تقول صديقتي أقضي جل وقتي في قضاء حاجات الناس وفي مساعدتهم لا مادياً فحسب بل وحتى معنوياً، ووصلت إلى قناعة بأن الله يحبني بسبب عطائي للناس وحسن عبادتي وأنه لن يخذلني أبداً لو دعوته أو طلبته وأنني لن أصاب أو أُبتلى، وصُدمت حين أُصبت بمصاب جلل، فتساءلت كيف؟ لماذا؟ أليس من المفروض أن لا أُبتلى؟ ألم يقل الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات...» كيف لم أنجُ من الابتلاء؟ أين إذاً تلك الآمال التي بنيتها؟ ألم تقل خديجة لزوجها حين أتاها خائفاً «لا تخف.. كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» إذاً لِمَ أبتليت؟ بقيت في حيرة واكتئاب شديدين إلى أن قرأت ذات يوم تلك الآية في سورة العنكبوت «ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين».
بغض النظر عن الابتلاء إنما انتبهت إلى أنني أتصرف وكأنني أقول لرب العباد ماذا تريد أكثر من ذلك؟ إنني أحسن من كثير من عبادك، يالله كم خجلت من نفسي، تقول صديقتي، لقد استوقفتني هذه الآية فأعدت حساباتي من جديد، وراجعت نفسي، فوجدت أنني طلبت «المقابل» لعطائي من رب العالمين بالحساب الفوري، وكأنني أمن عليه بالخير الذي أعمله، وكأني ما أطعته وما عبدته إلا لغاية، فلما لم أحصل عليها تضايقت منه، أي غرور أصابني لمجرد أنني جهدت ونسيت أن جهدي كان لي؟ ورب العالمين غني عنه، وليس لي أن أعاتب رب العالمين على جزاء احتسبه أصلاً لي، وفوق هذا أطلب المقابل الآن وبالشكل الذي أريده؟!
غرور الإنسان حين يجتهد في إرضاء الله يدفعه لتزكية نفسه أحياناً وللاقتناع بأنه خير من الآخرين، وأن ما يقدمه قد أرضى الله، حتى تصدمك تلك الآية فتعيد أمورك لنصابها الصحيح وحجمها السليم، فترجو الله وتتوسل إليه أن يتقبل منك صالح الأعمال، وتخلص في نفسك كي تكون نقية خالصة صافية لله، وأنت غير متيقن بأنها صالحة تماماً، إنك تطيع ربك وتقدم صالح الأعمال لأن الله رب العالمين يستحق أن يُعبد، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه «إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك ولا رغبةً في ثوابك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك».
لهذا مهما كنت عابداً زاهداً مؤدياً جميع فرائضك، تواضع أمام الآخرين أولاً فلست بخيرهم، ولست بأعلى منزلة عند رب العباد، والآخرون ليسوا على شيء كما تظن، كما تواضع لله فما تقدمه هو في رصيدك أما هو فغني عن جهدك.
وأخيراً نظرت لابتلائي وتساءلت من قال إن ما حدث -وإن كرهته- شر لي؟ ربما هو خير، من قال إن ألمي لمصابي مكروه؟ أليس هناك احتمال أن ميزاني خفيف ومن لطفه سبحانه وتعالى أراد أن يثقله بذكره وبرجائه وبالتوسل إليه، ولولا هذا الابتلاء لما ذكرته هكذا؟ قد يكون وراءه خير وستبديه الأيام لاحقاً.
أخيراً،
إلى كل من نظر إلى الناس على أنهم أقل إيماناً منه، تواضع.
إلى كل من أبتلي، اصبر.. وبشر الصابرين.
إلى كل من فقد الأمل.. ولا تقنطوا من رحمة الله.
بغض النظر عن الابتلاء إنما انتبهت إلى أنني أتصرف وكأنني أقول لرب العباد ماذا تريد أكثر من ذلك؟ إنني أحسن من كثير من عبادك، يالله كم خجلت من نفسي، تقول صديقتي، لقد استوقفتني هذه الآية فأعدت حساباتي من جديد، وراجعت نفسي، فوجدت أنني طلبت «المقابل» لعطائي من رب العالمين بالحساب الفوري، وكأنني أمن عليه بالخير الذي أعمله، وكأني ما أطعته وما عبدته إلا لغاية، فلما لم أحصل عليها تضايقت منه، أي غرور أصابني لمجرد أنني جهدت ونسيت أن جهدي كان لي؟ ورب العالمين غني عنه، وليس لي أن أعاتب رب العالمين على جزاء احتسبه أصلاً لي، وفوق هذا أطلب المقابل الآن وبالشكل الذي أريده؟!
غرور الإنسان حين يجتهد في إرضاء الله يدفعه لتزكية نفسه أحياناً وللاقتناع بأنه خير من الآخرين، وأن ما يقدمه قد أرضى الله، حتى تصدمك تلك الآية فتعيد أمورك لنصابها الصحيح وحجمها السليم، فترجو الله وتتوسل إليه أن يتقبل منك صالح الأعمال، وتخلص في نفسك كي تكون نقية خالصة صافية لله، وأنت غير متيقن بأنها صالحة تماماً، إنك تطيع ربك وتقدم صالح الأعمال لأن الله رب العالمين يستحق أن يُعبد، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه «إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك ولا رغبةً في ثوابك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك».
لهذا مهما كنت عابداً زاهداً مؤدياً جميع فرائضك، تواضع أمام الآخرين أولاً فلست بخيرهم، ولست بأعلى منزلة عند رب العباد، والآخرون ليسوا على شيء كما تظن، كما تواضع لله فما تقدمه هو في رصيدك أما هو فغني عن جهدك.
وأخيراً نظرت لابتلائي وتساءلت من قال إن ما حدث -وإن كرهته- شر لي؟ ربما هو خير، من قال إن ألمي لمصابي مكروه؟ أليس هناك احتمال أن ميزاني خفيف ومن لطفه سبحانه وتعالى أراد أن يثقله بذكره وبرجائه وبالتوسل إليه، ولولا هذا الابتلاء لما ذكرته هكذا؟ قد يكون وراءه خير وستبديه الأيام لاحقاً.
أخيراً،
إلى كل من نظر إلى الناس على أنهم أقل إيماناً منه، تواضع.
إلى كل من أبتلي، اصبر.. وبشر الصابرين.
إلى كل من فقد الأمل.. ولا تقنطوا من رحمة الله.