منذ بدايات جائحة كورونا وكان لسان حال الناس يتركز في عملية البحث عن «علاج» يقضي على هذا الوباء و«لقاح» يجنبهم الإصابة.

وأيضاً منذ بدأت هذه الأزمة الوبائية العالمية انتشرت التحليلات والافتراضات بشأن نشأته وانتشاره، طبعاً كانت ما بين مؤمن بأنها أمر حصل بتلقائية، وما بين مؤمن بأن وراء العملية كلها أياديَ بشرية.

إلا أن بغض النظر عن ذلك كله، كان العالم يتفق على ضرورة إيجاد علاج لإنقاذ البشر، وضرورة إيجاد لقاح يجنب الناس الإصابة ويجنب البشرية مزيداً من الخسائر في الأرواح.

إلى هنا ونحن كبشر متفقون، لكن المشكلة حصلت بعد ذلك، وتحديداً بعد اكتشاف عديد من اللقاحات وإجراء تجارب عليها، وإثبات فعالية أنواع منها وبدء طرحها للناس إما للتشافي أو لتجنب الإصابة، هنا بدأ الناس الذين كانوا يبحثون عن «علاج» بدؤوا في «معارضة العلاج»!

فقط أتخيل لو أننا على مستوى البحرين فقط، لو أن الجميع دون استثناء أخذ اللقاح الذي طرحته الدولة بالمجان علينا، وهي في المقابل تكبدت ملايين الدنانير حتى توفره، لو جميعنا أخذنا هذا اللقاح منذ بداية طرحه واستخدامه، هل كنا سنصل اليوم لمرحلة نرى فيها إصابات تتعدى الألف شخصٍ في اليوم الواحد؟! هل كنا سنصل لمرحلة اليوم نحاول فيها جاهدين وبطرق مهذبة ومحفزة أن نطلب من الناس المسارعة لتلقي العلاج حفاظاً على أنفسهم أولاً ومن ثم حفاظاً على المجتمع؟!

أقول لو أننا جميعاً أخذنا اللقاح منذ بداية طرحه ألم نكن سنغير الكثير من الواقع الذي نعيشه اليوم؟! ألم نكن سنساهم بقوة في احتواء هذا الوباء والقضاء عليه؟! ألم نكن قد منحنا حياتنا فرصة لاستعادتها بالكامل دون أن تتضرر الحياة الاجتماعية والعملية ودون أن يتضرر أبناؤنا في دراستهم ودون أن يتأثر اقتصاد بلادنا ودون أن نضطر لمزيد من الإجراءات ودون أن تضطر الدولة لتسخير ملايين جديدة من الدنانير لمواجهة الجائحة؟!

ورغم أن البحرين سعت جاهدة للتعامل مع الأزمة دون اللجوء لخيارات صعبة من «الحظر والإغلاق» وهي إجراءات تمت في عديد من الدول منها المتقدمة علمياً ومالياً علينا، إلا أن البعض مازال ينسى كل شيء فعلته البحرين ومازال يصر على رفض تلقي اللقاح، بل ويشكك الآخرين فيه، ويمضي لممارسة حياته بشكل طبيعي دون أي اعتبار لمخاطر ذلك على الآخرين.

اليوم ورغم التسهيلات العديدة، ورغم إعادة فتح دور العبادة بتوجيهات ملكية سامية، مازال البعض لا يريد أن يمنح أفضلية «وقائية» للمتطعمين، بل يريد منح الأفضلية لمن مازال يرفض «الأخذ بالأسباب» ويعارض التطعيم ويؤثر على الآخرين بشأنه، وهنا أقول: ما ذنب المتطعمين والآخذين بالأسباب حتى يقبلوا «المخاطرة» بمخالطة من يرفض التطعيم ويصر على أنه «أقوى» من كورونا؟!

جلالة الملك حمد حفظه الله أخذ التطعيم بنفسه، ضارباً لكم مثالاً صريحاً في أهمية الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، أفلا يترك البعض عنهم التعاطي السلبي مع مسألة مواجهة الوباء واحتوائه؟!

تخيلوا لو الجميع تطعم منذ البداية، ألم نكن قد استعدنا حياتنا الطبيعية بنسبة كبيرة وقبل شهور عديدة من الآن؟!