كانت صدمة شعبية قوية عندما وافقت لجنة الخدمات والمرافق العامة على مشروع قانون بشأن مكافحة التدخين والتبغ بأنواعه والذي أيّدته وزارة الصناعة والتجارة والسياحة فيما يتعلق بإجازة صناعة التبغ وإعادة تصنيعه بجميع أنواعه بحجة توفير الفرص الوظيفية للمواطنين البحرينيين، وكأنما أصبح توظيف المواطنين هو الشماعة التي يعلق عليها بعض النواب أسبابهم للعب على وتر العاطفة ومحاولة تلطيف مكتسباتهم الشخصية بهذه الصبغة الوطنية.

وما أثلج الصدر قليلاً هو رفض أغلبية النواب تقرير لجنة الخدمات وصوت 29 نائباً برفض المشروع بقانون من حيث المبدأ، لتتم إحالته إلى مجلس الشورى، وليس هنا الاستغراب، بل المستغرب أن البعض ممن وافق في اللجنة مال إلى الرفض خلال الجلسة لمسايرة البقية وعدم تسليط الضوء على نفسه كما فعل خلف الغرف المغلقة عندما عرض التقرير للتصويت.

إن حجة التوظيف لتمرير قانون مثل التبغ حجة واهية ضحيتها صحة الإنسان والأجيال القادمة، فبعد سنوات طويلة من حملات التوعية من التدخين ومضاره ومكافحة بيع الدخان لمن دون السن القانونية نأتي اليوم لتبرير صناعة التبغ وربطه بالوظائف، هناك مصانع لأمور أخرى من شأنها توظيف مزيد من الأشخاص ومردودها أيضاً أكبر، ولكنها تتعارض مع صحتنا وقيمنا ومبادئنا.

مرت هذه الجلسة ولم يمر الأسبوع حتى انصدم بعض المواطنين برسائل واتساب تأمرهم بالتوقف عن مزاولة نشاطهم التجاري غير المرخص، وفي حال رغبتهم في استمرار عرض منتجاتهم وإجراء البيع عن طريق حسابهم في وسائل التواصل الاجتماعي فعليهم التقدم بطلب ترخيص تجاري عن طريق خدمة «سجلات»، نتفهم وجهة نظر الوزارة في محاولة حماية المستهلك والرقابة على منتجات، ولكن مبالغ الرسوم المفروضة على هذه السجلات لا تتناسب مع نوع نشاطهم التجاري فصحن ورق العنب الذي يطلب مرة أو ربما مرتين أسبوعياً لا يستطيع تغطية المصاريف الإدارية إذا كانت بهذا الشكل، كذلك بعض الطلبات كإنشاء موقع وغيره من المستحيل أن تتناسب مع ربة منزل تبيع الكباب لتساهم في ستر العائلة.

يجب أن تكون هناك خطة مدروسة ومنهجية واضحة وعاقلة وواقعية تتناسب مع هذا النوع من الأنشطة وتكييف التقنين بما يتناسب معهم ويصب في مصلحتهم، لا أن يظهر هذا القرار بمثابة الغول الذي يطارد الفقراء ولقمة عيشهم في سبيل إراحة أصحاب رؤوس الأموال والمحلات التجارية الكبيرة.

كما لا يخفى على أحد منا وضع البلد وتجارته وأفراده والضرر الكبير الذي ألحقته جائحة كورونا بالجميع ما اضطر كثيرين إلى الحصول على طرق مختلفة لتأمين لقمة عيشهم وتوفير عيش كريم لذويهم.