من مصافحتهما اواخر العام 2013 في جنوب افريقيا حتى لقائهما التاريخي وجها لوجه في بنما السبت، تمكن باراك اوباما وراوول كاسترو تدريجيا من تجاوز 53 عاما من العداوة والريبة مجازفين في انفراج طويل لطالما اعتبر مستحيلا.فالمصافحة التي التقطتها الكاميرات في جوهانسبورغ على هامش تشييع الزعيم الجنوب افريقي نلسون مانديلا تركت للمرة الاولى الانطباع بوجود امل للتقارب بين البلدين.ولوحظت اولى بوادر عودة الحرارة قبل بضعة اسابيع عندما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما امام اوساط معارضة لكاسترو في ميامي ان على الولايات المتحدة ان تعيد النظر في سياستها تجاه كوبا مع الابقاء في الوقت نفسه على هدف المساعدة على تحرير الجزيرة.لكن في الكواليس بدأت الاتصالات منذ حزيران/ يونيو 2013 برعاية كندا. وجرت محادثات مباشرة احيطت حتى النهاية باكبر قدر من السرية رغم استياء العديد من رؤساء الدول والدبلوماسيين الكوبيين والاميركيين.ومن العوامل التي سهلت بدء الحوار، الاصلاحات الاقتصادية والخطاب الاكثر هدوءا الذي اعتمدته حكومة راوول كاسترو منذ تسلمه الحكم في 2006، وكذلك تطور الرأي العام الاميركي بخصوص السياسة ازاء الجزيرة كما اوضح رأس الكنيسة الكوبية خايمي اورتيغا.لكن كما روى الكاردينال اورتيغا لصحيفة كاثوليكية ارجنتينية ان ما لعب دورا كبيرا ايضا هو الوساطة الحاسمة للبابا فرنسيس في ربيع العام 2014 فيما كانت المحادثات السرية تراوح مكانها.واثناء لقاء حاسم في روما مع اوباما في اذار/مارس 2014 "تحدث البابا عن الحظر مع اوباما الذي اقر بانه تدبير عف عليه الزمن اتخذ في وقت لم يكن قد ولد بعد"، كما روى الكاردينال.واجابه الرئيس الاميركي "+هناك عقبات، هؤلاء السجناء+" في اشارة الى ثلاثة عملاء كوبيين مسجونين في الولايات المتحدة وكذلك الان غروس الاميركي الموقوف بتهمة التجسس في الجزيرة.واوضح له اوباما ان القضاء الاميركي لا يسمح له بالافراج عن العملاء الكوبيين لكن البابا استوقف حينذاك اوباما.وقال البابا بحسب الكاردينال اورتيغا "ان ذلك ليس فقط من اجل خير شعب كوبا الذي عانى كثيرا بل وايضا من اجل حكومتكم وشخصكم، من اجل سياسة بلادكم في اميركا اللاتينية التي هي موحدة وترفض الحظر"، ما دفع اوباما الى التفكير وحرك المحادثات.وعلى اثر ذلك اللقاء كتب البابا رسالتين الى باراك اوباما وراوول كاسترو "ليدعوهما الى حل المسائل الانسانية ذات الاهتمام المشترك وبينها وضع بعض المعتقلين بغية اطلاق مرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين". كانت مبادرة غير مسبوقة بحسب واشنطن ووصفت بانها حاسمة. و"ذلك عزز الدفع والزخم للذهاب قدما" كما قال مسؤول اميركي.وفي تشرين الاول/اكتوبر الماضي التقى الوفدان الاميركي والكوبي في الفاتيكان لوضع اللمسات الاخيرة على شروط التطبيع خاصة تبادل السجناء.وفي تلك الاونة سرت شائعة في الاوساط الدبلوماسية تشير الى مفاوضات حول الافراج عن السجناء، لكن لم تساور احد شكوك باهمية اعلان منتصف كانون الاول/ديسمبر الذي جاء ليكرس نهاية نصف قرن من العداوة والاستفزازات والنزاعات.وقبيل ذلك الاعلان تحادث باراك اوباما وراوول كاسترو عبر الهاتف كما تحادثا هذا الاسبوع قبل قمة الاميركيتين فيما اجرت وفود عالية المستوى من البلدين ثلاث جولات من المحادثات لدفع عملية التقارب قدما، وذلك قبل لقاء السبت غير المسبوق منذ 1956.ولفت الدبلوماسي السابق والجامعي الكوبي كارلوس الثوغاراي الى "ان الرئيسين ينخرطان (اليوم) بقوة في عملية التطبيع، حتى وان كانت الطريق صعبة ومتعرجة وربما محدودة زمنيا لان كل شيء يمكن ان يتغير عندما سيتسلم الرئيس المقبل او الرئيسة المقبلة مهامه (او مهامها) في كانون الثاني/يناير 2017" في الولايات المتحدة.