سُررتُ جداً لأن قانون الصحافة الحديث والعصري سَيُعرَض أخيراً على السلطة التشريعية للتصويت عليه، ومن أهم بنوده التحديثية عدم حبس الصحافي، وإدراج تنظيم الإعلام الإلكتروني الخاص بالمؤسسات -وليس الحسابات الفردية- ليشملها القانون، فتلك التحديثات أو التعديلات هي رغبة وتوجيه ملكي إلى جانب كونها مطالب ملحة من الجسم الصحفي، ومن شأنها لو صدرت كمرسوم نهائي أن يقدم موقع البحرين خطوات إلى الأمام في قوائم الدول في نطاق الحريات والحقوق، وهذا هدف هام بحد ذاته.

إنما بالمقابل وهذا الأهم من وجهة نظري، أهم من المكسب الذي ناله الجسم الصحفي، أن تلك الحريات ستُحَمِل الصحافي مسؤولية مضاعفة كي يُقدر ويُثمن ويَعرف ثقل مسؤولية هذه الحرية والتزاماتها الأخلاقية قبل المهنية.

فالتسرع وعدم الدقة وعدم القيام بالواجب من التحري والاستقصاء والسؤال جميعها ستكون تحدياً أمامنا، فلا يعني عدم حبس الصحافي أن لنا مطلق الحرية دون ضوابط، فالمساس بسمعة الناس وشرفهم سيظل جريمة يحاسب عليها، ولننتبه أن شرف الناس لا يقتصر فقط على اتهامات متعلقة بالخيانات الزوجية، بل سمعة الناس وشرفهم تُخدش وتُجرح حين يتهم الفرد بخيانة الأمانة سواء كانت الأمانة حماية المال العام أو حتى حماية الكلمة، ستبقى الاتهامات بالمساس بالمال العام -دون دليل- جريمة جنائية أخلاقية ومهنية، كنتَ صحافياً أو غير صحافي، ومثلما لنا سمعة نحميها ولا نقبل المساس بها، للآخرين سمعة أيضاً تتضرر من سوء استغلال تلك الحريات.

لذلك سيبقى حق الاعتراض وحق الشكوى متاحاً للمتضررين للجوء للقضاء، وعلينا احترام تلك الحقوق إن كنا ندعو لدولة القانون ودولة المؤسسات.

كما أن الجسم الصحافي نفسه عليه أن ينظم مجالسه التي تنظر في هذه القضايا وهناك أمثلة دولية كثيرة تحفظ للمهنة أخلاقياتها ومهنيتها، فلا يشعر الصحافي بأن حريته بلا سقف وبلا ضوابط، مثلما يريد أن يشعر بالحماية والرعاية من خلال تلك المجالس.

إنه الاعتدال والتوازن ما يحفظ لنا سيرورة الحياة وتقدم المسيرة وتطور الأداء، وكلما أحسنا كإعلاميين توظيف تلك الحريات لخدمة الصالح العام كلما كان استحقاقنا لها عن جدارة وكنا على قدرها وقدر حمل ثقلها.