ما حدث «لنجاح» وزارة من وزارات الدولة في مشروع وتوجيه (سامي) من جلالة الملك ببحرنة مطار البحرين والاحتفاء بالهوية البحرينية فيه عمل دؤوب استغرق أكثر من أربع سنوات، أنكرته سيدة بحرينية بفيديو لا يزيد عن دقيقة لقي انتشاراً واسعاً في الساعات الأولى من نشره يمثل صورة من الصور المعتادة في مجتمعنا للهدم والتحطيم للنجاح بحجة «النقد»، وما حدث بعدها هو الجديد الذي لم نعتَده ولم نتوقعه بل أكاد أجزم بأن تلك السيدة لم تتوقع أبداً ردة الفعل هذه، بل توقعت أن تجارى ويسايرها بقية الناس في موجة تذمر وإنكار للأداء الحكومي أو للدولة ككل بجميع سلطاتها كما جرت العادة، ما حدث أن المجتمع البحريني دافع عن النجاح في سابقة نتمنى أن نتعلم منها ونبني عليها ونشدد على انتشارها، لنتعلم الاحتفاء بالنجاح، ولنتعلم أن نكتسب خبرة في كيفية الاستثمار في النجاح، فتلك خبرة محدودة وضعيفة جداً في البحرين.

جرت العادة بتصرف وسلوك متكرر عندنا في المجتمع البحريني وهو قلة الخبرة في الاحتفاء بالنجاح، تلك سمة أصبحت مع الأسف لازمة في مجتمعنا، وسواء كانت سببا أو نتيجة إنما هي موجودة، سميناها تذمراً سميناها نقداً سميناها حسداً سميناها ما سميناها إنما تتلخص بعجزنا وعدم قدرتنا على الاستمرار والبناء واستثمار النجاح، بل إننا أصبحنا ندافع عن هادمي النجاح بحجة عدم تكميم الأفواه وبحجة مكافحة التنمر وبحجة الدفاع عن حق «النقد».

هناك مقولة معروفة: إن المجتمعات الناجحة هي تلك التي تأخذ بيد الفاشل حتى ينجح والمجتمعات الفاشلة هي التي تأخذ على يد الناجح حتى يفشل، والمجتمع رافعة أو بلدوزر للنجاح، والاحتفاء الجمعي بالنجاح يجعل منه مطلباً عند الآخرين، ولكن عندنا الناجح يخاف على نفسه ويختار أن ينزوي تحاشياً للضربة التي قد تأتيه من حيث لا يدري.

النجاح أياً كان على مستوى فرد عادي أو حتى على مستوى الطفل وصولاً إلى مستوى مؤسسات وبلوغاً لنجاح دولة جميعها دون استثناء فرص استثمارية بإمكانها أن تنمو وتكبر وتتوالد، ونحن في البحرين نجهل هذه المعلومة وهي أن النجاح قابل للاستثمار، ولم نتعلم هذا السلوك ولا نملك الخبرة الكافية فيه، رغم أننا نرى كيف تستثمر وتوظف المجتمعات الأخرى القريبة منا نجاحاتها وكيف تجني ثمار ذلك الاستثمار وتعد هي الأخرى نجاحاً آخر بني على نجاح.

التاجر الشاطر من يراقب أياً من البضاعات تلقى رواجاً أكثر من غيرها ضمن محله، فيلتقط الخيط مبكراً ويزيد من تلك البضاعة أكثر من غيرها، وقد يغير مسار تجارته بناءً على ذكائه في التقاط فرص النجاح والاستثمار.

رعاية النجاح والاستثمار في النجاح هي ثقافة وسلوك جمعي، المجتمعات بحاجة إلى أن تتعلمها وتكتسبها وتنميها وفي البحرين نحن بحاجة إلى رعاية هذا الغرس وتشجير صحراء التشجيع والتحفيز القاحلة في البحرين.

«الفزعة» التي رأيناها للدفاع عن نجاح مشروع المطار لو أنها كانت مغروسة في مجتمعاتنا وغابة كثيفة فيها وراسخة فينا، لوجد العديد من الناجحين بيننا احتضاناً ورعاية ولتشجع العديد من مسؤولينا على تقليد الناجحين منهم ولتغيرت أمور كثيرة في البحرين.

عزيزي كمال أحمد وزير المواصلات بالتأكيد أمك داعية لك لتجد كل هذا الدعم الذي تستحقه، وليكن ما حدث من دفاع عن نجاحك بذرة نغرسها في مجتمعنا كي نستثمر في النجاحات ويأمن الناجح على نفسه بيننا.