يبحث القادة الاوروبيون الخميس كيفية الرد بفعالية على ماساة المهاجرين في البحر المتوسط على غرار عمليات عسكرية ضد المهربين وابداء مزيد من التضامن في استقبال اللاجئين.لكن رئيس المجلس دونالد توسك حرص على الحد من التوقعات. وقبيل بدء الاجتماع الذي دعي الى عقده بعد مصرع حوالى 800 مهاجر قال "يجب الا يكون لدى احد اوهام. المشاكل لن تحل اليوم".واضاف ان "الاصعب للحكومات هو ان تبدي تضامنا حقيقيا (...) وان تظهر ما اذا كانت مستعدة للتضحية بمصالحها الوطنية".وهذا ما كرره رئيس الحكومة اليونانية الكسيس تسيبراس الذي قال عند وصوله الى الاجتماع ان الرهانات هي اظهار "التضامن مع دول خط الجبهة" عبر تقاسم استقبال اللاجئين.واليونان وايطاليا ومالطا هي الدول الثلاث الرئيسية التي تستقبل مهاجرين ينطلقون من السواحل الليبية.وقبل ساعات من القمة، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "آمل ان تتخذ بعد ظهر اليوم اجراءات قوية وانا مقتنع بذلك لانه لا يمكن تحويل البحر المتوسط الى مقبرة".واضاف انه "من الجوانب التي يجب مكافحتها هي شبكات التهريب التي يجب تفكيكها"، موضحا ان هناك "اجراء بالغ القوة اعتقد انه سيتم تبنيه ويقضي بالاستعداد لتدمير السفن" التي يستخدمها المهربون.وذكر خبراء ان تدمير السفن هو احد عشرة اجراءات ستناقشها الدول الاعضاء في الاتحاد ردا على تدفق المهاجرين السريين.وأعلن المفوض الاعلى للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس ان اكثر من 1600 مهاجر غرق او فقد في المتوسط منذ مطلع العام خلال محاولتهم الوصول الى اوروبا.وافاد مدير المنظمة البحرية الدولية التابعة للامم المتحدة كوجي سيكيميزو "ان لم نتحرك فاعتقد اننا سنشهد هذا العام نصف مليون لاجئ يعبرون المتوسط وفي هذه الحالة قد يسقط ما يصل الى 10 الاف قتيل".وبعد كارثة الغرق الاخيرة التي راح فيها مئات المهاجرين يعقد رؤساء الدول والحكومات الاوروبيون الخميس قمة طارئة لبحث خطة عمل منقولة عن تلك التي اقرت في 2013 بعد حادثة لامبيدوسا ولم تطبق. واسر مسؤول اوروبي كبير لوكالة فرانس برس "هل سيكونون على مستوى المسؤولية؟ بالكلام طبعا، لكن بالفعل، اشك في ذلك". واوضح دبلوماسيون في بروكسل "الاشكالية نفسها دوما: كيفية التحرك قبل العبور وخلاله وبعده".واكد المفوض الاعلى لشؤون الداخلية ديمتريس افراموبولوس لصحيفة ال باييس الاسبانية انه على الاتحاد الاوروبي "اعلان الحرب على مهربي البشر".وحصلت فرانس برس على نسخة من مشروع البيان الختامي الذي ينص على تأمين الدول ال28 الاعضاء في الاتحاد كل مال يمكن "من اجل رصد ومصادرة وتدمير الزوارق قبل ان يستخدمها مهربون".لذلك ينبغي تنظيم عملية عسكرية، في سابقة في مكافحة الهجرة غير الشرعية. واشار دبلوماسيون وخبراء الى ان هذا الامر "معقد وسيستغرق الوقت وسيتطلب تفويضا من الامم المتحدة وموافقة الحكومة الليبية فيما ستلزم تعبئة الموارد العسكرية بقبول خسائر في الارواح".واسر مصدر مقرب من الملف لفرانس برس ان المشاورات الاولى تظهر وجود "ارادة سياسية لتوجيه هذه الرسالة القوية".واكد مسؤول اوروبي كبير "لا يمكن ان نكون جديين ان لم ناخذ في الاعتبار طلب ماتيو رينزي". وكان رئيس الوزراء الايطالي طلب تنفيذ "عمليات محددة الاهداف" ضد المهربين في ليبيا التي باتت بلد الانطلاق الاول للمهاجرين والساعين الى اللجوء السياسي باتجاه ايطاليا ومالطا.وعبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل عن املها في ان "يتم وضع خطة عمل او خارطة طريق في الايام المقبلة للخطوة التي يجب اتباعها"، مؤكدة انه "لدينا الكثير الكثير الذي يجب ان نقوم به".وسيبدا الاتحاد الاوروبي فورا بتعزيز مهام المراقبة والانقاذ بحرا، في خطة تقترح مضاعفة الميزانية المخصصة لوكالة فرونتكس التي تتولى مراقبة الحدود الاوروبية، من ثلاثة الى ستة ملايين يورو، لزيادة الموارد المخصصة للمهمتين البحريتين ترايتن في ايطاليا وبوسايدن في اليونان.ويعنى الشق الثالث بانشطة الاستقبال، حيث يقترح على الدول استقبال "ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص" سبق ان حصلوا على وضع لاجئين في اطار مشروع لاعادة اسكانهم.وهذا الشق موجه خاصة الى السوريين لردعهم عن محاولة عبور المتوسط.في الوقت نفسه يريد الاتحاد الاوروبي اعادة المهاجرين الاقتصاديين في اسرع وقت، وقد دعا دوله الى مساعدة ايطاليا واليونان ومالطا على تسجيل الوافدين وفرز من يمكن من بينهم الاستفادة من حق اللجوء ومن سيعاد الى بلاده.وهذا هو الشق الاكثر اثارة للجدل في الخطة والذي تنتقده المنظمات الانسانية.كما انتقد القضاء الاوروبي القانون الاسباني الذي يمكن بموجبه ان تقتصر عقوبة المهاجر غير المشروع على غرامة بسيطة بلا طرده، مؤكدا انه لا يحترم الانضباط "المشترك" في الاتحاد الاوروبية لهذا الملف.وكشفت شهادات الناجين الـ28 من الكارثة الاخيرة عن معلومات مروعة. وصرح احدهم عبد الرزاق انه نجا لانه كان في الطبقة العليا من المركب مؤكدا ان "الذين دفعوا مالا اقل كانوا محتجزين في داخل المركب".وبقي مئات المهاجرين من بينهم نساء واطفال داخل الزورق الغارق حيث لم يتمكن عناصر خفر السواحل من انتشال اكثر من 24 جثة.واقيمت مراسم لاحياء ذكرى القتلى صباح الخميس في مالطا امام نعوش الجثث هذه، راسها اسقف جزيرة غوزو ماريو غريس والامام محمد الصدي، بحضور كبار المسؤولين المالطيين ومسؤولين اوروبيين، قبل دفنها.ووصل اكثر من 20 الف مهاجر الى ايطاليا منذ مطلع العام ويبدو انهم سيواصلون التوجه اليها. ووصل اكثر من 200 صباح الخميس الى ميناء كتانيا الصقلي فيما تتوقع ايطاليا دفقا متواصلا قد يصل الى 5000 لاجئ اسبوعيا حتى ايلول/سبتمبر.