الدكتورة عائشة الشيخ

استشارية نفسية


في جلستي التحفيزية معها حدثتني تلك السيدة الرقيقة صاحبة الصوت الملائكي عن شعورها بالوحدة والضياع والفراغ العاطفي بعد أن فقدت زوجها الذي أحبته والذي كان لها الصديق، والزوج، والحبيب، والأب وكل هؤلاء مجتمعين؛ فقد كان حياتها وسعادتها وكل ما بحثت عنه طيلة فترة انشغالها بالتحصيل العلمي والعملي حتى اعتلت أرفع المناصب. وكنهاية الفصول والحكايات اختفت تلك السعادة من أمامها فجأة وضاعت في كابوس الفراق الأبدي.

تقول بمرارة رغم وجود عائلتي المحبة حولي ورغم دعمهم الممتد واللامحدود لي، فإنني أعيش في فضاء كبير موحش يلفه الضباب القاتم المخيف والعتمة الممتدة أمامي بلا دليل أو نور يرشدني أو يطمئنني بأنني سأكون في حال أفضل.

استوقفتها بصوت حانً وتعاطف مطلق، وهي تتحدث عن مدى حزنها وخوفها من المستقبل وسألتها: هل لديك صديقات؟ فأجابت: نعم بالتأكيد، ولكن كل واحدة منهن مشغولة بحياتها وعائلتها وعملها، ولا أريد حقيقةً أن أفرض نفسي عليهن، فنحن نعيش في شيء من العزلة الاجتماعية والنفسية كما تعلمين.

قلت لها ما رأيك في التدريب على منهجية استنهاض طاقة السعادة الذاتية؟ ضحكت بصوت مسموع يملؤه العجب والفضول وقالت ما هي تلك الطاقة وكيف أستنهضها؟

أجبتها، لماذا لا تكونين أنت مصدراً لطاقة السعادة لنفسك أولاً، ومن ثم تنطلقين لتنشري سحرها على من حولك. خصصي وقتاً لنفسك وتصالحي معها. فرغم حاجتنا للآخرين فإننا نتجاهل وجود الشعور الداخلي والذاتي بالسعادة مع النفس؛ فنحن نتحدث مع النفس في أغلب الأحيان ونشتكي لها ونتخاصم معها، وربما نكرهها في بعض الأحيان ونتجاهل حقوقها، لذا لنبدأ من الداخل بالتحدث مع النفس حديث الصديق للصديق، والحبيب للحبيب، يجب أن نتعلم كيف نصادق أنفسنا وكيف نمدها بالقوة وكيف نضحك معها ونستمتع بكل أحاسيسها. معها نتأمل ما يحيطنا من جمال ونسكن إليها ونحضن أنفسنا بسعادة وأمل وحنين، لنجد في أنفسنا الملاذ الآمن والحب الكامن وأكتفي ولو لبعض الوقت بهذا الشعور المميز جداً والذي سيشعرني حتماً بالسكون والاكتفاء، حتى أستمد قوة جديدة تجعلني مستعداً أن أكافح من جديد وأحقق كل ما أريد.