أيمن شكل

على الرغم من حداثة قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (36) لسنة 2012، فإن الظروف الحالية وأزمة فيروس كورونا كوفيد19 فتحت الباب لإعادة تقييم القانون ومدى ملاءمته للفترة الآنية، فقد أشار محامون إلى أنه معاصر ويقدم حلولاً لكافة الوقائع، لكن آخرين رأوا الحاجة لتعديل بعض نصوصه.

وكان للمحامية د. سعاد يس رأي حول القانون أوضحت فيه أنه عالج العديد من أوجه القصور الموجودة في قانون العمل السابق بمنح العامل العديد من المزايا من أبرزها تعديل الإجازة السنوية، وإنشاء إدارة الدعاوى العمالية، وهو ما ساهم بشكل كبير في إنجاز العدالة القضائية، كما حدد القانون القواعد التنظيمية لإنهاء عقد العمل في حال غلق المنشأة أو تقليص نشاطها وكيفية احتساب المستحقات العمالية، وذلك من خلال المادتين (110 و111).

وبخصوص الثغرات قالت يس: إن أبرز الثغرات الموجودة هي المادة (81) التي تعطي لصاحب العمل الحق في وقف العامل عن العمل في حال اتهامه بجنحة أو جناية، حيث اتخذها صاحب العمل ذريعة أو طريقاً لإنهاء عقد العمل من خلال تقديمه بلاغاً جنائياً ضد العامل تحت أي اتهام بحسب الظروف، وبناء عليه يتم إيقافه عن العمل ثم يقوم صاحب العمل برفض إعادته إلى العمل مرة أخرى بعد أن تثبت براءته وإنهاء عقد العمل تحت مسمى فقد الثقة بين صاحب العمل والعامل، ويحرم من أحقيته في الحصول على التعويض عن الفصل التعسفي، وكذلك بدل الإخطار وغيرها من المستحقات العمالية المنصوص عليها في عقد العمل.

وأضافت يس كذلك ثغرة أخرى في نفس المادة (81) هي النص: "وإذا ثبت أن اتهام العامل كان بتدبير من صاحب العمل أو من يمثله وجب أداء أجره عن مدة الوقف، ويجب على كل من النيابة العامة والمحكمة المختصة إذا ثبت لها ذلك- أن تشير إليه في قرارها أو في حكمها. " حيث أكد نص المادة أنه من شروط حصول العامل على أجرة عن مدة التوقف هو أن تثبت النيابة العامة أو المحكمة المختصة أن الاتهام كان من تدبير صاحب العمل، إلا أن الواقع العملي يؤكد أنه من الصعوبة البالغة على أرض الواقع تحقيق هذا الشرط، الأمر الذي يترتب عليه مكوث العامل مدة تصل إلى أكثر من (6) أشهر بدون أي عمل وفي النهاية عدم حصوله على راتبه مقابل تلك المدة، وطالبت بتعديل المادة منعاً للتحايل على القانون والبحث في ثغراته للتهرب من الالتزامات الواقعة على عاتق كل من طرفي عقد العمل.

ونوهت بقرار إلغاء درجة الاستئناف في قانون العمل، حيث يتم الطعن في التمييز مباشرة على الحكم الصادر من المحكمة الكبرى العمالية، وبناء عليه يتم فقد درجة من درجات التقاضي الثلاث، ولا تستطيع الشركة وقف التنفيذ لمعالجة القصور في الحكم إن وجد، إلا بناء على قرار من محكمة التمييز في البت على الشق المستعجل بوقف ملف التنفيذ إلى حين الفصل في الطعن في التمييز، ولفتت إلى أن هذا القرار يستلزم تحديد جلسة له أمام المحكمة تستغرق مدة قد تصل إلى 4 أشهر يكون العامل خلالها قام بالتنفيذ على المؤسسة أو الشركة، ما يترتب عليه تعرض الشركة للضرر، وخاصة إذا كانت الشركة ليس لديها علم برفع دعوى عمالية وصدور الحكم ضدها إلا في أثناء السير في إجراءات التنفيذ.

وحول الحاجة لتعديل أو إضافة للقانون تتماشى مع أزمة مثل فيروس كورونا، أوضحت يس أن الأوبئة أو الكوارث الطبيعية تعد من الأسباب القاهرة، التي تناولها قانون العمل في المادة (43) التي وازنت بين ظروف صاحب العمل والتزامات العامل، كما حددت المادة (65) أحقية العامل في الحصول على إجازة مرضية في حال ثبوت تعرضه للمرض.

وأشار المحامي محمود ربيع إلى أن القانون استطاع أن يعالج المسائل الطارئة التي استجدت بسبب تأثير فيروس كورونا المستجد، ذلك لأن المشرع البحريني قد وضع نصوصاً لمواجهة الحالات الاستثنائية التي قد تحدث في أي وقت وتشكل اضطراباً مالياً وإدارياً في عمل المؤسسات والشركات التجارية، ويعود السبب في ذلك إلى أن قانون العمل يعد قانوناً حديثاً نسبياً، حيث صدر في عام 2012 وامتلك واضعو التشريع نظرة بعيدة، بوضع نصوص تعالج أي ظروف غير عادية وغير متوقعة وتضمن آلية للتأقلم معها والخروج من الأزمات المؤقتة بأقل تكلفة ممكنة، وبما يحقق أقصى مصلحة ممكنة لأطراف الإنتاج.

وأضاف قائلاً: إن تعرض المنشأة مثلاً لحالة الإغلاق الكلي أو الجزئي وتقليص النشاط بسبب الظروف الصحية، قد عولج من خلال المادة 110 التي أجازت لصاحب العمل إنهاء عقد العمل بسبب إغلاق المنشأة كلياً أو جزئياً أو تقليص حجم نشاطها أو استبدال نظام إنتاج بآخر بما يمس حجم العمالة، على ألا يتم إنهاء العقد إلا بعد إخطار الوزارة بسبب الإنهاء قبل ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالإنهاء، واشترطت المادة في غير حالة الإغلاق الكلي للمنشأة مراعاة عدم إنهاء عقد العامل البحريني الذي يتمتع بنفس كفاءة وخبرة العامل الأجنبي الذي يعمل معه في المنشأة، وقد قررت ذات المادة أيضاً تعويضاً للعامل عن هذا الإنهاء راعت فيه ظروف الطرفين وأحدثت توازناً في تحمل الخسائر والتبعات.

كذلك عالج القانون حالة إغلاق السلطات العامة للمنشآت فترة من زمن لمواجهة خطر انتشار الفيروس كما حدث للمجمعات التجارية في فترة زمنية معينة، وما هو حاصل للمطاعم والمقاهي فقد نظمت المادة 43 ذلك وقررت أن العامل يستحق نصف الأجر إذا كانت ثمة ظروف قهرية خارجة عن إرادة صاحب العمل .

وما يعزز فاعلية هذه المواد ويُشكل ضمانة حقيقة لها هو أن هذه الحالات تكون تحت رقابة القضاء، ويحق لكل الأطراف تقديم ما يشاء من أدلة وإثباتات على صحة وجهة نظره وصحة أقواله، وتكون الكلمة الفصل بعد ذلك للمحاكم مع إتاحة حق الطعن لمن لا يرتضي الحكم.

من جانب نقابي عمالي أكد نائب رئيس الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين لعلاقات العمل والشكاوى العمالية أحمد فقيهي أن القانون فيه العديد من الثغرات التي لا تصب في مصلحة الطبقة العاملة، وهناك عدة مواد وبنود تحتاج إلى تعديل من قبل السلطة التشريعية، أبرزها بند "كفاءة العامل" الذي لا توجد معايير ثابتة يمكن الاستناد إليها في قياس هذه الكفاءة، وعاد ما يستخدم كذريعة لدى صاحب العمل ليتخذ قرار إنهاء خدمات العامل.

وأشار إلى أن الاتحاد الحر كان قد طلب إجراء تعديلات على 15 مادة في قانون العمل رقم (36) لسنة 2012، بإعادة صياغة 12 مادة منه، وإضافة بند جديد لثلاثة مواد.

من جانب آخر أورد الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين 13 بندا في القانون وهي:

أولا : عدم وجود حماية كافية لحقوق العمال المكتسبة وإن كانت المادة 4 من قانون العمل الجديد قد اعطت هذه الحقوق صفة الإستمرارية، الا انها خلت من نص يتضمن عدم جواز المساس بها كما في القانون السابق، مما فتح الباب أمام أصحاب العمل للمساس بهذه الحقوق، إضافة لعدم وجود عقوبات على مخالفتها

ثانياً : عدم وجود نص يعاقب صاحب العمل في حال خروجه عن شروط العقد المتفق عليها

ثالثاً : عدم وجود عقوبات رادعة لحماية المرأة من الفصل بسبب الزواج أو الحمل حيث إن العقوبة المترتبة على فصل المرأة العاملة أو إنهاء عقد عملها بسبب الحمل أو الزواج حيث الحد الأدنى للعقوبة 200 دينار والحد الأقصى 500 دینار

رابعاً : أحكام الباب السابع من قانون العمل المتعلق بساعات العمل وفترات الراحة، ورغم احتوائه على نصوص آمرة ، إلا أن القانون خلا من نصوص عقابية على مخالفة تلك القواعد الآمرة .

خامساً : لم يحدد قانون العمل ماهية طبيعة أيام الإجازة السنوية ( المادة 58 ) هل هي أيام عمل أم أيام حسابية، في حين أنها كانت أيام عمل في القانون السابق .

سادسا : عدم إعطاء المرأة العاملة الحق في الرجوع الى العمل متى ما كان الفصل تعسفيا في حين اعطيت لغيرها من النقابيين

سابعا : عدم تعريف ماهية الكفاءة القابلة للقياس رغم احتواء المادة 109 على مسألة جسيمة الا وهي انهاء عقد العمل بموجبها إلا أنها قد خلت من وجود نص تعريفي يفسر ماهية عدم الكفاءة او النقص وقد تعسف بعض أصحاب العمل في استخدام هذة المادة

ثامنا : عدم اشتراط موافقة وزارة العمل التطبيق نص المادة و 11 من قانون العمل. وقد ترتب على ذلك إساءة استغلال اصحاب العمل لهذه المادة لأسباب غير جدية ولجوئهم في بعض الأحيان لحلول شكلية بالإغلاق الكلى او الجزئي للمنشأة.

تاسعا : عدم استحقاق العامل لأي تعويض في حال كان خلال فترة التجربة

عاشرا : قصر فترة المهلة المحددة لعدم سماع الدعوى بشأن التعويض على 30 يوما وهي فترة ليست كافية للعامل ولصاحب العمل حيث انه يتخلل ذلك مهلة 7 ايام لكتابة التظلم المنصوص عليه في المادة 76 من قانون العمل.

أحد عشر: عدم وجود نصوص عقابية عدا المواد 139 و 140 في حالة مخالفة أو امتناع صاحب العمل عن تطبيق أحكام الباب الرابع عشر فيما يخص المفاوضة الجماعية.

اثنا عشر : عدم وجود نصوص تعطي أفضلية للمواطنين في التوظيف .

ثلاثة عشر : عدم وجود مساواة للعاملات في القطاع الخاص بالعام وعدم تساوي مدة إجازة الأمومة في القطاعين العام والخاص.