ان لم تخنِّ ذاكرتي فمنذ قرابة العشر سنوات أعلن أحد من يطلق على نفسه صفة فنان من لبنان أنه مُصاب بالداء الذي يخشاه الجميع. وفجأة بعد أن كان مركوناً على الرف، بات حديث الكثيرين ولسانهم له بالشفاء داعين. والحفلات الفنية والمقابلات الإعلامية تنهال عليه من كل حدب وصوب من باب التبجيل لفنه العظيم ومراعاة لوضعه الجديد، وكي تكتمل كذبته التي صدّقها الجميع فقد حلق شعره وظهر لنا بوجهٍ مكتئب حزين. ولامثال هذا الفنان كثُر للأسف..

هذه القُصة عادت إلى ذاكرتي ونحن بتاريخ 4 فبراير والذي يصادف اليوم العالمي لمكافحة مرض السرطان، بعد أن وجدت كل من أراد أن يركب مركب المشاهير أو يحرك رصيد المعجبين على برامج التواصل الاجتماعي كما حصل مؤخراً مع شاب كُشفت كذبته من خلال أصحابه الذين هم حقاً مصابون بمرض السرطان.

وبعد قراءاتهم المتكررة لتصرفاته المخادعة وتحليل حالته الصحية الجيدة بشكل عام وشعره المحلوق وليس المنزوع، تبين أن هذا الشاب كان يستغلهم ويتقرب منهم كي يعيش حالتهم ويفهمها وينقلها بنفسه إلى العلن من خلال برامج التواصل الاجتماعي لغرض استقطاب عدد المعجبين ورفع رصيد المتابعين. وبعد التحقق من الأمر فقد تم الشكوى عليه إلى السلطات الحكومية المختصة بتهمة الاحتيال والاستغلال، والاستخفاف والاستهتار بمشاعر من هُم بهذا المرض حقيقي من المصابين.

رسالة على بالي أُرسلها إلى كل هؤلاء وغيرهم من الناس الفارغين «كفى وعيب»، ترى نحن لم نكن يوماً ساذجين، ولكننا نصدقكم بقلب منكسر حزين. من المسيء أن يتم الاستهتار بمن خصّهم الله بهذا المرض الخبيث أو غيره، ويتحمّلون كل أوجاعه وآلامه بصمت محترم، وأنتم لا تحملون من أوجاعه سوى حلاقة الشعر والتي تعتبر أحقر الخسارات أمام كل العناء والألم الذي يعيشونه، وفي المقابل أنتم تستخدمون هذه الميزة الموجعة كي ترفعون رصيد معجبيكم؟!! عيب والله وألف عيب.. وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يُنجينا وإياكم شر البلاء والادعاءات، وشفى الله جميع المرضى والمصابين.