المحاسبة والمعالجة مدخل رئيس لنجاح متابعة «التقارير»الحكومة أحالت قضايا ذات شبهة جنائية للسلطة القضائية بشفافيةإيصال مخالفات الشبهة الجنائية للقضاء ينهي دور السلطة التنفيذية«التنسيقية» أرست إجراءات قواعد ومعايير ثابتة للتعامل مع التقاريركتب عبدالله الطاهر:تُشكّل المسارات القانونية والإجرائية، بين حدّي المحاسبة والمعالجة، ضمن إجراءات تعامل السلطة التنفيذية مع تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، المدخل الرئيس لنجاح المتابعة الحكومية لملاحظات التقارير، إذ اتضح هذا النجاح بانخفاض إجمالي عدد الملاحظات من 462 إلى 346 ملاحظة في التقرير الأخير بنسبة 25% إلى جانب الانخفاض الكبير في الملاحظات حسب التصنيفات المتبعة في التعامل مع تقارير الرقابة الدورية، ووصلت الملاحظات التي قد تتطلب إحالتها إلى النيابة العامة 5 ملاحظات بعد أن كانت 25 في التقرير السابق أي بانخفاض يعادل 80%.ولعل هذا الانخفاض في إجمالي الملاحظات يدفع نحو ملحظ حرص الحكومة على مراقبة المال العام وسبل صرفه حفاظاً عليه من الهدر غير المبرر أو شبهة الفساد التي تشوبها، والتي تستوجب المحاسبة والمساءلة.واشتملت نتائج متابعة وتنفيذ الملاحظات الواردة في التقرير الأخير على 334 ملاحظة إجرائية بنسبة 97% من ملاحظات التقرير مقابل 12 ملاحظة قانونية بنسبة 3% فقط، فيما لم يوصِ بالتحقيق في أي ملاحظة، مقابل 23 أوصى بالتحقيق بها في التقرير السابق بانخفاض 100%. ويؤكد ذلك حرص السلطة التنفيذية على أن يكون تفعيل دورها قبل مرحلة إحالة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى السلطة القضائية بشفافية وموضوعية ومهنية لتطبيق الخطوات المطلوبة تجاه تقرير ديوان الرقابة المالية بحزم وجدية.وأحالت اللجنة التنسيقية التي يترأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، فيما يخص تقرير (2012-2013)، 20 مخالفة إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية، فيما أضافت إلى اللجنة القانونية بمجلس الوزراء 5 مخالفات أخرى، من ضمن 38 حولتها إليها «التنسيقية»، وأحالت 404 مخالفات لوزارة المتابعة لاتخاذ إجراءات تصحيحية وإدارية بشأنها، فيما عادت الإدارة العامة لمكافحة الفساد فأحالت عدداً من المخالفات التي تلقتها إلى النيابة العامة.إن الوصول إلى المسار القضائي في مخالفات تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية بإحالة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى المحاكم، ينهي دور السلطة التنفيذية، تحقيقاً لأهداف مكافحة الفساد بحسم وفاعلية بهدف الحفاظ على المال العام والتوظيف الأمثل لكافة الموارد المالية والفنية والبشرية.وتوضح هذه الإجراءات القواعد والمعايير الثابتة التي أرستها اللجنة التنسيقية للتعامل مع جميع التقارير التي تصدر من ديوان الرقابة المالية والإدارية، وهو منهج يتبع الشفافية في تبيان تحرك المخالفات إلى جهات اختصاصها إن كان في إطاره المحاسبي أو لوضع المعالجات لوقف تلك المخالفات، وقد أحصت «التنسيقية» 462 مخالفة ارتكبتها الوزارات والهيئات والشركات الحكومية، ومن ثم فصلت بين المخالفات والتجاوزات كي تسهل عملية الحلول.وتأتي تصريحات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وتوجيهاته داعمة لهذا المسار الذي انتهجته «التنسيقية»، إذ وجه سموه في يناير الماضي كل الوزارات والأجهزة الحكومية «للمسارعة في تصحيح مكامن الخلل والقصور التي كشفها التقرير «.ووصف صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، في ذات التصريحات، قرارات اللجنة التنسيقية بأنها «اتسمت بالشفافية والحزم مع كل من ثبت تقصيره في إدارة المال العام من خلال سلسلة من الإجراءات الإدارية والقانونية». وتضاف إلى ذلك تصريحات سموه السابقة في عام 2014، التي أكد فيها ضرورة «استمرار الرقابة الذاتية والتدقيق الداخلي الحكومي في الوزارات والأجهزة الحكومية لحفظ المال العام من الهدر والتحقق من سلامة ومشروعية إدارته».وعلى ذات النسق كانت اللجنة التنسيقية توصلت في إطار متابعة تقرير ديوان الرقابة المالية للعام (2012 – 2013)، إلى 235 ملاحظة من مجموع الملاحظات الإجرائية البالغة 404 تم التعامل معها، وأما بالنسبة للملاحظات المحالة إلى اللجنة الوزارية للشؤون القانونية وبعد التدقيق فيها تبين أن 14 ملاحظة تتطلب خطوات تأديبية و19 تطلبت إجراءات تصحيحية في حين أن الملاحظات الخمسة والعشرين ذات الشبهة الجنائية التي عملت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني على التحقيق فيها أحيلت إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة .لقد دلل تعامل الحكومة مع تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، إضافة إلى توجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، على أن آلية منظمة وواضحة المعالم، تعتمد الفاعلية في تناول جميع نواحي التقرير وعدم إغفال أي من تفاصيله لعدم تكرار أي من المخالفات مهما كانت بسيطة والوقوف على أسبابها بما يضمن معالجتها وعدم استفحالها، قد تم إرساؤها، وهي نتاج ممارسات طويلة في طريق الإصلاح.وعطفاً على أهمية تطوير مهارات القيادات الحكومية في التعامل مع تقارير الرقابة المالية والإدارية، والذي يتماشى مع حرص الحكومة على تكريس مبادئ المتابعة والشفافية في جميع الأجهزة والوزارات الحكومية بما يضمن الحفاظ على المال العام والاستغلال الأمثل ‏للموارد والمحافظة عليها، فقد أقام معهد الإدارة العامة (بيبا) ورشة عمل حول «آلية التعامل مع تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية»، بحضور وزير شؤون المتابعة محمد المطوع، ومجموعة من كبار المسؤولين في القطاع العام من الوكلاء والوكلاء المساعدين ومدراء العموم ومن في حكمهم في عدد من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية.ودفعاً لاتجاه الاهتمام الحكومي بمكافحة الفساد والحفاظ على المال العام، وحرصاً على مراقبته وسبل صرفه وحفظه من الهدر غير المبرر أو شبهة الفساد، ضمنت الحكومة برنامج عملها 2015 ـ 2018 بنداً مهماً متعلق بحوكمة أدائها وتعزيز الرقابة الداخلية لمؤسسات الدولة، ما اعتبره مراقبون ضماناً لعدم تكرار المخالفات في تقرير الرقابة المالية والإدارية أو الحد منها بشكل كبير.ويأتي كذلك ضمن هذه التوجهات، ما كشف عنه وزير الدولة لشؤون المتابعة محمد المطوع، في مارس 2014، حول تشكيل إدارة عامة بوزارة المالية، تتولى مسؤولية الرقابة على الجهات والمؤسسات الحكومية، موضحاً أن تشكيل هذه الإدارة يأتي في إطار متابعة الملاحظات التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وذلك عبر اللجنة التنسيقية التي يرأسها سمو ولي العهد. وأوضح أنه «كانت هناك إدارة للرقابة المالية في وزارة المالية قبل إنشاء ديوان الرقابة المالية والإدارية، واعتمدت الحكومة أن ما كانت تقوم به الإدارة، سيقوم به الديوان، وبالفعل الكثير من الموظفين في إدارة الرقابة المالية انتقلوا إلى العمل في ديوان الرقابة».لقد اكتسب اللجنة التنسيقية وفرق العمل والجهات المعنية خبرة مميزة في اتخاذ الإجراءات المناسبة بموضوعية ومسؤولية تجاه ما تضمنته تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، الأمر الذي يؤسس منهجاً متقدماً وقواعد ثابتة ورؤية واضحة في مكافحة الفساد والتعامل مع التقارير المقبلة، تمثلت في وضع تصنيف واضح لما ورد في التقارير من ملاحظات بحسب معايير إدارية وقانونية محددة، إذ تعتبر القرارات التي اتخذتها اللجنة التنسيقية في ديسمبر عام 2013، أساساً مهماً لهذا المنهج المتقدم، حدد ملامح عمل اللجنة الجاد والموضوعي والمنهجي، كان أولها تكليف سمو ولي العهد، اللجنة الوزارية للشؤون القانونية بإبداء الرأي القانوني في عدد من التجاوزات المالية والإدارية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية التي تستوجب المحاسبة والمساءلة، وتشكيل فريق عمل لمراجعة وتدقيق المخالفات والملاحظات الواردة في التقرير، وتكليف جميع اللجان الوزارية بمراجعة واقتراح سياسات تخص الرقابة والتدقيق. إن المتابعة الحكومية لملاحظات تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية بالمحاسبة والمعالجة أثبتت نجاحها في الحد من التجاوزات، وهو أمر يدعو إلى أهمية المضي قدماً في ذات هذا الاتجاه حتى يتم القضاء بصورة نهائية على هذه التجاوزات.