يرى البعض أنه ينبغي في البلاد التي تحكمها المؤسسات والقانون ويتوفر فيها هامش للحريات واسع مثل البحرين أن يعمد كتاب الرأي إلى «الدوس في كبد الحكومة» وشن الهجوم على المؤسسات والأفراد واعتماد أسلوب الفضايح وقول كل ما يشاؤون قوله من دون وضع أي اعتبار لأي شيء وإلا فإنها بعيدة عن الديمقراطية.

ولكن لأن هذا الأمر غير متوفر وغير وارد حتى في البلدان التي يطرب ذلك البعض إن ذكر اسمها أمامه ويؤمن بأنها ديمقراطية إلى حد النخاع لذا فإنه قابل للأخذ والرد، إذ من غير المنطقي أن تكون البحرين استثناء فيحق لكل صاحب قلم أو لسان أن يكتب أو يقول ما يشاء من دون اعتبار لأي شيء.

منطقاً وعرفاً وشرعاً وقانوناً لا يمكن لعاقل أن يقول بأن الإساءة إلى الآخرين عبر مقال رأي مكتوب أو غير مكتوب يدخل في باب الحريات، ولا يمكن له أن يقول بأن عدم السماح للإساءة إلى الآخرين يعني غياب الحريات والديمقراطية، فهناك قواعد وأسس لا يمكن تجاوزها حتى لو لم تكن مصاغة في قانون.

هناك أمر آخر ينبغي من أولئك الانتباه له وهو أن البحرين تمر بمرحلة وظروف تتطلب وقوف جميع المواطنين، وأولهم كتاب الرأي إلى جانب الحكم ودعم الحكومة بكل ما أوتوا من قوة وخبرة. ممارسة الحريات لا يمكن أن تكون على حساب الوطن. الوطن أغلى وأهم، وكل شيء دون الوطن يهون. هذا لا يعني سكوتهم وغض الطرف عن الأخطاء والتجاوزات والتقصير، فمن دون النقد لا يمكن للأمور أن تستقيم ولا يمكن لفت انتباه المسؤولين إليها لإصلاح المعوج وتصحيح الأخطاء.

هذا وذاك يقودان إلى أمر ثالث ينبغي وضعه في الحسبان أيضاً وهو أن هناك فارقاً كبيراً بين النقد والإساءة، حيث النقد يرمي إلى لفت انتباه المعنيين بغية تصحيح خطأ أو تجاوز، بينما الإساءة خارجة عن أعرافنا وتقاليدنا وشرعنا.