أدار الندوة: حسن الستري، أعدتها للنشر: ياسمينا صلاح

أكد اختصاصيون أن الفراغ الذي تسبب فيه فيروس كورونا ساهم في إحداث فوضى بوسائل التواصل الاجتماعي من خلال الاستخدام السيئ واللامسؤول، وخصوصاً أنه لا يمكن مراقبة جميع وسائل التواصل لضخامة العدد، موضحين أنه لا يوجد فراغ تشريعي للتعامل مع مثل هذه الحسابات.

واتفقوا في ندوة "الوطن" حول "كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل الأمثل في زمن كورونا"، التي شارك فيها مدير إدارة وسائل الإعلام د. يوسف محمد، ورئيس مجلس إدارة النادي العالمي للإعلام الاجتماعي علي سبكار، والباحثة الاجتماعية هنوف شهاب، على أهمية التوعية بكيفية التعامل مع السوشال ميديا منذ مراحل الطفولة المبكرة، مؤكدين أن السوشال ميديا أصبحت أمراً واقعاً، لا يمكن التغافل عنه أو تجاهله.

ودعوا إلى عدم الحديث عن السوشال ميديا من الجانب السلبي فقط، وإغفال الجوانب الإيجابية، مشددين على دور الأسرة في التنشئة، وأهمية أن يكون الأب والأم صديقين للأبناء، لكي يعلماهم آلية التعامل مع السوشال ميديا من دون إشعار الأطفال بأن هناك تجسساً عليهم.. وفيما يأتي نص الندوة:

"الوطن": إلى أي مدى تؤثر السوشال ميديا على الرأي العام؟

- محمد: لا أريد أن أتحدث عن السوشال ميديا من الجانب السلبي فقط، ولكن الجانب الإيجابي موجود أيضاً، فالسوشال ميديا تشمل أيضاً الإذاعة والتلفزيون والصحافة، ونحن اليوم في عصر الميديا وعصر التواصل، وبالنسبة إلى الأطفال قد تكون الآن هذه هي الوسيلة التي يستطيع التفاعل معها.

لا ننكر أن السوشال ميديا لها دور مهم، وتتطور باستمرار ولكن الأهم هو كيف نحصن المجتمع ونربي جيلاً يتعامل مع هذه الوسيلة ويكون هناك أخلاقيات للتعامل بها، لأنها تؤثر بشكل كبير على جميع فئات المجتمع، وبوجودها هناك تدفق للمعلومات بصورة كبيرة من جميع الاتجاهات لأن وسائل التواصل الاجتماعي متداولة في كل مكان ومتوافرة بشكل دائم، وهذه الظاهرة موجودة في العالم، ولكن يبقى هدفنا الأساس التنمية وحثهم على العادات والتقاليد والأخلاقيات الإعلامية لنحصن المجتمع.

- سبكار: نحن نرى السوشال ميديا من جانب سلبي فقط، مع أنه يوجد في التلفاز والوسائل الإعلامية الأخرى، وبعض القنوات التي تثير الجدل أيضاً، ولكن نركز على السوشال ميديا؛ لأن انتشارها أوسع وأكبر.

"الوطن": ولكن التلفاز والصحف غير متاحة للجميع، على عكس السوشال ميديا التي تكون مفتوحة للجميع!

- سبكار: هذا صحيح، اليوم المنصات الرقمية متاحة للجميع وأي شخص يمكن أن يصور أو يقول ما يشاء، وينشر وتبدأ الإشاعات في الظهور، ولكن الأمر الجيد مع وجود المسؤولين للردع واتخاذ الإجراءات اللازمة، والحل موجود لدى كل فرد، وهو يكمن في تحمل المسؤولية.

مؤخراً تم تداول "بوست" معين في إحدى المجموعات، وعندما أعرب أحد الأشخاص عن خطأ ما في محتوى البوست تم حذفه نهائياً حتى لا ينتشر أكثر، نحن نريد أشخاصاً كثيرين من هؤلاء حتى نقنن ثقافة عدم انتشار ما قد يؤذي الآخرين، ويجب أن نكون جميعنا على قدر من الوعي والمسؤولية حول ما ننشره، ويتم التداول به.

يوجد تطبيقات كثيرة ظهرت في الآونة الأخيرة ولا يوجد عليها رقابة، وليس هناك أي قدرة على التحكم فيما يمكن التحدث به أو نشره أو تصويره في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن التأثير واسع وقوي وخصوصاً على الأطفال، فقد أصبح لديهم اطلاع على أمور كثيرة في السوشال ميديا، وقد تصل إليهم فيديوهات في أماكن من جميع أرجاء العالم لا تستطيع منعهم من ذلك ولكن وجب التنويه، لأن المسؤولية على الأفراد، والأهم من ذلك هو وجود مجتمع واعٍ في جميع الأمور، صحياً وعلمياً واقتصادياً واجتماعياً ومادياً.

- شهاب: السوشال ميديا لها جانب إيجابي، ولكن ما يظهر الآن هو فقط الجانب السلبي والمشاكل، على الرغم من أن الميديا متاحة للجميع ولكن في دراساتنا وأبحاثنا ومناقشاتنا نركز على ما هو موجود في الساحة من وراء استخدام هذه الوسائل، فنجد التشهير ببعض الأفراد باستخدام أسلوب الضغط والتهديد ومشكلات المراهقين والطفولة.

قبل أن نلقي باللوم على السوشال ميديا، يجب أن يكون هناك تأسيس من الأسرة ورادع وخصوصاً للأطفال، كما يجب أن يكون هناك رقابة للهاتف الذكي، ماذا يرون ماذا يحملون من تطبيقات لأن الأطفال يكونون فريسة سهلة في السوشال ميديا، ويسهل استغلالهم عن طريق الأشخاص السيئين في هذه المواقع.

نشدد على أن استخدام الهاتف يجب أن يكون له رادع حتى للكبار، فهم مسؤولون عن تصرفاتهم لأن ما ينشر في البحرين لا ينتشر فقط في البحرين وإنما في العالم العربي، وعند انتشار الفيديو، يتساءل من أين أتى هذا الفيديو ومن أي دولة؟ من البحرين، إذن، يجب أن يكون هناك رادع قانوني واجتماعي وأسري.

"الوطن": أليس الجانب السلبي بسبب أن المجتمع يركز على السلبيات أكثر من الإيجابيات؟

- شهاب: يوجد فئات كبيرة في المجتمع وثقافات مختلفة ويوجد شريحة في المجتمع البحريني لديها تنوع فكري، حيث أصبح من السهل أن ترى أحدهم يصور أبسط الأمور، فمثلاً عند ذهاب أحد المواطنين إلى مكان معين لقضاء مصلحة أو أمر ما وتقدم له خدمة سيئة أصبح من السهل أن يصور وينشر وتصبح سمعة المكان سيئة.

"الوطن": ولكن قد يساعد ذلك في أن يحسن هذا المكان خدماته؟

- شهاب: من الممكن، ولكن على حسب طريقة الشخص في طرح الأمر هل كان الأسلوب راقياً ومهذباً أم لا؟ فيوجد كثير من الأشخاص يطرحون أموراً على السوشال ميديا يتم تقبلها والتجاوب معها لأسلوبها الجيد ويتم التجاوب معها وتصحيحها، ولكن يوجد آخرون يقومون بطرح مواضيع ولكن "تزيد الطين بلة"، في المقابل هناك أمور أبسط لحل المشكلة مثل التحدث إلى أحد المسؤولين عن المكان دون التشهير بطريقة غير حضارية.

يبقى في المقام الأول دور الأسرة له الأهمية الكبرى، إذا تمت تربيتهم بطريقة سوية وسليمة لا خوف عليهم مما يفعلون، ويجب أن يكون للأم والأب الدور الأكبر في تعديل سلوكات الأطفال.

"الوطن": الرغبة موجودة ولكن هل القدرة موجودة لدى الأسرة، وما الفرق؟

- شهاب: دور الأسرة المراقبة بطريقة طبيعية وكيفية تواصل هذا الطفل مع الأفراد الآخرين، وأرى كثيراً من الحالات لأم وأب ينشغلان عن أطفالهم في وظائفهم والطفل وحيد الأسرة ومنعزل في الغرفة، ولا يعلمون ما يفعل أو مع من يتحدث، وبالتالي فإن غياب الرقابة والتوجيهات ما نراه اليوم في السوشال ميديا من أساليب خاطئة في التربية ويعود الأمر إلى التنشئة والتربية في المقام الأول.

- سبكار: نحن دائماً نشجع الآباء على أن يصبحوا أصدقاء للطفل في السوشال ميديا عن طريق المسابقات والتعليقات والإعجاب بالصور، أو إذا تم التقاط صور مع بعضهم البعض، وغيرها من الأمور التي تحث على كسب الطفل ليريك ما يفعله في السوشال ميديا.

هذه الأمور ليست مراقبة وإنما تعليم للطفل عما هو صحيح وما هو خاطئ، وعندما نكون أصدقاء مع أبنائنا على السوشال ميديا سيكون لدى الطفل القابلية والمبادرة ليريك من تلقاء نفسه ما يفعله على السوشال ميديا دون إحساسه بالتجسس، فيجب أن يتعود الطفل منذ الصغر على ذلك، كما يجب أن يعلم أننا كأسرة معه في السوشال ميديا.

- شهاب: ولكن هذا الأمر قد يصعب عند مواجهة طفل عنيد أو مراهق عنيد، فنحن نشدد دائماً على أن تكون الأم صديقة للفتاة وأن يكون الأب صديقاً للفتى، ويأتي الطفل العنيد من عدة عوامل أولها الدلال الزائد عن الحد، والبيئة المحيطة بالطفل وتدخل الأطراف الآخرين في تنشئة الطفل بصورة خاطئة، ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى توجه الطفل لاتخاذ سلوكات سلبية.

يوجد كثير من الحالات التي أراها من أولياء أمور قد يصل بهم الأمر إلى فقدان السيطرة على أبنائهم ولا يستطيعون التصرف معهم، وقد يصل الأمر إلى قضايا اجتماعية وتحال إلى جهات معينة فهناك أسر غير سوية.

- محمد: الأسرة عليها الدور الأكبر في تنشئة الطفل "فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فالشارع لا يربي ولكن الأسرة تربي، كان في السابق حضانات ثقافية كالمدرسة والشارع والجيران، الآن هذا غير موجود.

هناك فجوة كبيرة بين الأجيال، ونحن نتحدث عن مجتمع لأن كل جيل يعتقد أنه الأفضل، وعندما ظهرت السوشال ميديا أثارت الجدل عند كثير من الناس ولكن بعد فترة سيظهر شيء آخر، موضوع التنشئة الأسرية مهمة والتربية الإعلامية.

لا بد من الإشارة إلى أن وزارة الإعلام تقدمت بمقترح لجامعة الدول العربية يتضمن إدراج مقرر التربية الإعلامية لكل المراحل، وكان من المفترض أن يطبق ولكن بسبب كورونا تم التأجيل.

نحن نحتاج لتعزيز الوطنية من خلال السوشال ميديا. نعزز الاحترام والتعايش والتربية والحب لهذا الوطن ونظهر الإيجابيات وقصص النجاح.

ويفترض أن نتحدث بلغة أطفالنا؛ لأنهم أصبحوا متفوقين في السوشال ميديا، عندما أصل إلى نفس مستواه الفكري سنقوم بسد الفجوة، ولكن عندما تُفاجأ أن الأسرة مشتتة وكل شخص يحمل هاتفه وفي عالم منعزل عن الآخر ونتراسل في نفس المكان عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، هذه إشكالية فغياب التواصل الأسري والحوار يؤدي إلى تفاقم المشكلة.

**************

"الوطن": كيف يتم ضبط التربية الإعلامية أمام هذا الفضاء المفتوح والمتروك للجميع؟

- محمد: يجب أن يكون هناك تقبل للرأي والرأي الآخر، وأهمية وجود أخلاقيات في الإعلام والسوشال ميديا، وكيفية توصيل رسالتي بطريقة إيجابية، وكيف يخذلنا التعبير في بعض الأحيان.

يجب أن نعلم كيفية التواصل والتعلم وكيف ترى هذا الفضاء الإعلامي المفتوح وتروج لقصص النجاح وكيف تعرف أن هذا أمر صحيح أم خاطئ، وأنك عندما خالفت القانون كان هناك رادع.

"الوطن": ما هي أسباب تأثير السوشال ميديا على المجتمع؟

- محمد: أحد الأسباب، سهولة الاتصال التي أصبحت موجودة في جميع الهواتف وأصبح هناك هوس لكثير من الأشخاص عن طريق سعيهم للشهرة السهلة والرخيصة التي تقوم على السب أو إحداث ضجة ببعض الكلمات والتفاعل والاستعراض أمام الناس، ويكون هناك رغبة عند بعض الأشخاص في الحصول على المتابعة من الآخرين وهناك من يشحذ "اللايكات" ويشعر بالنشوة كم عدد من تابعني وكم عدد من يشاهدني ولا يوجد رقابة فالدور الرقابي والتشريعي قليل.

- سبكار: يوجد في البحرين 1.4 مليون حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو رقم خرافي مقارنة بعدد السكان البالغ 1.7 مليون نسمة، وذلك يعني أن الذين لا يستخدمون السوشال ميديا هم 300 ألف فقط.

كما أن عدد من يحملون النقال في البحرين يتجاوز 2.6 مليون شخص، ما يعني أن كل فرد في البحرين لديه خطان وجميعها تحتوي على وسائل التواصل، إذن، ليس موضوعنا لماذا تؤثر السوشال ميديا، لكن الموضوع الأساسي كيفية المعالجة والتقصير من الجهة المعنية التي لا تساهم في دراسة السوشال ميديا.

يجب البدء بتعليم الأطفال من الحضانة على السوشال ميديا والهاتف الذكي وكيفية استغلالها بالطرق الصحيحة، كما أقترح تضمينها في المراحل الدراسية؛ لأنهم يستمعون إلى معلميهم أكثر من الأسرة.

- محمد: مقرر التربية الإعلامية الذي تقدمت به وزارة الإعلام كمقترح للأمانة العامة لجامعة الدول العربية وتم الاتفاق عليه من قبل الدول العربية وعملنا وثيقة استرشادية لموضوع التربية الإعلامية وهذه خطوة ومبادرة من البحرين. ووافقت جامعة الدول العربية وكان من المفترض أن نلتقي بهم لعرض الآلية ولكن تأجل الموضوع بسبب كورونا.

- شهاب: اليوم المشرف الموجود في معظم المدارس ليس له القدرة أو القابلية على المعالجة أو التوجيه والتربية والإرشاد، فغياب المرشد الاجتماعي في المدرسة أو الاستشاريين النفسيين، يمكن أن يضع بعض السلوكات السيئة لأن الطالب يتأثر كثيراً بالمعلم ويقتدي به.

وإذا وجد مشرف لتوجيه الطلبة بهذه الأمور وتثقيفهم في هذا الجانب سنحل مشكلة كبيرة في هذا الجيل ومن السهل أن يضع أي شخص مسمى على السوشال ميديا مثل صانع السعادة أو البهجة، من أين أتت هذه المصطلحات؟

"الوطن": إلى أي مدى يعالج القانون مشكلة السوشال ميديا؟

- محمد: لا يوجد فراغ تشريعي، نحن كوزارة شؤون الإعلام معنيون بتطبيق قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر الذي يخص المؤسسات الإعلامية فقط، ولسنا مسؤولين عن وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات الشخصية.

لا نتدخل في السوشال ميديا، فحن لسنا مختصين بالحسابات الشخصية وهناك فرق كبير بين وسائل التواصل ووسائل الإعلام، لأنها تعتبر وسائل اتصال وتواصل، حتى القانون الجديد لا يتطرق إلى الحسابات الشخصية، لكن لدينا جهات أخرى مثل الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات وكلها تدرج جزءاً منها من موضوع السوشال ميديا.

"الوطن": نرى تجاوزات متكررة ولا نرى تصدياً فما السبب؟

- محمد: الإجراءات تكون بناءً على شكوى، ويوجد جزء مهم هو أن نعزز ثقافة التغاضي في المجتمعات الخليجية.

- سبكار: يجب أن يقدم أحد الشكوى، ووزارة الداخلية لا تقوم بالتدخل إلا عند الشكوى أو حينما يتم تصوير أمور مخلة أوعند التحدث عن أمور سيئة، ولا يمكن مراقبة جميع وسائل التواصل الموجودة لضخامة العدد، ويوجد شكاوى كثيرة ولكن لا تصل إلى الإعلام وهناك قضايا كبيرة لا تصل إلى الصحافة، قد يكون لأسباب عدة بينها أن بعض الأشخاص نشروا أشياء وتأسفوا لذلك أو كان عن طريق الخطأ وتمت المصالحة.

"الوطن": ما رأيك في موضوع التغاضي من بعض المواطنين في عدم الشكوى؟

- محمد: يمكن أن تكون غير متضرر ولكن يوجد أطفال قد يتأثرون أو يكون لهم نسبة ضرر مما يحدث ويؤثر على المجتمع.

"الوطن": لماذا ينظر المجتمع للأشياء السلبية فقط؟

- شهاب: الفراغ بوجود كورونا، فقبل الجائحة كان استخدام الوسائل التواصل مختلف تماماً عن الآن، حتى في طريقة الانتقادات والانشغالات التي كان ينغمس بها الإنسان تقلصت وأصبح الهاتف يأخذ حيزاً كبيراً بشكل يومي وترى ما يحدث في جميع الوسائل فأصبح الهجوم على ما ينشر أكثر بكثير من قبل، فمتسع الوقت يولد هذه الأمور.

- محمد: هناك عمل ممنهج لضرب القيم والعادات، ولا نغفل أن هناك قوة تعمل على ضرب المجتمعات، ففي السابق كانت الحروب عن طريق الدبابات والآن أصبحت عن طريق السوشال ميديا والإعلام لأنها متوافرة، وأصبح من السهل اختراق المجتمع وهدم عاداته وهدم احترامك للآخرين والكبار وضربك للأنظمة والقوانين.

يجب الالتفات إلى هذه النقطة، ولا نفكر فيها على أنها وسيلة اتصال ولكن هناك أبعاد خفية، فاقتصار صورة النجاح فقط في المال وهذا ما يصوره مشاهير السوشال ميديا والفاشنستات، فأصبح الجيل يتحدث بهذا المعيار وقلص مفاهيم النجاح التي تعرفها البشرية كالخلق والمواطنة والتميز والآداب والفكر والتحصيل العلمي والنجاح العملي، حتى أصبح هناك نظرية التفاهة التي أصبحت تسود بعض المجتمعات وتعمل على استسهال كل ما يضرب العادات والتقاليد والقيم.

أتمنى أن نساهم في تعزيز ثقافة الشكر في المجتمع وأن نبرز القدوات والأشخاص الناجحين، أعتقد أن النجاح معدٍ والسعادة معدية، ننشر في السوشال ميديا عبارات السعادة وقصص النجاح، وأيضاً لدينا في الخطة الوطنية لتعزيز الولاء والانتماء الوطني أكثر من مبادرة، أغلبها كانت عن طريق السوشال ميديا ومنها قصص النجاح.

- سبكار: التركيز على الموضوع السلبي هو شيء سيكولوجي، دائماً يحب الناس الحديث عن الأشياء السيئة والسلبية وهذه عادة في الإنسان، الجميع يتحدث عن المشاكل فقط. لدينا في البحرين نماذج مشرفة وإيجابية كثيرة، ويجب نشر الأمور الايجابية، فإنجازات الشباب موجودة في جميع التخصصات وهذا شيء نفخر به.

"الوطن": كيف تعالج الإحباط من التعليقات السيئة؟

- سبكار: لا تلتفت للتعليقات، من يفعل ذلك يريد متابعات وضجة ليحصل على متابعات وانتباه من الآخرين، ومشكلة البعض تكمن في مصلحتهم الشخصية فالبعض يريد منصباً والبعض يريد مالاً أو متابعة. الناس تكتب عبارات سيئة وأصبح لا يوجد حياء مما يكتبون.

يجب أن يبدأ التعليم من المرحلة الابتدائية لمفهوم السوشال ميديا، وفي المرحلة الثانوية يجب تعليمهم مفهوم الترويج الذاتي. أقترح عندما يتقدم أحد لوظيفة الاطلاع على حساباته في السوشال ميديا، لمعرفة أفكارهم وأين تذهب.

- محمد: الإنسان الواعي والناجح يأخذ جميع هذه التعليقات ويعزز بها نقاط القوة لديه ويقلل من نقاط الضعف، فالانتقاد والسلبية موجودة في كل مكان، ولكن إذا اهتممنا بها بشكل سلبي، فلن نتقدم في شيء.

- شهاب: هناك انتقادات وهذا أمر طبيعي لأنه لا يوجد أحد كامل ولا يوجد أشياء تعجب الجميع وخصوصاً في السوشال ميديا، ولا بد من وجود الانتقاد لكن عندما تستخدم في البداية مصطلحات خاطئة، يوجد أشخاص يتعمدون أن يستفزوا المستمع أو المتلقي للحصول على الشهرة، ولكن عند تقديم مادة مثلاً تثقيفية بأسلوب محترم وراقٍ وبطريقة صحيحة سترى انتقادات قليلة وليسن بالكم الهائل وهناك أشخاص يحرجون لتعرضهم للسخرية، فالبعض يقدم مواد دسمة للسخرية.

اليوم في السوشال ميديا، يوجد كثير من الحسابات باحث ومرشد واختصاصي وعلاقات أسرية وصانع المحبة وسفير النوايا الحسنة، وما هو محتواهم وماذا لديهم وماذا يقدمون؟.

- محمد: سأعقب على نقطة، وهي يجب التفرقة بين الإعلامي والإعلاني، فليس كل من يظهر في السوشال ميديا هو إعلامياً، وهناك فرق بين المؤثر بالمحتوى الإيجابي وبين من يستخدم السوشال ميديا فقط، إذن نحن نحتاج قدوات إيجابية.

"الوطن": ولكن ألا تعتبرون أن هذه أمور شخصية؟

- سبكار: أي شيء لا يجوز نشره اليوم وعندما تنشر شيئاً ما، فهو يعبر عن شخصيتك، ولا يوجد شيء اسمه خصوصية في السوشال ميديا، وما يتم نشره يعكس شخصيتك بشكل أو بآخر.

- شهاب: عندما تنشر أو تبعث شيئاً إلى صديق فلم يعد الأمر بيدك.

- محمد: "الحساب ساحب"، فالحسابات التي تتابعها تعكس وعيك وثقافتك وإن لم تستطع أن تشغل فراغك بشيء جيد فستنشغل بشيء سيئ، نحن كوزارة شؤون الإعلام نحرص على موضوع التوعية، ويوجد حملات كثيرة وكان آخرها حملة "قل خيراً" الاجتماعية، وتهدف الحملة إلى الحد من التنمر الإلكتروني والتوعية بقوة وأثر الكلمة.

- سبكار: ما تقوم بمتابعته يمثل شخصيتك، قدمنا في نادي الإعلام الاجتماعي دورات ولكن المشكلة نحن بمفردنا ونحتاج دعماً من جهات كثيرة ويجب أن يكون كل شخص مسؤولاً.

- شهاب: يجب أن يكون هناك دعم من جميع الجهات المعنية، ولا يمكن إنجاز شيء بشكل فردي.