(على طاري) البحرين فيها خير يكفي لأن يعيش البحريني والأسر البحرينية بشكل يجعل من الطبقة الوسطى هي القاعدة الغالبة في المجتمع وتضييق الهوة بين الأغنياء والفقراء، ويقال إنه في اتساع هذه الطبقة ضمان للأمن والاستقرار يضاف كمكسب إلى مكاسب الأفراد الذين سيتحسن دخلهم، وهذا ما تسعى إليه أي حكومة في برامجها وخططها ورؤيتها التي ترسمها، وهو ما أعلنت عنه البحرين في رؤية 2030 التي بقي عليها تسع سنوات!

البحرين فعلاً فيها خير، في فلوس في البلد تجعل الآلاف من الطبقة الوسطى الأجنبية وخاصة الآسيوية منها تفضل العيش في البحرين، ودعنا نقف عند هذه الطبقة من الأجانب، أي أننا لن نتحدث عن العمالة الرخيصة والحرفيين، ولن نتحدث عن مديري البنوك والشركات، بل سنتحدث عن الطبقة الوسطى من الأجانب، من دخل الأسرة فيها يقارب -يزيد أو يقصر- عن ألف دينار بحريني.

هؤلاء موجودون في البحرين بكثرة، وأعدادهم غفيرة يملكون مهارات معينة ولديهم وظائفهم، يعيشون في البحرين بوضعية جيدة، يعيش هذا الآسيوي في شقة نظيفة يدفع إيجارها من راتبه، لديه سيارة، أبناؤه في مدارس خاصة، أي أنه يعيش أفضل من عشرات الآلاف من البحرينيين إن لم يكن أفضل من مئات الآلاف، يشكل بدخله ومستوى معيشته نموذجاً للطبقة المتوسطة التي نحلم أن تكون هي السائدة بين البحرينيين.

لاحظوا هو ليس موظفاً حكومياً، العديد منهم يعملون في وظائف في القطاع الخاص حتى نبعد جانباً شماعة الحكومة التي نلقي عليها كل مشاكلنا.

ونتساءل هل ما يفعله هذا الأجنبي صعب على البحريني؟ ما هي مهاراته وما هي كفاءته وكم ساعة يعمل؟ لماذا أطرح هذه الأسئلة؟ كي أحدد دور الفرد هنا في تحسين مستوى دخله دونما حاجة لحكومة تدعمه.

السؤال كيف تمكن هذا الإنسان من أن يكون مصدر دخله ما يقارب ألف دينار ويأكل من خير هذا البلد و.. و.. يعيش أبناؤه معه في مستوى جيد، بل أكثر من الجيد، وهو الذي لا يحصل على الدعم لا في الكهرباء ولا الماء ولا الإيجار ولا المواصلات، في حين أن البحريني موجود معه ويشتكي من قلة الدخل؟

أين الخلل؟ سؤال لا بد من أن نخصص له وقتاً ونكلف من لا تأخذه في الله لومة لائم، بمعنى أنه لا يجامل إن كانت الحكومة قصرت في دورها، ولا يجامل الفرد البحريني إن قصر هو في واجبه، فلا يخشى غضبة الناس ولا يخشى غضبة الحكومة، فغضب الناس أصعب في المواجهة فهناك من سيهب للهجوم فقط ليبرئ الأفراد وليظهر نفسه بطلاً شعبياً إن وجد التقصير من الأفراد، وهناك من سيوغر قلب الحكومة على من يوجه لها النقد ويقول لها هذا مؤزم ولا يحبكم لذلك وضع عليكم اللوم.

نريد دراسة تضع لنا النقاط على الحروف، هل حققنا أهدافنا بعد أكثر من خمس عشرة سنة من خطط وبرامج وملايين الدنانير التي صرفت على هذا الهدف؟

هل نجحنا في جعل البحريني الخيار الأفضل؟ هل نجحت تمكين وهيئة تنظيم سوق العمل ووزارة التربية وبقية المؤسسات الحكومية مجتمعة في جعل البحريني هو من يحصل على الوظائف ذات الرواتب المجزية كما وعدنا؟

هل نجحنا كأفراد في فهم السوق واحتياجاته وفهم المعادلة التي تمكن منها هذا الآسيوي أن يعيش دون دعم الحكومة ومع ذلك يتمكن بدخله أن يعيش في مستوى جيد بل ممتاز؟

سهل أن ألقي اللوم كله على الحكومة، ولكن وجود هذه الطبقة الأجنبية المتوسطة غير المدعومة بيننا يضع ألف علامة استفهام علينا كأفراد، ولا أريد أن أستبق الجواب ولكنها أسئلة مشروعة في ظل الحقائق التي تراها العين المجردة.

يا جماعة هناك أكثر من ملياري دينار بحريني تحول سنوياً من البحرين إلى الخارج، يحولها الأجانب الذين يأكلون من خير هذا البلد، هذه ثروة، هذه تعادل ميزانية دولة، لو صرف نصفها في البحرين لتغير وضع الناس.

ونحن لسنا ضد الأجنبي ولا ضد انفتاح السوق، ولكن جميع هذه السياسات الانفتاحية ما هي إلا وسائل وضعت لتحسين مستوى المواطن في النهاية قبل أن تحسن من مستوى النمو الاقتصادي، فإن خدمت تلك الوسائل الأجنبي وجلس المواطن يتفرج على خير بلده وهو يهاجر فهناك فشل ما يتحمله أحد ما، فمن الذي سيعلق الجرس ويخبرنا أين الخلل؟