج هذه السنة التي كانت في نظر كثير من الناس من أتعس السنوات، أمّا نحن فإنّنا سنفق عند هذه السنة 2020 وسنقوم وسنستلهم أهمّ الدروس التي استفدناها من الظروف التي مررنا بها جميعا لكي تكون لنا بمثابة النبراس الذي ينير لنا طريق المستقبل:
الدرس الأوّل: أهمّ درس استفدناه من سنة 2020 هو أنّ "الإنسان ليس سيد هذا العالم"، فلو رجعنا إلى قبيل هذه السنة لرأينا كيف يتحدّث البشر بصورة توحي بأنّهم ملكوا هذا الكون وكشفوا عن أسراره، وأنّ بإمكانهم فعل أيّ شيء كما يشاؤون، بل يذكر بعضهم أنّ كلّ شيء في هذا العالم تحت المراقبة حتى الميكروب الصغير في قعر المحيط!
ولمّا جاءت كورونا بدّدت هذه الأوهام وأرجعت الإنسان إلى حجمه الطبيعي، ففيروس صغير الحجم استطاع أن يغيّر كلّ العالم واستطاع أن يضرب في الصميم أكبر اقتصاداته ويصيب العالم بشلل في جلّ مجالاته ممّا جعل الإنسان يشعر بالعجز أمامه، وهذا الشعور مهمّ جدّا للإنسان بل ضروري له لأنّ له علاقة طرديّة مع الطغيان، وقد أشار الله عزّ وجل في محكم كتابه إلى هذا المعنى إذ قال: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)، فكلّما أحسّ الإنسان بقدرته المطلقة زادت رغبته في الطغيان والتجبّر.
وهذا الأمر لا بدّ أن ننتبه له لأنّه حتى في حياتنا الاجتماعيّة نجد أنّ هنالك من يطغى على غيره ويستضعف غيره ظنّا منه أنّه بمأمن من العقاب ولكن يغفل عن اليد الإلهيّة التي يمكن أن تمتدّ إليه وتعاقبه في أيّ حين، وكما ورد: إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكّر قدرة الله عليك.
الدرس الثاني: الأمر الآخر المهمّ حول هذه السنة التي انقضت وولّت وهي أنّ "دوام الحال من المحال" فكلّنا رأينا كيف تغيّر العالم بصورة لم يتوقّعها أحد بل لم تكن في الحسبان فمن كان في أعلى سلّم النجاح وجدناه قد انهار فجأة، فنحن نتحدّث عن آلاف الشركات في العالم قد تراجعت بقوّة في فترة كورونا بحيث أعلن الكثير منها إفلاسها وتسريح موظّفيها، وعلى رأسها شركات الطيران والسياحة التي كانت مداخيلها أرقاماً فلكيّة!
وفي المقابل هناك شركات لم تكن شيئا قبل كورونا وأصبحت ذات قيمة عالميّة، وأقرب مثال على ذلك شركة تطبيق زوم الذي لم يكن شيئا يذكر قبل الجائحة وتحوّل فجأة إلى عنصر حاضر بقوّة في شتّى المجالات بحيث أصبحت مداخيله ملياريّة!
هذه هي الحياة يوم في صعود ويوم في نزول ودوام الحال من المحال، فلابدّ لمن هو في أسفل السلّم أن لا يتوهّم أنّه خلق ليكون في هذا المكان فيحسّ باليأس والقنوط وكذلك من وجد نفسه في أعلى السلّم عليه أن لا يأمن السقوط فإنّ الإنسان كلّما ارتفع أكثر كان سقوطه أسرع وأكثر إيلاما.
الدرس الثالث: قبل سنة 2020 كنّا نعيش حياة بتفاصيل رتيبة نسمّيها بالروتين اليومي وكانت لا تعني لنا شيئا، ولكن بعد جائحة كورونا اكتشفنا أنّها أمور مهمّة جدّا بحيث أصبحنا نتحسّر على الحرمان منها، وهذا هو حال النعم في حياتنا فإنّنا لا نعرف قيمتها إلّا بعد فقدانها وزوالها من حياتنا، وهذا ما يجعلنا أمام سؤال مهمّ: كم من النعم نرفل فيها في حياتنا ولا نحسّ بوجودها فضلاً على قيامنا بواجباتنا تجاهها؟
لقد أشار القرآن إلى نوعين من النعم (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) وأعطى الإنسان الوصفة السحريّة للمحافظة عليها بل لمضاعفتها وهو (الشكر)، فقال عزّ من قائل: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) و في ختام ما مضى و بداية ما أتى الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جم عن الأحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها واستحمد إلى الخلائق بإجزالها.
فنحن أمام اختبار حقيقي وهو:
كيف نحمد الله على هذه النعم؟
وكيف نشكره عليها؟
وكيف نؤدّي حقّها؟
نسأل الله عزّ وجل أن يجعلنا من عباده الشاكرين حقّا، والذي يؤدّون حقوق الله عليهم...
وللحديث بقية...