عطفًا على التصريح الصادر من الأمانة العامة للتظلمات بتاريخ 11 مارس 2021م، بشأن الإعلان عن فتح تحقيقات في الادعاءات الواردة في رسالة من منظمة العفو الدولية منشورة بتاريخ 3 مارس 2021م، وبناءً على ما ورد في تصريح الأمانة المشار إليه آنفا من أنها تحقق في هذه الادعاءات بحسب "آلية العمل المتبعة لديها وما تتضمنه من إجراءات محددة مثل جمع المعلومات ومقابلة الشاكين أو من يمثلهم؛ بالإضافة إلى الاستماع إلى إفادات المسئولين في الجهات ذات الصلة والشهود، بجانب فحص أي وسائل أخرى متاحة تقدم أدلة موثوقة مثل تسجيلات المراقبة (CCTV) ومن ثم الوصول إلى نتائج تعكس المنهجية التي تتبعها الأمانة في عملها وهي منهجية قانونية ترتكز على الحقائق والوقائع المثبتة ".
فإن الأمانة العامة للتظلمات توضح للجمهور الكريم وللرأي العام وللأشخاص الوارد ذكرهم في بيان منظمة العفو، وللمنظمة نفسها وكذلك لأصحاب المصلحة ما يلي :
أولاً: أن الأمانة العامة للتظلمات أكدت مرارا وتكرارا وفي أكثر من مناسبة ومنذ تدشينها عام 2013م وحتى الآن رغبتها الصادقة في "التواصل البنّاء مع المنظمات الحقوقية، وخاصة فيما يتعلق بملاحظاتها بشأن ادعاءات حوادث جسيمة، أو مزاعم عن انتهاك لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنها تتبع آلية عمل تساعد المنظمات الحقوقية على تقديم شكاوى بالنيابة عن أفراد ادعوا تعرضهم لأفعال مخالفة للقانون، وقد طلبت إلى هذه المنظمات إمدادها بما لديها من أدلة تعزز الادعاءات بشأن القضايا التي تتابعها، وكذلك تحديد الشهود للإدلاء بشهاداتهم أمامها، مما يساعد المحققين على الحصول على الأدلة المتعلقة بالشكاوى والادعاءات المقدمة من جانب هذه المنظمات ".
ثانيا: لم يسبق أن تلقت الأمانة العامة للتظلمات أي شكوى من الأشخاص الوارد ذكرهم في رسالة منظمة العفو الدولية أو من ذويهم أو حتى من المنظمة نفسها، حتى تاريخ نشر المنظمة لرسالتها 3/3/2021م، رغم أن الرسالة المذكورة تحوي ادعاءات ترجع إلى شهر فبراير 2020م، أي منذ أكثر من سنة، مع العلم بأن الأمانة أتاحت وسائل عديدة أمام الجمهور لتقديم ما لديهم من تظلمات إليها، حتى في ظل الظروف الاستثنائية التي عاشها العالم أغلب العام المنصرم وحتى الآن بسبب إجراءات التصدي لجائحة كورورنا، وكانت الأمانة العامة سترحب بتقديم هؤلاء الأشخاص تظلماتهم إليها لكي تتمكن مبكرا من التحقق في صحة إدعاءاتهم واتخاذ الإجراءات المناسبة في ذلك .
ثالثا: تحدثت المنظمة عن حالة أحد المتهمين وهو المتهم "ح.ع" وذكرت أنه تم استدعائه مرتين أمام "إدارة التحقيقات الجنائية"، مرة في فبراير 2020م، وقد زعم أنه تعرض فيها لصفعة، والمرة الأخرى كانت في نوفمبر 2020م، وبدورها حققت الأمانة العامة للتظلمات في هذه الإدعاءات بحسب الآليات المتبعة لديها، وفي هذا السياق حاولت الإطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة لتوثيق ما حدث في المرة الأولى بتاريخ فبراير 2020م، غير أن هذه التسجيلات لم تعد متاحة نظرا لتقادم المدة، حيث إن فترة تخزين التسجيلات هي 4 أشهر، وهذا يتماشى مع المعايير الدولية المتبعة لدى العديد من أجهزة ومؤسسات الشرطة على مستوى العالم، الأمر الذي أشار من ناحية أخرى إلى تقاعس أو عدم اكتراث الشخص المعني وذويه بتقديم أي شكوى في هذا الشأن أمام الأمانة طوال الفترة الماضية، مما أدى إلى فقدان أدلة مهمة كان يمكن أن تحسم مدى صحة هذه الإدعاءات من عدمها، وبالرغم من ذلك فإن الأمانة العامة للتظلمات قد حرصت خلال الفترة الماضية على اتاحة الفرصة مجددا أمام المدان المذكور "ح.ع" وتواصلت مع ذويه هاتفيا أكثر من مرة من أجل سماع شكواه وإفادته في هذه الإدعاءات من أجل إنصافه والمساعدة في تحقيق العدالة بشأن إدعاءاته إذا ثبت صحتها، وأبدت الأمانة مرونة كبيرة في الاستجابة إلى التوقيتات التي اقترحها ذوو المتهم للحضور ورغبته في اصطحاب محام معه، إلا أنه لم يحضر بدون أن يبدي عذر حتى تاريخ صدور هذا البيان، كما اطلعت الأمانة العامة للتظلمات على تسجيلات كاميرات المراقبة (CCTV) بتاريخ 30 نوفمبر 2020م، وهو تاريخ المرة الثانية لحضور المتهم أمام الإدارة الأمنية المذكورة، ولم تثبت التسجيلات وقوع أي اعتداء على هذه المتهم طوال مدة مكثه في المكان وحتى مغادرته، كما أن هذه المتهم لم يتعرض للحبس منذ تاريخ ارتكاب الجريمة التي أُدين فيها (14 فبراير2020م) وحتى صدور قرار النيابة العامة بحسبه احتياطيا بتاريخ 2 ديسمبر 2020م .
رابعا: حضر مؤخرا المدانان "ف.ح" و"م.ج" بعد صدور الحكم عليهما في 11 مارس الجاري إلى مقر الأمانة العامة للتظلمات، وقد أدليا في إفاداتهما أنه تم استدعائهما يوم 10 فبراير2021م أمام إدارة التحقيقات الجنائية، لإخطارهما بموعد المحاكمة والتوقيع على استمارة الحضور، ولم يتم التحقيق معهما في أي اتهامات دخل الإدارة وخرجا في اليوم نفسه مع ذويهما، وفي اليوم التالي حضرا مرة ثانية لأخذ بصماتهما بعد صدور قرار المحكمة بحبسهم احتياطا ومن ثم تم نقلهم في اليوم نفسه إلى مركز الحبس الاحتياطي .
خامسا: تحققت الأمانة العامة للتظلمات من توافر الرعاية الصحية للمتهم المشار إليه في رسالة منظمة العفو "س.ح" خلال فترة حبسه الاحتياطي (وهي شهر واحد فقط)، كما اطلعت على الفحوصات الطبية التي أجريت له، وعلى سجل الأدوية المصروفة له في المكان، وتحققت من أن ظروف وجوده في الحبس الاحتياطي لم تؤثر سلبيا على حالته الصحية، أو على طبيعة ومستوى الأمراض التي كان يعانيها قبل دخوله المكان، وقد حاولت الأمانة العامة أكثر من مرة التواصل هاتفيا مع الشخص المذكور أو أي شخص من ذويه ولكنها لم تتلقى أية ردود أو استجابات في كل مرة .
الخلاصة :
إن المتهمين الذين تحدثت عنهم منظمة العفو الدولية - باستثناء متهم واحد صدر قرار النيابة بحبسه في نوفمبر 2020م- كانوا في بيوتهم ووسط ذويهم وعائلاتهم منذ وقت حدوث الجريمة في فبراير 2020م، وحتى صدور قرار المحكمة بالقبض عليهم في جلستها المنعقدة بتاريخ 11 فبراير 2021م، أي طوال ما يقارب عاما كاملا، حيث حضروا من بيوتهم وبرفقة ذويهم ومحاميهم إلى الجلسة المذكورة، ماعدا متهم واحد فقط لم يحضر معه محامي، وانتدبت المحكمة محامٍ للدفاع عنه عن طريق وزارة العدل، الأمر الذي يؤكد أن ما حثت عليه المنظمة في رسالتها من "معاملة الأولاد الأربعة جميعًا بطريقة تتفق مع مصالحهم كأطفال وضمان عدم استخدام الاحتجاز إلا كملاذ أخير ولأقصر وقت ممكن، وإعطاء الأولوية لاستخدام بدائل الحضانة طوال الإجراءات"، يتطابق تماما ما اتخذته الجهات المعنية سواء في الإدارة الأمنية أو النيابة العامة أو المحكمة الجنائية، قبل وبعد صدور بيان منظمة العفو الدولية انطلاقا من المنهجية المتقدمة المتبعة في البحرين والتي تعلي من شأن احترام حقوق الإنسان قبل تحقيق الاعتبارات الأمنية الأخرى، وهذا الأمر أشارت إليه بجلاء المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة في حكمها بتاريخ 11 مارس الجاري على هؤلاء المتهمين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 الى 17 سنة وقت ارتكاب جريمة حرق إطارات والتجمهر بالحبس 6 أشهر فقط، حيث أمرت المحكمة باستبدال عقوبة الحبس بإحدى العقوبات البديلة والاندماج في برامج التأهيل، وأكدت المحكمة أن هذا الحكم جاء استهداءً بمقاصد قانون العدالة الإصلاحية الجديد في شأن هذه الفئة العمرية ".
وبعد كل ما سبق فإن الأمانة العامة للتظلمات تؤكد أن منهجيتها قائمة على معايير دقيقة ومحددة لا تقتصر فقط على ما يثار إعلاميا أو من المنظور الحقوقي بل تسعى دوما إلى إجراء تحقيقات مهنية احترافية، وفي هذا السياق فإنها تواصل النظر في الإفادات المقدمة إليها للتحقق من صحة أي إدعاءات أخرى لم تكن مذكورة من قبل لاتخاذ ما يلزم بشأنها .
كما أنها لا تزال ترحب بالتعاون مع منظمة العفو الدولية وأي منظمة أخرى في مجالات عملها سعيا للوصول إلى سبل الانتصاف وتحقيق العدالة، وتحث هذه المنظمة والأشخاص الوارد ذكرهم في رسالتها، وغيرهم من أفراد الجمهور كافة على الاستفادة من الخدمات التي تقدمها عبر الوسائل والطرق العديدة التي تم تخصيصها لتلقي الشكاوى وطلبات المساعدة، لأن هذا من صميم واجب ورسالة الأمانة وعملها المهني ودورها في تعزيز احترام مبادئ حقوق الإنسان .