قدم الدكتور عبدالناصر الجراح أستاذ تربية الموهوبين في جامعة الخليج العربي ورشة عمل بعنوان التصاميم التجريبية، هدفت الورشة إلى تعزيز المعرفة العلمية في مجال البحث العلمي والتربوي لدى المشاركين، وخاصة فئة طلبة الدراسات العليا، كما سعت إلى تعريف الطلبة بالتصاميم التجريبية وشبه التجريبية والتصاميم العاملية التي يمكن استخدامها في بحوثهم.
وأشار الدكتور الجراح إلى تعدد مناهج البحث وذلك تبعا لطبيعة الظاهرة المدروسة، والأهداف التي نسعى إلى تحقيقها، وأن هذه الظواهر لا توجد بشكل منفصل أو مستقل وإنما ترتبط بغيرها من الظواهر الأخرى، وفي هذه الحالة يتم تناولها ضمن المنهج الوصفي الارتباطي الذي يبحث في العلاقة الارتباطية بين المتغيرات، في حين ان هناك ظواهر أخرى تتفاعل وترتبط فيما بينها، لا بل وتؤثر في بعضها البعض، والتي يكون فيها أحد المتغيرات أو أكثر سبب في التغير الذي يحدث في المتغير الآخر، والذي ندرسه أو نبحثه من خلال البحوث التجريبية والتي تسعى إلى الكشف عن العلاقة السببية بين المتغيرات (والتي يطلق عليها المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة). وأنه لدراسة العلاقة السببية بين هذه المتغيرات، يتوجب على الباحث اختيار نوع التصميم التجريبي الذي يلائم طبيعة الدراسة التجريبية، والذي يمثل الخطة التي في ضوئها يتم تخصيص الافراد وفقا للظروف التجريبية او المعالجات التجريبية للأفراد في عينة الدراسة .
وبيّن الجراح أن التصاميم التجريبية تأخذ عدة أشكال، وأن بعض هذه التصاميم أفضل من الأخرى بسبب قدرتها على ضبط العوامل التي تهدد الصدق الداخلي والخارجي للبحث أو التجربة. ويقصد بالصدق الداخلي هو أن الأثر الذي يحدث في المتغير التابع ناتج عن المعالجة للمتغير المستقل وليس لمتغيرات أخرى دخيلة، ومن هذه المهددات التاريخ، والنضج، والاختبار القبلي ، ودقة أدوات القياس أو المقايسة ، والانحدار الإحصائي ، واختلاف المعاينة ، والفقد أو الهدر للعينة، وتفاعل الاختيار مع النضج والتاريخ. أما الصدق الخارجي، فيقصد به القدرة على تعميم نتائج البحث خارج نطاق العينة ليشمل كامل المجتمع المستهدف. وله عدة محددات منها: تفاعل الاختبار القبلي مع المعالجة، وتفاعل الاختيار مع المعالجة، وتداخل المعالجات المتعددة وخصوصية المتغيرات، وتفاعل التاريخ مع التجربة، وتأثيرات الباحث، وانتقال تأثير المعالجة، وتفاعل وقت القياس مع التجربة، والأثر الإيجابي او السلبي للتجربة مثل أثر هوثورن أو أثر جون هنري، وأثر الجدة، والأثر الوهمي.
ثم عرض الجراح أنواع التصاميم البحثية، والتي اشتملت على التصاميم ما قبل التجريبية والتصاميم التجريبية الحقيقية والتصاميم شبه التجريبية، وبيّن ميزات ومهددات كل من هذه التصاميم . وأشار الجراح إلى أن التصاميم ما قبل التجريبية تتصف بالضعف لأنها لا تضبط العوامل التي تهدد الصدق الداخل، ومن هذه التصاميم: تصميم مجموعة تجريبية واحدة واختبار بعدي. وتصميم مجموعة واحدة مع اختبارين قبلي وبعدي. وتصميم المجموعة الساكنة (قائمة) للمقارنة. وتصميم المجموعة الساكنة (قائمة) للمقارنة مع وجود اختبارين قبلي وبعدي.
أما التصاميم التجريبية الحقيقية فهي توفر عناصر الضبط لمهددات الصدق الداخلي . ولكنها قد لا تضبط مهددات الصدق الخارجي، وهي الأكثر قبولا، لدى الباحثين وفي المراجع . ومن هذه التصاميم: تصميم مجموعتين تجريبية وضابطة مع وجود اختبارين قبلي وبعدي، وتصميم مجموعتين مع اختبار بعدي فقط. وتصميم سولومون. والنوع الثالث هو التصاميم شبه التجريبية، والتي تستخدم عندما يصعب توفير ضبط تجريبي تام، وفي حالة عدم إمكانية الاختيار العشوائي والتوزيع العشوائي للمشاركين في التجربة، وأنها الأكثر انتشاراً واستخداما في المجالات التربوية. ومن هذه التصاميم: تصميم السلاسل الزمنية (المتوالية الزمنية)، وتصميم مجموعتين تجريبية وضابطة غير متكافئة، وتصميم التكافؤ الدوري، وتصميم المزاوجة فقط، والذي يتم فيه توزيع الأفراد المتناظرين (متماثلين) على المجموعتين التجريبية والضابطة بناء على نتائجهم على الاختبار القبلي.
وأوضح الجراح بأن معظم الظواهر النفسية والاجتماعية والتربوية متعددة العوامل، أي أنه قد يكون هناك متغيران مستقلان أو أكثر، وبالتالي نكون بحاجة إلى تصميم يعالج استخدام متغيرين أو أكثر، لذلك ظهرت ما تسمى التصاميم العاملية، وهي امتداد للتصاميم التجريبية، وتسمح بدراسة أثر متغيرين مستقلين أو أكثر في وقت واحد في متغير تابع، وتمتاز بالتعدد والتنوع تبعا لتعدد أبعاد أو مستويات المتغيرات المستقلة وتفاعلاتها. وتمكننا من زيادة الضبط التجريبي؛ فكلما أدخلنا متغيرات (الدخيلة) كمتغيرات مستقلة زادت عملية الضبط . كما تمكننا من الكشف عن وجود علاقات بين المتغيرات، والكشف عن أثر التفاعل بين المتغيرات المستقلة. كما أوضح أنه عند معالجة متغيرين مستقلين ويكون لكل منهما مستويان فقط يسمى هذا التصميم العاملي (2×2) حيث يشير العدد الاول الى عدد مستويات المتغير الأول، والعدد الثاني الى عدد مستويات المتغير الثاني. أما إذا كان عدد المتغيرات المستقلة ثلاثة ولكل منهما مستويان للمعالجة فقط فيكون التصميم (2×2×2)، ويمكن ان يكون التصميم (4×3×2) او (4×2×4) او (3×3×3) وهكذا تبعا لتعدد المتغيرات ومستوياتها.
وفي نهاية الورشة، تم إتاحة المجال للطلبة والمشاركين لطرح الأسئلة، والنقاش في مضامينها، وقد أكد الطلبة على مقدار الفائدة من الكبيرة من هذه الورشة، وطالبوا بورشات أخرى للحديث عن مناهج البحث الأخرى.
وأشار الدكتور الجراح إلى تعدد مناهج البحث وذلك تبعا لطبيعة الظاهرة المدروسة، والأهداف التي نسعى إلى تحقيقها، وأن هذه الظواهر لا توجد بشكل منفصل أو مستقل وإنما ترتبط بغيرها من الظواهر الأخرى، وفي هذه الحالة يتم تناولها ضمن المنهج الوصفي الارتباطي الذي يبحث في العلاقة الارتباطية بين المتغيرات، في حين ان هناك ظواهر أخرى تتفاعل وترتبط فيما بينها، لا بل وتؤثر في بعضها البعض، والتي يكون فيها أحد المتغيرات أو أكثر سبب في التغير الذي يحدث في المتغير الآخر، والذي ندرسه أو نبحثه من خلال البحوث التجريبية والتي تسعى إلى الكشف عن العلاقة السببية بين المتغيرات (والتي يطلق عليها المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة). وأنه لدراسة العلاقة السببية بين هذه المتغيرات، يتوجب على الباحث اختيار نوع التصميم التجريبي الذي يلائم طبيعة الدراسة التجريبية، والذي يمثل الخطة التي في ضوئها يتم تخصيص الافراد وفقا للظروف التجريبية او المعالجات التجريبية للأفراد في عينة الدراسة .
وبيّن الجراح أن التصاميم التجريبية تأخذ عدة أشكال، وأن بعض هذه التصاميم أفضل من الأخرى بسبب قدرتها على ضبط العوامل التي تهدد الصدق الداخلي والخارجي للبحث أو التجربة. ويقصد بالصدق الداخلي هو أن الأثر الذي يحدث في المتغير التابع ناتج عن المعالجة للمتغير المستقل وليس لمتغيرات أخرى دخيلة، ومن هذه المهددات التاريخ، والنضج، والاختبار القبلي ، ودقة أدوات القياس أو المقايسة ، والانحدار الإحصائي ، واختلاف المعاينة ، والفقد أو الهدر للعينة، وتفاعل الاختيار مع النضج والتاريخ. أما الصدق الخارجي، فيقصد به القدرة على تعميم نتائج البحث خارج نطاق العينة ليشمل كامل المجتمع المستهدف. وله عدة محددات منها: تفاعل الاختبار القبلي مع المعالجة، وتفاعل الاختيار مع المعالجة، وتداخل المعالجات المتعددة وخصوصية المتغيرات، وتفاعل التاريخ مع التجربة، وتأثيرات الباحث، وانتقال تأثير المعالجة، وتفاعل وقت القياس مع التجربة، والأثر الإيجابي او السلبي للتجربة مثل أثر هوثورن أو أثر جون هنري، وأثر الجدة، والأثر الوهمي.
ثم عرض الجراح أنواع التصاميم البحثية، والتي اشتملت على التصاميم ما قبل التجريبية والتصاميم التجريبية الحقيقية والتصاميم شبه التجريبية، وبيّن ميزات ومهددات كل من هذه التصاميم . وأشار الجراح إلى أن التصاميم ما قبل التجريبية تتصف بالضعف لأنها لا تضبط العوامل التي تهدد الصدق الداخل، ومن هذه التصاميم: تصميم مجموعة تجريبية واحدة واختبار بعدي. وتصميم مجموعة واحدة مع اختبارين قبلي وبعدي. وتصميم المجموعة الساكنة (قائمة) للمقارنة. وتصميم المجموعة الساكنة (قائمة) للمقارنة مع وجود اختبارين قبلي وبعدي.
أما التصاميم التجريبية الحقيقية فهي توفر عناصر الضبط لمهددات الصدق الداخلي . ولكنها قد لا تضبط مهددات الصدق الخارجي، وهي الأكثر قبولا، لدى الباحثين وفي المراجع . ومن هذه التصاميم: تصميم مجموعتين تجريبية وضابطة مع وجود اختبارين قبلي وبعدي، وتصميم مجموعتين مع اختبار بعدي فقط. وتصميم سولومون. والنوع الثالث هو التصاميم شبه التجريبية، والتي تستخدم عندما يصعب توفير ضبط تجريبي تام، وفي حالة عدم إمكانية الاختيار العشوائي والتوزيع العشوائي للمشاركين في التجربة، وأنها الأكثر انتشاراً واستخداما في المجالات التربوية. ومن هذه التصاميم: تصميم السلاسل الزمنية (المتوالية الزمنية)، وتصميم مجموعتين تجريبية وضابطة غير متكافئة، وتصميم التكافؤ الدوري، وتصميم المزاوجة فقط، والذي يتم فيه توزيع الأفراد المتناظرين (متماثلين) على المجموعتين التجريبية والضابطة بناء على نتائجهم على الاختبار القبلي.
وأوضح الجراح بأن معظم الظواهر النفسية والاجتماعية والتربوية متعددة العوامل، أي أنه قد يكون هناك متغيران مستقلان أو أكثر، وبالتالي نكون بحاجة إلى تصميم يعالج استخدام متغيرين أو أكثر، لذلك ظهرت ما تسمى التصاميم العاملية، وهي امتداد للتصاميم التجريبية، وتسمح بدراسة أثر متغيرين مستقلين أو أكثر في وقت واحد في متغير تابع، وتمتاز بالتعدد والتنوع تبعا لتعدد أبعاد أو مستويات المتغيرات المستقلة وتفاعلاتها. وتمكننا من زيادة الضبط التجريبي؛ فكلما أدخلنا متغيرات (الدخيلة) كمتغيرات مستقلة زادت عملية الضبط . كما تمكننا من الكشف عن وجود علاقات بين المتغيرات، والكشف عن أثر التفاعل بين المتغيرات المستقلة. كما أوضح أنه عند معالجة متغيرين مستقلين ويكون لكل منهما مستويان فقط يسمى هذا التصميم العاملي (2×2) حيث يشير العدد الاول الى عدد مستويات المتغير الأول، والعدد الثاني الى عدد مستويات المتغير الثاني. أما إذا كان عدد المتغيرات المستقلة ثلاثة ولكل منهما مستويان للمعالجة فقط فيكون التصميم (2×2×2)، ويمكن ان يكون التصميم (4×3×2) او (4×2×4) او (3×3×3) وهكذا تبعا لتعدد المتغيرات ومستوياتها.
وفي نهاية الورشة، تم إتاحة المجال للطلبة والمشاركين لطرح الأسئلة، والنقاش في مضامينها، وقد أكد الطلبة على مقدار الفائدة من الكبيرة من هذه الورشة، وطالبوا بورشات أخرى للحديث عن مناهج البحث الأخرى.