السلام والامن والتنمية وحقوق الانسان هي المبادئ الثلاث الاساسية التي قررت الدول مجتمعة ان تنضوي تحت لوائها منذ سبعين عقدا حين انشئت منظومة الامم المتحدة. وان الإخلال بإحدى تلك الركائز يضعف تماسكها مما يؤدي الى تهديد الامن العالمي والتنمية بكل ما تحمل التعابير من ابعاد انسانية واقتصادية وسياسية واجتماعية وسلمية.ففي خضمّ التحضيرات للمنتدى العربي رفيع المستوى حول التنمية المستدامة الذي تستضيفه مملكة البحرين تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان ال خليفة رئيس الوزراء الموقر وذلك في الفترة من 5 أيار/مايو المقبل إل 7 منه حيث يجتمع وزراء الاقتصاد والبيئة للوقوف عند الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية، يتزايد اهتمام واضعي السياسات في دمج التنمية بقضايا السلم والامن، خصوصا في ظل الاحتلال والصراعات وخطر الارهاب وتداعيات كل ذلك على امن واستقرار سكان المنطقة بما في ذلك الوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.المنتدى الحدث الذي توحدت جهود عدد من وكالات الامم المتحدة على رأسها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب) بالتعاون مع حكومة البحرين لتنظيمه، يهدف الى دعوة صناع القرار في المنطقة العربية للنظر بالحلول الممكنة للازمات التي تلقي بثقلها على المنطقة، وذلك على ضوء الحزمة الجديدة لأهداف التنمية المستدامة.ويقول سعادة الدكتور أياد ابو مغلي، الممثل الاقليمي لبرنامج الامم المتحدة للبيئة في غرب آسيا مسلطا الضوء على الترابط الوثيق بين التنمية والامن والسلام وحقوق الانسان الذي يظهر جليا في أجندة التنمية المستدامة لما بعد 2015: "ان افضينا الى حقيقة ان الحاق الضرر بالبيئة لا يشكل دائما السبب الرئيسي للنزاعات والحروب الدامية والعنف، غير انه لا بد من ان يكون نتيجة لها وسببا لاستمراريتها او اندلاع فتيلتها من جديد، وكأنها تدور في حلقة مفرغة اختلطت فيها الاسباب بالنتائج. وكلما ما تطورت البحوث العلمية كلما اتت ببراهين اثبتت الآثار المدمرة لتجاهل او جهل من يؤجج تلك الصراعات للترابط الوثيق بين وفرة وسلامة العناصر البيئية من اراضي ونظم حيوية وهواء وطاقات متجددة وبين الاقتصاد المزدهر في مواجهة الفقر المدقع والبطالة وجميع المشاكل التي تحتويها المجتمعات المتضعضعة المتعطشة الى حق الانسان بالعيش الرغيد والكرامة والصحة والتعليم، وسيادة القانون، وتوزيع الثروات بشكل عادل ومنصف. ان النقص في الموارد الطبيعية او توزيعها بشكل غير منصف يؤدي حتما الى صراعات تتخذ اشكالا متنوعة سياسية او عرقية او ديموغرافية. لقد ساهمت الحاجة الى الموارد في تغيير خارطة البلدان عبر التاريخ. فوفقا لتقارير الامم المتحدة ان الشعوب التي تعيش في مناطق النزاعات هي معرضة ثلاث مرات أكثر من غيرها لسوء التغذية. كما ان معدل كلفة الحرب الاهلية تعادل ثلاثين عاما من نمو الناتج المحلي الاجمالي لبلد متوسط الحجم من البلدان النامية".ويضيف قائلاً: "غير ان ما توصلنا اليه اليوم من تطور فكري وثقافي وعقلي وتكنولوجي واعتمادنا اكثر واكثر على الابتكار في سياستنا، يسهل مهمتنا في اختيار الحلول المناسبة لتحقيق اهداف التنمية والامن والسلام وحقوق الانسان، ومواجهة الآثار السلبية الناتجة عن الضغوط على الموارد البيئية بسبب تزايد عدد السكان المضطرد في منطقتنا والافتقار الى سياسات متكاملة".واضاف: "ان المنتدى العربي رفيع المستوى هو فرصتنا لتوحيد الصف العربي ورفع رسالة عربية واحدة الى قمة الامم المتحدة حول خطة التنمية لما بعد 2015 المزمع عقدها في شهر ايلول/سبتمبر المقبل".وفي هذا الشأن أكدت سعادة وزيرة التنمية الاجتماعية الأستاذة فائقة بنت سعيد الصالح أن التحضيرات والاستعدادات لاستضافة مملكة البحرين لهذا الحدث الهام قد تم تكثيفها وذلك مع بدء العد التنازلي لتاريخ انعقاد المنتدى رفيع المستوى للتنمية المستدامة، "واضعين نصب أعيننا أن يخرج هذا المنتدى بالصورة التي تليق بمملكة البحرين وحضورها الفاعل والاستراتيجي ضمن المنظومة العربية والدولية"، كما وأكدت سعادتها أن هناك عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين المعنيين بالتنمية المستدامة في قطاعات المال والاقتصاد والاجتماع والبيئة والتكنولوجيا، المستدامة اكدوا حضورهم ومشاركتهم في المنتدى وذلك نظرا لأهميته البالغة في تأكيد أهمية البعد الإقليمي في التنمية المستدامة وبلورة الرؤى الإقليمية حول سياسات التنمية المستدامة، كما أكد عدد من ممثلي المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة وبنوك التنمية العربية ومنظمات جامعة الدولة العربية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا التنمية المستدامة حضورهم ومشاركتهم، حيث يعتبر المنتدى مناسبة هامة لبلورة موقف تشاوري عربي حول المسائل التي لا تزال على جدول أعمال المفاوضات المرتبطة بخطة التنمية لما بعد 2015 ولتعزيز تنسيق الاسهامات العربية في مختلف المسارات التفاوضية الدولية، وستشكل الرسائل الأساسية للمنتدى لب الموقف العربي والتقارير الإقليمية التي سترفع إلى مختلف المسارات الدولية وبصفة خاصة المنتدى السياسي رفيع المستوى والمؤتمر الدولي الثالث حول تمويل التنمية.. كما وستشكل مخرجات المنتدى مادة أساسية لعدد من المسارات الإقليمية ومنها اللجنة الوزارية للإسكوا والمجالس الوزارية العربية للتباحث بشأنها واتخاذ القرارات المناسبة على أرفع مستوى.أما رئيسة شعبة سياسات التنمية المستدامة في الإسكوا رلى مجدلاني، فاعتبرت أن "المنتدى يقدّم فرصة لبلورة موقف تشاوري عربي حول المسائل التي لا زالت على جدول أعمال المفاوضات المرتبطة بخطة التنمية لما بعد 2015، والرفع من مستوى التنسيق للإسهامات العربية في مختلف المسارات الدولية التي ستصبّ نتائجها في خطة ما بعد 2015. وسيشكّل التقرير الإقليمي والمتضمن الرسائل الأساسية التي ستخرج عن المنتدى لبّ الموقف العربي الذي سوف يرفع بدوره إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى في دورته الثالثة والتي ستعقد بنيويورك من 26 حزيران/يونيو إلى 8 تمّوز/يوليو 2015."وأضافت مجدلاني: "ستشكّل مخرجات الاجتماع مادة أساسية لعدد من المسارات الإقليمية، منها اللجان المعنية التابعة للإسكوا وعلى رأسها لجنتها الوزارية، والمجالس الوزارية العربية المعنية للتباحث فيها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها على أرفع المستويات إذ ستلقي الضوء على الوضع الحالي للتنمية المستدامة وما سيطرحه تنفيذ أجندة التنمية لما بعد 2015 من تحدّيات على المنطقة وسبل مواجهتها."ومن المتعارف عليه انه منذ أنشاء الأمم المتحدة، تاقت شعوب العالم لاحراز تقدم في مسارات السلام، الأمن، الحرية، التنمية، والبيئة، ولا تزال هذه القضايا اهدافا منشودة أقام المجتمع الدولي المؤتمرات العالمية لابقائها في بقعة الضوء ساعيا الى ابراز مدى ترابطها الوثيق بعضها ببعض.وعلى مدى اعوام اعلنت خلالها الامم المتحدة عن اهداف لتحقيق ما اسمته بالتنمية المستدامة رامية بذلك الى تحقيق الامن والسلام والازدهار الاقتصادي المشروط بعدم الاخلال بنظام البيئة والحياة على الكوكب، شددت ولا تزال على اهمية اعتماد تلك المبادئ في الخطط والاستراتيجيات الدولية والاقليمية والوطنية، حيث يقول الامين العام السيد بان كي مون: "اننا في مكافحتنا من اجل انقاذ الكوكب، وتحرير الشعوب من الفقر والدفع بعجلة النمو الاقتصادي، نحن نخوض معركة واحدة. ما علينا سوى ان نربط النقاط التي تفصل قضايا التغير المناخي وحاجتنا الماسة للمياه والنقص في الطاقة وصحة الانسان والامن الغذائي وتمكين المرأة. ان الحل لمشكلة واحدة من هذه المشاكل هي حل للمشاكل جميعها. لقد أخرج الامين العام بقوله هذا، مفهوم التنمية المستدامة من بوتقة النظرية الى الواقع العملي وبدت معالم هذا المفهوم تتضح لجميع الجهات اصحاب المصالح من حكومات الى قطاع اعمال ومختصين بعلم الاجتماع حيث سيجري التشديد من خلال هذا المنتدى على اقرار الحق في التنمية والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات من خلال نصوص دولية ملزمة.ويأتي هذا المنتدى كفرصة ربما ان لم يكن باستطاعتها فض النزاعات في منطقتنا العربية لكن لابد من ان تخفف من حدتها عبر تضمين سياسات المنطقة العربية تلك المبادئ ودمجها في خطط العمل المعتمدة من قبل كافة الجهات.