باهتمام وتوجيه من وزيرة التنمية الاجتماعية فائقة بنت سعيد الصالح بشؤون وقضايا الطفولة، قدم الدكتور اسامة كامل المستشار القانونى لوزيرة التنمية الاجتماعية في "ندوة وضع الأطفال في ظل الظروف والمتغيرات الجارية في المنطقة العربية" ورقة عمل بعنوان "الوضع القانونى لمسؤولية الوالدين فى منظومة حماية الطفل واثرها على تنمية المجتمع"، والتي نظمتها وزيارة التنمية الاجتماعية في الاسبوع الماضي بالتعاون مع الامانة العامة لجامعة الدول العربية. وأكد المحاضر تزايد اعمال العنف الإجرامى سواء من الطفل او في مواجهته في الآونة الأخيرة، وسواء على المستوى الأسري او المستوى المجتمعي، حيث تبدلت الحماية بعنصر الاستغلال الفكري والجسدي للأطفال المتوج بسهام الحقد والكراهية في مواجهة الاخرين أو منظومات محددة بعينها. مشيرا إلى أن العنف ظهر على أشده عندما تم خلط الدين بالسياسة واستخدم الطفل كوسيلة لتنفيذ مآرب هذا العنف، مما اسقط عنصر البراءة عن الطفل فتحول معنى الطفولة البريئة الى حقد وغل وكراهية، الامر الذي شكل افعالاً اجرامية تستلزم التوقف والتبصر لمواجهتها سواء حيال الطفل ذاته او في مواجهة الاخرين القائمين على اشعال نيران الحقد والكراهية.تبحث الدراسة فيما اذا كان هناك خللا قانونياً في منظومة الحماية الجنائية ام لا، وذلك لأن الأعمال الإجرامية تجري على حكم الظاهر، ويطرح تساؤلا حول المسؤولية الجنائية للوالدين في منظومة الحماية الجنائية سواء كان الطفل جانيا او مجنيا عليه، وسواء كان الفعل الإجرامي نتيجة لإهمال الوالدين او أحدهما عن عمد او غير عمد. ولا يقصد الباحث في دراسته الجرائم التي يرتكبها الاطفال او التي ترتكب في مواجهتهم بدافع الفقر او كنتاج طبيعي للتشرد وعدم المأوى بل يقصد الجرائم الجديدة التي تعايشها الدول العربية الآن والناتجة عن الفكر المعادي والتي تتمثل في أحداث العنف مع الاشخاص وتخريب المرافق و المنشآت العامة او الخاصة، مما ينبئ عن حدوث خلل في المنظومة الوطنية قبل المنظومة الجنائية لهؤلاء الاطفال .ويرجع الدكتور أسامة كامل مسببات العنف الاجرامي في حالة اذا كان الطفل جانيا إلى أنه يأتي كمحصلة لاكتسابه فكراً معادياً للأخرين، مما يؤدي الى بث افكار مسمومة تسيطر على الطفل، وتولد لديه عقيدة عدائية خاطئة في مواجهة الدولة او الآخرين، حيث تكون هذه الأفكار جاهزة لانتقالها من الكيان الفكري الداخلي الى خارج المحيط الجسدي لتأخذ اشكالاً اجرامية تخل بالمنظومة الجنائية للطفل .اما اذا كان الطفل مجنيا عليه وهي حالة استغلال الطفل في الاعمال التخريبية، بموجب طرف اخر سواء كان الوالدين او غيرهما، الامر الذي يترتب عليه تعرضه لاعمال اجرامية، مثل إشراك الاطفال في المسيرات والمظاهرات التي لم يصرح بها من قبل سلطات الدولة، مما يعرض الاطفال لخطر فض هذه المظاهرات، وكذلك جرهم الى اعمال عدائية بدافع حماية العقيدة الدينية خلافا للواقع، بالاضافة الى امكانية استغلالهم في بعض الاعمال المنافية للآداب. ومن منطلق الواقع لتحليل الحالتين فإن وقوع الطفل في مثل هذه الاعمال سواء كان مجنياً عليه او متهماً، يقر بغياب رعاية الوالدين وتربيتهما تجاهه، او حتى مجرد الاهمال في هذه الرعاية أو التربية، فليس من المنطق ان يسعى طفل طبيعي الرعاية والتربية الى طريق الافعال الاجراميةويأتي هنا دور المسؤولية الوالدية للطفل فى بيان هذه النقاط التي يجب الا يتعداه الطفل لإيذاء الاخرين فهناك فارق بين المشاركة في التجمعات والمسيرات السلمية للتعبير عن الرأي، والقيام باعمال تخريب للمنشآت العامة او الخاصة، خاصة اذا كانت هذه الاعمال متكررة، وتم التحذير منها، دون ان يعير الوالدين اهتماما بدورهما في رقابة الطفل.وربما يزيد الامر سوءا عندما نجد ان هناك اولياء امور يشجعون ابناءهم على الاشتراك في مثل هذه الاعمال، باعتبارها من الاعمال البطولية التي يُزين لها من قبل اولياء امورهم. فالاهمال الذي لم يتم مراعاته سواء من الام او الاب او كلاهما مما يتسبب في تعريض حياة الطفل للخطر يعد من الاعمال التي تقيم المسؤولية الجنائية، فقيام الطفل بالمشاركة في اعمال شغب وتخريب بعلم ومباركة الاب تعد من الاعمال التي تقام لها المسؤولية الجنائية في مواجهة ايهما او كلاهما حتى وان كانا قد اتخذا موقفا سلبيا دون تحريض مباشر على القيام بهذه الاعمال.وحول الأسانيد القانونية لقيام هذه المسؤولية يشير الدكتور اسامة كامل إلى المادة الخامسة من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على ان "تحترم الدول الاعضاء الاطراف مسؤوليات وحقوق وواجبات الوالدين او عند الاقتضاء اعضاء الاسرة الموسعة او الجماعة حسبما ينص عليها العرف المحلي الاوصياء او غيرهم من الاشخاص المسؤولين قانوناً عن الطفل في ان يوفر بطريقة تتفق مع قدرات الطفل المتطورة ،التوجيه والارشاد الملائمين عند ممارسة الطفل الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية"، كما ويشير إلى المادة الثامنة عشر من الاتفاقية التي تقر بقيام هذه المسؤولية بالنص على أن "تبذل الدول الاطراف قصارى جهدها لضمان الاعتراف بالمبدأ القائل ان كلا الوالدين يتحملان مسؤوليات مشتركة عن تربية الطفل ونموه، وتقع على عاتق الوالدين او الاوصياء القانونيين حسب الحالة المسؤولية الاولى عن تربية الطفل ونموه وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهم الاساسي"، وأيضا فان الفقرة الثانية من المادة الثالثة عشر من اتفاقية حقوق الطفل قد اشارت الى اجازة اخضاع الطفل الى بعض القيود ازاء ممارسة حرية التعبير اذا كان القانون المحلي ينص عليها وهي احترام حقوق الغير وسمعتهم، وكذلك حماية الامن الوطني او النظام العام او الصحة العامة او الآداب العامة، بالاضافة الى ان مصلحة الطفل الفضلى كأساس للتعامل سواء من قبل مؤسسات الدولة او القطاع الخاص التى نصت عليها المادة الثالثة، فيه ما يؤكد على ضرورة قيام مؤسسات الدولة بتجريم كل ما يتعارض مع مصلحة الطفل الفضلى.